تعرف قاعات الشاي إقبالا من الذين يبحثون عن مكان هادئ ومريح لقضاء بعض الوقت، وارتشاف قهوة أو شاي، وعرف هذا النوع من القاعات انتشارا في العاصمة، وأصبحت المنافسة بينها ظاهرة من خلال السعي لتقديم أحسن الخدمات، بداية بالديكور الجميل والتكييف داخل القاعة خاصة في فصل الحر، لكن يبقى الاستقبال، النقطة السوداء بالنسبة لأصحاب هذه القاعات والنادلين، فضلا عن نوعية الخدمات التي تظل بعيدة كل البعد عن المقابل المادي الذي يدفعه مرتادو هذه القاعات. دخول قاعة الشاي ليس كالخروج منها، فأخذ فنجان من القهوة أو قارورة من المشروبات يفرغ جيب الزبون نظرا للغلاء الفاحش في ثمن هذه المشروبات والحلويات التي تقدمها هذه القاعات مقارنة مع المحلات الأخرى، يقول سعيد.ن: "أصبحت أخشى الدخول إلى هذه القاعات، ففي كل مرة أجد نفسي أدفع من 400 إلى 600 دج، وفي بعض الأحيان أكثر من ذلك مقابل فنجانين من القهوة أو الشاي أوعصيرين، لهذا أصبحت لا أتردد على مثل هذه القاعات وأفضل المقهى الشعبي حيث ارتشف فنجان قهوة ب15 دج فقط". ومن أكثر المترددين على مثل القاعات، الأزواج الذين يبحثون عن مكان هادئ ومريح وحميمي، يتبادلون فيه أطراف الحديث، لكن بعض قاعات الشاي تغيب عنها حتى هذه الأجواء كونها أصبحت ملجأ لبعض المتطفلين ومكانا للمارسة بعض الفتيات لهوايتهن المفضلة "التدخين" بعيدا عن أعين الناس، لا سيما وأن تدخين المرأة في الجزائر مازال من الطابوهات. كما أن بعض القاعات أصبحت ملجأ للأزواج الباحثين عن مكان لممارسة طقوس الحب لدرجة أن منها من توجه لها أصابع الاتهام بكونها فضاءات "غير عائلية" بل ومشبوهة وربما ذلك ما يدفع بأصحابها إلى مضاعفة الأسعار، فلكل هذا ثمن، فنسبة الربح في هذه المواد المقدمة في قاعات الشاي تصل إلى أكثر من 150?، ففنجان من القهوة داخل قاعة شاي يقترح ب50دج، نفس السعر بالنسبة للشاي، أما قارورة من المشروبات من الحجم الصغير تصل إلى 60 دج أو أكثر، وقطعة من الحلوى ب80 إلى 100 أو120دج، في حين لا يتعدى ثمنها 30 دج في المحلات العادية، وحتى قارورة ماء معدني من الحجم الصغير فهي تقترح ب50دج، في حين تباع ب15 إلى 20دج فقط خارجا، كما تختلف هذه الأسعار أيضا من قاعة شاي إلى أخرى ومن مكان إلى آخر، فأخذ فنجان من القهوة في قاعة من قاعات سيدي يحي في حيدرة يتعدى 200 دج، ويبقى السؤال مطروحا، هل هناك رقابة على هذه الأسعار في هذه القاعات؟، يقول صاحب قاعة شاي في القبة: "أظن أن مثل هذه الأسعار منطقية، مادمنا نوفر الراحة، التي يبحث عنها الزبون، وهذا بمختلف الخدمات التي نقدمها له، فهنا يمكن للعائلة أن تأتي لقضاء وقت مريح، ونحن نعمل أكثر مع الأزواج الذين يقصدون القاعة، هنا ك عدة أشياء تحدد سعر هذه المواد، وهذا بناء على التكاليف التي ندفعها بإجراء عمليات حسابية". غير أن بعض الزبائن يرون أن أصحاب هذه القاعات يستغلون الظروف من أجل الربح السريع، مثلما تقول آنسة كانت جالسة داخل إحدى القاعات في انتظار خطيبها: "صحيح أنه ليست هناك مرافق كثيرة ألتقي فيها بخطيبي للتحدث، ولهذا فنحن مجبران على اختيار قاعة شاي، إلا أن الأسعار مبالغ فيها كثيرا، فكلما التقينا، ندفع حتى 1000دج، وهذا مقابل استهلاك أشياء بسيطة". استغلال نقص المرافق للتلاعب بالأسعار نقص المرافق جعل أصحاب هذه القاعات يستغلون الظرف من أجل رفع الأسعار والربح الزائد دون أية مراقبة، فأصبح المتردد على قاعة من قاعات الشاي، يدفع حتى ثمن الاستفادة من المكيف الهوائي، والذي يدخله صاحب القاعة في الحساب، خاصة في فصل الصيف، أين يعلن هؤلاء على باب المدخل أن القاعة مكيفة، الأمر الذي من المفروض أن يكون عاديا. يرى سمير.ك، إطار في مؤسسة عمومية "لا أفهم كيف يحق لصاحب قاعة شاي، أن يرفع الأسعار بهذه الكيفية، وكيف يفرض على الزبون أن يدفع حتى خدمة المكيف الهوائي". ولا ينتهي هؤلاء عند هذا الحد فقط، بل هناك بعض قاعات الشاي يفرضون فيها على الزبون استهلاك قطعة من الحلوى مع المشروبات، وهذا حتى وإن كان الزبون لا يريد ذلك. هذا ما حدث مع سفيان.ق، أحد المغتربين في كندا والذي جاء إلى الجزائر لقضاء عطلته، حيث يروي لنا قصته "دخلت مع صديقين إلى إحدى قاعات الشاي المعروفة على مستوى ساحة أودان، وكل منا طلب ما كان يريد شربه بعدما تناولنا الغذاء في مكان آخر، إلا أن النادلة طلبت منا ماذا يمكنها أن تحضره مع هذه المشروبات، قلنا إننا لانريد شيئا إلا أنها أصرت في أول الأمر، فظننت أن ذلك سيكون مجانا مادام أنها تصر، ولكن سرعان ما نبهني صديقي إلى أنه لابد من الدفع، وطلب مني أن نخرج من هذه القاعة وتوجهنا إلى مقهى شعبي، صراحة هذا الموقف لم يسبق لي وأن صادفته في حياتي". وبالرغم من كثرة هذه القاعات الجميلة والمكيفة، إلا أن طبيعة الخدمات المقدمة فيها إلى جانب الاستقبال يجعل الفرد في حيرة، فلا يكتفي أصحابها برفع الأسعار بهذه الكيفية المبالغ فيها، بل لا يبتسمون حتى في وجه الزبون، وبعض النادلين لا علاقة لهم بهذه المهنة مما يجعل الزبون يشعر وفي معظم الحالات بأنه غير مرغوب فيه، لأن هؤلاء النادلين لا يعيرونه الاهتمام اللازم، وكأنهم يخدمونه بالمجان، كما يرى (سمير.ك). وتبقى مثل هذه القاعات دون رقابة، حيث يتصرف أصحابها كما يحلو لهم، ويرفعون أسعارهم دون خدمات توافق هذه الأسعار، مما يسبب تجنبها من طرف العديد من الناس، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى تحسين الخدمات إن أردنا تطوير السياحة في الجزائر.