بوريل: مذكرات الجنائية الدولية ملزمة ويجب أن تحترم    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    أدرار.. إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    انطلاق الدورة ال38 للجنة نقاط الاتصال للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء بالجزائر    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    السيد ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوق الجنس ينتعش بكباريهات وكازينوهات الباهية

في الوقت الذي تكشف مصالح الأمن عن تورط شريحة كبيرة من الشباب الجزائري في الجريمة بشتى أنواعها، يظهر جيل آخر يعيش في عالم من المجون والمتعة المحرمة بين أحضان الغانيات في علب الليل وبصفة خاصة في ولاية وهران الواقعة في الغرب الجزائري، باعتبارها مدينة ساحلية تزخر بالشواطئ الساحرة والمناظر الخلابة ومناطقها المشهورة كعين الترك، الأندلسيات وسنتاكروز... وغيرها، قادرة لوحدها على جلب الآلاف من السياح إليها. وأنت بولاية وهران يكفي أن تصل إلى منطقة عين الترك، المدينة الحمراء بلونها، والأنيقة بشوارعها، والمشهورة بكباريهاتها وكازينوهاتها وعلبها الليلة الصاخبة، هذه المدينة تضم لوحدها ما لا يقل عن 175 علبة ليلية، تدرك أن هناك ظاهرة تنمو بسرعة، وأصبحت تفرض نفسها بقوة كبيرة، إنها دعارة الفتيات اللائي أصبحن يملأن أغلب الكباريهات والعلب الليلية لوهران، وصرن ضمن المعادلة الصعبة لتنشيط السياحة في هذه المدينة، التي لا يشبه ليلها نهارها في أي شيء. الفتيات في وهران أصبحن ''المنتوج'' الذي صار عليه الطلب كبيرا في سوق الدعارة خصوصا في السنوات الأخيرة، ولهذا السبب أصبحت العديد من الكباريهات، وعلب الليل والمطاعم الفاخرة والمقاهي الشهيرة بوهران تخصص لهن الأهمية القصوى، إذ عمدت العديد من الملاهي والمقاهي الشهيرة إلى تخصيص أماكن خاصة لهن لعرض دلالهن من أجل إرضاء الزبون الذي يريد تبضعهن. ''الحوار '' زارت المدينة التي لا تنام، وعاشت ليلة من لياليها الصاخبة، وهو الأمر الذي لاحظناه في ليلة كانت بدايتها من منتصف الليل، إلى غاية السابعة صباحا في مهمة خاصة قمنا بها كمبعوثين من جريدة ''الحوار''، بإحدى ملاهيها الليلية ورصدنا صفقات بيع الجسد عن قرب. أجساد تتراوح أثمانها ما بين 1000 إلى 10 آلاف دينار فتيات جامعيات يتابعن دراستهن في المعاهد والجامعات، وأخريات لا مستوى لديهن، ماكثات في البيت نهارا وعاملات في الليل هربن من بوتقة الفقر، وبعضهن تعرضن للاغتصاب في سن مبكرة، كلهن شابات في مقتبل العمر لم يتجاوزن 35 سنة بعد، قاسمهن المشترك أنهن اخترن أقدم مهنة في التاريخ من أجل العيش. شابات في عمر الزهور أكلت الدعارة شبابهن، وأصبحن مستعدات لتحمل قسوة الكباريهات والعلب الليلة، والنوم في أحضان كل من يدفع أكثر، ويقدمن المتعة الجنسية للباحثين عن الجسد الطري. وللحديث عن سوق الجنس في ذات الولاية، فإن الدعارة لم تعد تتسم بالصورة النمطية، التي كانت تعرف بها سابقا، فقد ارتقت الشبكات العاملة في هذا الميدان، وأصبحت تعمل على تصنيف المنتوج حسب الطلب، كما حددت هذه الشبكات أماكن خاصة لكل صنف من أجل إرضاء ذوق الزبائن والطمع في سخائهم. وبحكم تواجدنا في مدينة وهران، لفتت انتباهنا بشكل كبير ظاهرة كنا نعتقد أنها سرية، إلا أنها تحدث في العلن وأمام أعين الجميع، حدث هذا عندما كنا نتجول بأحد أكبر أحياء الباهيه، حيث يوجد الملهى الشهير الذي تقوم فيه الفتيات بعرض أجسادهن للبيع، وكأنك في أحد أحياء نيويورك أو سان فرانسيسكو أو في سوق للنخاسين بالعصور الجاهلية، حيث تعرض هؤلاء الفتيات أجسادهن أو بضاعتهن مقابل مبالغ تبدأ من 1000 دينار وتصل في بعض الأحيان إلى 10 ألاف دينار، حسب كرم الزبون من جهة والذي غالبا ما يكون مستعدا أن يدفع كل ما في جيبه من أجل لحظة متعة يمارسها، ومن جهة أخرى حسب مدى جاذبية الغانية وموافقتها للمقاييس العالمية في الموديلات الجنسية. وفي هذا الملهى الذي يبقى اسمه طي الكتمان، بحكم أخلاقيات مهنتنا كصحفيين، ولعدم التشهير بأماكن الرذيلة، يتدافع إليه عشرات الزبائن الباحثين عن المتعة القصوى، توفرها لهم فتيات تختلف قصص دخولهن هذا الميدان باختلاف أشكالهن، وطرق استمالتهن للزبون، فأول ما تقع عينك على إحداهن يساورك شعور بأنها تجذبك كالمغناطيس كما يقول زبائن الهوى، فهن محترفات في هذا المجال والزائر يرى مشهدا سرياليا، حيث تجتمع عدة فتيات وشبان من مختلف ولايات الوطن، أغلبهم سمع عن هذا الملهى الشهير، يعيشون حياة البذخ والترف ينعشها شرب الخمور، وارتياد المقصورات المخصصة للشيشة، والتي غالبا ما تكون مكتظة بالفتيات اللواتي يبحثن عن الزبون الأكثر سخاء. طالبات مقيمات بالأحياء الجامعية هن حطب المتعة بكبرى ملاهي وهران وبحكم أن رواد هذا الملهى هم في غالبهم رجال أعمال وشخصيات مهمة، يبحثون عن قضاء إحدى ليالي ألف ليلة وليلة، ولا يهمهم الثمن بقدر ما تهمهم الأجساد والطريقة المعروضة أمامهم، لشابات لم يجدن من يملي عليهن ما يفعلنه، لعبت بهن أقدار الحياة، وما حكاية المدعوة ''إيمان '' إلا عينة عن ذلك، فهن يختبئن وراء أسماء مزيفة، يخفين وراءها ماضيهن الذي يحز في أنفسهن، أنهن كن فتيات عاديات شريفات عفيفات. ''إيمان '' البالغة من العمر 26 سنة، كانت طالبة جامعية من ولاية سعيدة، حيث كانت إجابتها على سؤالنا الذي طرحناه بدافع الفضول ''لابد أن أنسى''، هذه هي الكلمة التي رددتها ''إيمان'' حينما سألتها عن الماضي الذي جعل حاضرها يوصلها إلى هذا الكباريه، لقد كان ردها حاسما مما اضطرنا لعدم متابعة طرح بقية الأسئلة، فكان الأمر صعبا جدا نظرا للمحيط الذي تعيشه، ولكم أن تتخيلوا بشاعة الأمر، ''إيمان'' تلك الفتاة التي تركت لجسدها الحرية في أن يتمايل مع أغنية الشيخة عبدو، وهي تنفث دخان سيجارتها بشراهة كأنها تريد جاهدة أن تحمي ماضيها من حاضرها الأسود، فهي واحدة من العشرات اللواتي يضعن قنينة ''ويسكي'' وصحنا من الفواكه أمامهن، ويتجولن بنظراتهن عبر الطاولات باحثات عن زبون مستعد، أن يستمتع بجسدهن مقابل أن يدفع المبلغ المطلوب، الذي لن يقل عن 1500 دينار لليلة الواحدة حسب إحدى العارفات بأثمنة الفتيات وبورصة المتعة الجنسية وأسهم الجمال، والتي خصتنا بحديث دون علمها أننا صحفيون، واعتقادا منها بأننا زبائن مهتمين بالبضاعة. في حين كان الدافع لأغلبهن الفقر.. الكثيرات وقعن في الخطيئة أما ''آمال'' التي لم يصل عمرها السابعة والعشرين، حسب نظرة المتفحص حيث إننا لم نستطع أن نسألها عن عمرها، فقد كانت في حالة سكر تتمايل هنا وهناك ولا تدرك نصف ما تقول، فقد دردشت معنا وهي تنظر لمن حولها بنظرات صنعها تاريخ طويل من جراح الأيام على ما يبدو خصوصا حينما قالت وهي تعبث بالكلمات بفعل سكرة الخمر، محاولة أن تبرر ممارستها لهذا الفعل المشين، فحسب روايتها لنا.. ''آمال '' تنحدر من عائلة فقيرة تأكل يوما وتصوم عشرة، إلى حين أن غرت بها إحدى صديقاتها التي عرفتها في الحي الجامعي، حيث وعلى حد رواية ''آمال'' وعدتها بأنها ستنتشلها من هذا الوضع، وستجعلها تلعب بالنقود لعبا دون أي جهد أو تعب، قالت لنا ذلك وهي تترنح يمينا وشمالا وكادت تسقط فأجلسناها حتى لا تسقط، ثم تابعت تقول ''لقد كنت طالبة مجتهدة، ادرس بجد حتى أؤمن مستقبلي، وأنتشل عائلتي من الفقر المدقع، إلى أن التقيت ب ''زوزو'' التي تقيم معي بغرفة واحدة في الحي الجامعي، وقد كنت أعجب لأمرها فهي تلبس أجمل وأغلى الثياب ولا تشتكي أبدا من ناحية المال، وقد كانت تعاملني بلطف حتى أنها في احد الأيام، أعطتني مبلغا قدره 10 آلاف دينار، وطلبت مني أن اشتري ملابس واستمتع بحياتي، فالحياة على حد قولها قصيرة، في البداية لم اقبل المبلغ رغم احتياجي الشديد له، ولكن إلحاحها جعلني أمسكه دون أن أدري''، ثم سكتت ''آمال'' قليلا وأخذت تذرف الدموع ثم أخذت تضحك بصوت مرتفع ونظرت إلي وقالت لي ''إياك أن تقبلي نقودا من غير مقابل، فإن الثمن سيكون غاليا جدا''. دهشت لأمرها فقد كانت تحكي بمرارة لم يستطع السكر أن يخفيها، فسألتها ''فما كان الثمن الذي دفعته؟'' فسكتت هنيهة ثم نظرت الي وقالت بصوت هادئ: ''أتريدين حقا أن تعرفي؟''. فأجبتها ''أجل''. ''اشتريت الثياب كما طلبت مني زوزو، وكنت سعيدة جدا بها، فطلبت مني أن اذهب معها إلى المطعم لكي نحتفل لعيد ميلاد دون أن ادري بان الاحتفال سيكون بي، ومنذ ذلك اليوم وأنا على هذه الحال''. قصة ''إيمان'' و''آمال'' هي واحدة من عشرات القصص التي تنسج كل يوم في المدينة التي لا تنام، المدينة التي تشتهر بسياحتها الجنسية بكل أصنافها. ورغم مجهود السلطات في محاربة هذه الظاهرة إلا أن الواقع يبرز أنها لا تزيد إلا اتساعا بحكم الظروف التي تختلف باختلاف القصص التي عايشناها ونحن نعد هذا الربورتاج، خصوصا أن الدعارة لم تعد تقتصر على الشابات اللواتي يدرسن في المعاهد والجامعات، بل أصبحت مرتعا لتفريخ هذه الظاهرة تحت مسميات عدة. كما أن هذه الظاهرة صارت تأخذ أشكالا مختلفة بعدما أصبحت لها شبكات منظمة، لا تقتصر على تشغيل جامعيات أو المعوزات القادمات من المدن الفقيرة، فاليوم كل شيء موجود فقط عليك أن تتدلل، ويكون جيبك مليئا بالأوراق الحمراء. الرشقة ب 130 مليون سنتيم ورجال الأعمال ''يغليو السوق '' كانت عقارب الساعة تشير إلى حدود الساعة الواحدة صباحا، بدأت الأصوات تتعالى وسط صخب الموسيقى، فعلمنا أنها تأتي من الطابق السفلي، وهو مخصص للرقص والغناء فتوجهنا إلى هناك، وأول ما لفت انتباهنا هو وجود حشد كبير من مرتادي الملهى، البعض منهم جالس والآخرون يرقصون مع فتيات شبه عاريات، على نغمات وغناء المطربين الذين يتغيرون في كل مرة، وكان يتخلل كل أغنية كلمات يدفع ثمنها احد الزبائن كي يجهر بها المغني وهذا ما يسمى في ذلك الوسط ب''التبريح'' مقابل الرشق بالأموال، التي تعود بالدرجة الأولى إلى صاحب المحل وجزء منها إلى المغني بنسبة 20 بالمائة. والجدير بالذكر أن أصحاب هذه الأموال هم في غالبهم رجال أعمال وشخصيات معروفة بالملهى، بحكم ارتيادهم الدائم كل نهاية أسبوع. توجه المغني إلى الطاولة التي كانت أمامنا بطلب من صاحبها، فقدم هذا الأخير مبلغا كبيرا من المال مقابل أن يشهر به وبصديقته، فقال المغني وهذا مليون في خاطر ''سلمى''، وإذا بمنافس من طاولة أخرى ينادي المغني ليرشق على صديقته هو الآخر بمليونين، فاحتدمت المنافسة بينهما إلى أن وصل المبلغ إلى 130 مليون سنتيم، مستعرضين بذلك أنفسهم في سبيل أعمال ماجنة، ناهيك عن المبالغ الطائلة التي يصرفها هؤلاء الزبائن على مختلف أنواع المشروبات الكحولية التي يتراوح ثمنها بين 20 إلى 100 ألف دينار جزائري، والشيشة بمختلف النكهات والأذواق رائحتها بين فراولة وتفاح، التي أصبحت موضة في الجزائر والتي نقلوها عن المشارقة، فإلى وقت قريب لم نكن نسمع بها، تضاف لها مختلف أصناف الفواكه الموسمية وغير الموسمية، والمكسرات وأجود أنواع الشكولاطة، كل هذا من اجل ليلة مجون. وفي خضم كل هذا يطوف حول تلك الطاولات نوادل يعملون بالملهى، يقدمون للزبون الفاتورة عندما تصل إلى مبلغ 5 آلاف دينار، في حين يحاول الآخرون واغلبهم شباب إكمال السهرة بالرقص والاكتفاء بالشيشة، بدل تلك الموائد الفاخرة التي تتطلب أموالا كثيرة تفوق قدرة هؤلاء الشباب. موضة الشيشة تغلب على الملاهي الوهرانية الشيشة فوق الشفاه لم يعد مشهدا غريبا في مجتمعنا الجزائري هذه الأيام، بعد أن استطاع هذا الوافد الجديد من الشرق أن يرسخ أقدامه في المقاهي والملاهي، بل وأن يصبح جزءا من حياة الجزائريين. انتشارها كالفطر ورائحة دخانها تحاصر من كل اتجاه، تداعب الأنف بإذن وبغير إذن، روائح شتى تتوزع ما بين التفاح والفراولة، وتتناهى إلى مسامعك ضحكات تتعالى هنا وهناك وأغاني الراي تطرب الآذان. كل الشابات والشباب المتواجد بالملهى، يدخونن الشيشة بشراهة ويتناوبون على قارورتها التي لا يتوقف دخانها عن التصاعد غير آبهين بما يجري حولهم، يضحكون... يتكلمون... يصمتون لدقائق ليأخذوا نفسا عميقا ويحتفظون به قليلا، ثم يخرجا به قرنين من الدخان من فتحتي الأنف، تعقبهما سحابة أخرى من الفم. وفي هذا الشأن تقربنا من بعض الشبان والشابات، استدرجنا معهم بعض الكلام عن هوسهم وخوضهم مغامرة الشيشة، حيث أجابنا ''سمير'' ذو 29 سنة قائلا ''بداية تدخيني الشيشة كانت من باب التجربة وحب الاستطلاع، ثم مرة بعد أخرى أدمنت تدخينها، حتى أنها أصبحت عادة يومية لا أستطيع الإقلاع عنها الآن''. أما زميله ''عميمر'' فيقول ''لقد خلصتني من هوسي الكبير بالتدخين حيث كنت أدخن يوميا علبتين من السجائر''. لتقول لنا ''أحلام'' وقد كانت جالسة معهما ''إني وجدت نفسي بعد سنتين من تدخين الشيشة، أشعر
أنها تخلصني من الشعور بالاكتئاب وتبعدني عن التفكير في مشاكلي''، وتتابع ''أحلام'' قائلة ''علاقتي بالشيشة بدأت حين نصحتني إحدى زميلات الدراسة بتعاطي الشيشة كوصفة مجربة لنسيان مشاكلي التي كانت تثقل صدري، فأخذت بنصيحتها رغم أنه لم يسبق لي حتى تدخين السجائر، بالأحرى الشيشة''. لتؤكد ''ليندة''، هي الأخرى ملوعة بالشيشة بنفس الطاولة، ''إن كل زميلاتي يتعاطين تدخين الشيشة من باب حب التجربة والفضول والموضة، وظنا منهن أنها تنسيهن همومهن وتساعدهن على مواجهة وتحمل المشاكل بكل أنوعها وخاصة الأسرية''، وتضيف''عموما إقبال الفتيات مازال ضعيفا إذا ما قورن بإقبال الشباب على الشيشة، وهن في الغالب يلجأن إلى تدخينها خلسة وبعيدا عن أعين الأهل والناس''. وجوه حسنة شوهتها الرذيلة من فرط خدمة الزبائن الشيشة في الجزائر أضحت مقصد العشرات من الشبان والفتيات الباحثات عن سوق الجنس داخل كازينوهات وكباريهات الباهية وهران، وبات هذا الوافد الجديد كالموضة. وفي حديثنا مع المدعو ''كمال '' وهو احد النادلين المختصين في تقديم الشيشة، أفادنا أن الجزائريين لم يكونوا وإلى وقت قريب يعرفون الشيشة، وإنما كانوا يسمعون عنها ويشاهدونها في الأفلام والمسلسلات العربية، لكنها في السنوات الأخيرة عرفت انتشارا بعد أن فتح عدد من السوريين واللبنانيين محلات ومطاعم تقدم فيها أطباق للشامية والشيشة، وبطبيعة الحال فنزايد مختلف الجنسيات السياح عليها في المقام الأول والشباب الجزائري في المقام الثاني، دفع بأرباب الملاهي الليلية إلى تخصيص أماكن لها للمدخنين بل وتحول الكثير منها إلى التخصص في تقديم الشيشة لمرتاديها ولجذب المزيد من الزبائن خاصة في صفوف الشباب ومن ثم مضاعفة الأرباح. ولكن ما شد انتباهنا في حديثنا مع النادل، هو لطفه ولباقته في التعامل، وحتى أن معظم النادلين العاملين بالملهى الذين رأيناهم يطوفون حول الطاولات ويقومون بتلبية رغبات الزبائن، هم شباب في مقتبل العمر يتمتعون بجمال وحسن التعامل، إلا أن هذا يخفي ما هو أدهى وأمرّ، فكلهم يمارسون الرذيلة بحكم عملهم الذي يتطلب منهم ذلك، وما دفعهم إلى ذلك هو الجري وراء لقمة العيش، وينتظرون البقشيش الذي يقدمه لهم الزبائن إضافة إلى راتبهم. وفي هذا الشأن أكد لنا المدعو ''كمال'' وهو نادل بالملهى مختص في تقديم الشيشة ومختلف المشروبات الكحولية بأنواعها، أن ظروفه المزرية هي التي دفعت به إلى العمل في هذا المكان، ليكشف لنا عن بداية عمله انه كان يتفادى شرب الخمر، ومغازلة الفتيات والتحدث إليهن، إلا انه ومع مرور الوقت وجد نفسه أسيرا هذه المهنة. فأصبح مدمنا على الخمر والشيشة بعد نهاية عمله، ومن هذا المنطلق قال لنا كمال ''بعد أن أكمل عملي آخذ معي قنينتي خمر لأرتاح بهما وأنسى ما رأيته خلال عملي''. وفي خضم كل هذا يواصل رجال الدرك والأمن حملات تمشيطية واسعة لإغلاق الحانات والملاهي الليلية المتواجدة بولايات الوطن، في مقدمتها ولاية وهران الساحلية التي تستغل القاصرات لاستمالة زبائنها، حيث عزت السبب إلى استغلال القاصرات كنادلات لاستمالة الزبائن، وكذا تفعيل السلطات لقانون تنظيمي قديم يقضي بألا تتجاوز المطاعم التي تقدم الخمر منتصف الليل، حيث شنت منذ بداية هذا العام حملات تمشيطية على عدد من الملاهي الليلية ببعض المدن، وتمكنت من اعتقال العديد من القاصرين والقاصرات يرتادون تلك العلب الليلية، التي تحول بعضها إلى أوكار للدعارة. هذا، وحسب مصادرنا، فإنه تم غلق العديد من الحانات.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.