في كل مكان تقريبا، الزبون هو الملك، إلا في الجزائر، يصبح هذا الأخير وكأنه يستجدي عطف و"مِنَّة" أصحاب الخدمات، حتى وان كان يدفع مقابلها من ماله وجيبه الخاص، كما عليه أن يتحمل فوق ذلك غضب ونرفزة هؤلاء عليه، في موقفٍ مثير للسخرية حقا، هو أن تدفع ليس لتتلقى خدمة مميزة، وفق رغبتك أنت، إنما لتنال خدمة مثيرة للشفقة، ووفق ما يريده الآخرون فوق ذلك. هذا الموقف يتكرر غالبا عبر وسائل النقل، خاصة وسائل النقل الخاصة، سواء الحافلات أو سيارات الأجرة، فبالنسبة لهذه الأخيرة، فانه وعدا التسعيرة المرتفعة التي يتكبدها المستقل لسيارة أجرة، حتى عبر مسافات قصيرة، فانه قد يكون محظوظا إذا وجد أصلا سائق سيارة أجرة يأخذه إلى الوجهة التي يريدها، لأن هذا الأخير كثيرا ما يعرض عليك وجهة أو طرقا أخرى مغايرة تماما للطريق التي تريدها، لتقف وتذكِّر نفسك بأنك صاحب المال، وانك من سيدفع، وبالتالي فان من عليه أن يخضع لرغبتك هو السائق وليس العكس. ويزداد الأمر تعقيدا عبر حافلات النقل الخاصة تحديدا، فعدا الاكتظاظ والتأخر الكبير على مستوى المحطات، بالإضافة إلى اختناق حركة المرور وغيرها، فان بعض أصحاب الحافلات يقومون أحيانا بإلغاء أو "حرق" بتعبير الشارع الجزائري، بعض المحطات التي تكون مهمة للغاية، ويحتاج الكثير من الركاب النزول فيها، إلا انه ونتيجة لاختناق حركة المرور، فان بعض السائقين وحتى القابضين قد يجبرون بعض الركاب على النزول في محطات بعيدة تماما عن المحطة التي يريدونها والتي دفعوا ثمن تذكرتها، لأنها وببساطة، قد تتسبب في تأخر صاحب الحافلة أو أن الطريق قد تسبب له نوعا من الإزعاج والضغط لان حركة المرور بها مختنقة، ولكن الراكب المسكين هو المتسبب في اختناق حركة المرور، وان عليه أن يدفع ثمن ذلك. وفي هذا الإطار يقول احد المواطنين أن بعض أصحاب الحافلات يجبرونهم أحيانا على النزول في محطة قبل المحطة التي يريدون النزول فيها، نظرا لأنهم سيقومون بتغيير الطريق، حتى لا يقعوا في الاختناق المروري والاكتظاظ، مع أن ذلك قد يتسبب من جهة أخرى في تأخرهم، عن مشاوريهم، أو في عجزهم عن إيجاد حافلة ثانية، أما مواطن آخر فقال انه دخل يوما في شجار عنيف مع احد القابضين الذي رفض إنزاله في إحدى المحطات لأنها كانت مكتظة، بالمواطنين المنتظرين، وقد خشي أن يهجموا على الحافلة، وبالتالي فقد امتنع عن التوقف في المحطة المطلوبة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، لان المواطن استغل توقف الحافلة أمام احد الحواجز الأمنية وقام بالنزول بعد أن فتح يدويا باب الحافلة الخلفي، وهو ما سبب متاعب لصاحب الحافلة، وأثلج قلب المواطن وقلب عدد من الركاب حتى وان لم يظهروا ذلك.