بقلم: خالد شبلي* (الإشكالات العملية التي يطرحها تنسيق وترقيم النّص القانوني من منظور الصياغة التشريعية ووجوب تدارك الأخطاء المادية في القانون رقم 16-01 والمتضمن التعديل الدستوري لعام 2016). وجهة نظر يرى جانب من الفقهاء الجزائريين على غرار البروفيسور محمد ناصر بوغزالة بمناسبة مداخلته حول هذا الموضوع في اليوم الدراسي الذي عقدته كلية الحقوق بجامعة الجزائر يوم 10 مارس 2016 بأنّه كان الأجدر أن تمّ تخويل المجلس الدستوري عملية تنسيق وترقيم النصوص الدستورية الجديدة لكي تكون أكثر انسجامًا ووضوحًا ودقةً وعدم التسرع في هذه العملية غير أنه من الملاحظ بأنّ المهمة أوكلت للأمانة العامة للحكومة لاسيمَا لخبرتها الفنية في هذا المجال واختصاصاتها التقنية والكوادر التي تزخر بها وبالرغم من ذلك وردت في الجريدة الرسمية العدد 14 لهذا الشهر والذي تضمن القانون المتعلق بالتعديل الدستوري لعدة نقائص في الصياغة الفنية في مجال التنسيق والترقيم. -أن نص التعديل الدستوري الأصلي عرف تضخيم مبالغ للمواد الدستورية بالمقارنة بجميع الدساتير السابقة(دستور 1963 احتوى 78 مادة دستور 1976 احتوى 199 مادة دستور 1989 احتوى حوالي 167 مادة التعديل الدستوري لعام 1996 احتوى 182 مادة). -تم الاستغناء بشكل كلي في ضوء هذه الوثيقة الدستورية على عبارة (مكرر) والتي تعد طريقة أو أسلوبا قانونيا لإضافة أحكام قانونية في نفس الموضوع المعالج وفي آن واحد تفاديًا لتضخم النصوص القانونية. -الشكل الذي ظهر به التعديل وكأنه دستورًا جديدًا وليس مجرد تعديل دستوري على النقيض من فلسفة تعديل أي دستور في أي بلد في العالم. -ورود (بعض الأخطاء المادية) الواجب تداركها آنيًا وذلك من خلال سن قانون استدراك وفقًا لقاعدة توازي الأشكال إذا كان النّص الذي ورد فيه الخطأ تمّ توقيعه من قبل رئيس الجمهورية وفي حالة أنّ الخطأ حدث في النسخة الإلكترونية فيجب تدارك هذه الأخطاء. وبالرغم من أنها أخطاء مادية أو نقائص شكلية ولكن تظل مهمة يجب تداركها على سبيل المثال: 1-فيما يخص المادة 68 من الدستور المعدل والمتعلقة بدسترة حق المواطن في بيئة سليمة فرأي المجلس الدستوري المنشور في الجريدة الرسمية جاء فيه لفظ (للمواطن الحق في بيئة صحية) أما النسخة في القانون المتضمن تعديل الدستور جاء فيه: (للمواطن الحق في بيئة سليمة). 2-فيما يخص المادة 142 من الدستور المعدل تمَ حذف عبارة (بعد الأخذ برأي ...) وتم استبدالها ب(بعد رأي...) ولا يخفى على أي أحد الفرق الجوهري الكامن مابين العبارتين ففي الحالة الأولى وهي الأصح وفقًا لما جاء في المشروع وضمن رأي المجلس الدستوري ففي هذه الحالة الاستشارة وجوبية القيام بها كإجراء ووجوب الأخذ بها في نفس الوقت أما في الحالة الثانية والتي جاءت صياغتها في الجريدة الرسمية مؤخرًا فالاستشارة وجوبية القيام بها ولكن غير وجوبية الأخذ بها وهذا تناقض صارخ لابد من تداركه وتصحيح هذا النقصان والأخذ بالنص الذي تم تقديمه في المجلس الدستوري والذي صادق عليه البرلمان. 3-فيما يخص المادة 144 من الدستور وفقا للترقيم الجديد الفقرة الثانية منها جاء فيها: (غير أنه إذا أخطرت سلطة من السّلطات المنصوص عليها في المادة 187 الآتية المجلس الدستوري قبل صدور القانون يوقف هذا الأجل حتّى يفصل في ذلك المجلس الدستوري وفق الشّروط التّي تحدّدها المادّة 188 الآتية) وهو نفس حكم المادة 126 من الدستور وفقًا للترقيم السابق أي أنّ الإحالة الأخير إلى المادة 188 خاطئة لأن المادة 188 من الدستور وفقًا للترقيم الحديث تتكلم على آلية الدفع بعدم الدستورية من قبل أطراف النزاع القضائي وليس على شروط عمل المجلس الدستوري المنصوص عليها في 189 من الدستور المعدل. 4-فيما يخص تشكيل النّص باللغة العربية يُلاحظ أن هناك مواضع أو مواد تم تشكيلها ب(الشدة) وهناك مواد لم يتم فيها ذلك وسمة هذه المواد التي لم يتم تشكيلها أنها هي المواد الجديدة والمدخلة حديثًا في النّص الدّستوريّ فعلى أيّ أساس تمّ ذلك !؟ وفي الأخير نؤكد مجددًا بأنّ الدستور ما هو إلا اجتهاد بشري يتطور باستمرار من أجل تكريس نظام حكم أكثر فعالية وبما يساهم في تفعيل العقد الاجتماعي القائم بين الحرية والسلطة لذا يجب على الجميع احترامه والتقيد به مهما يعتريه من نقائص أو سلبيات كما نصبو إلى استدراك الأخطاء المادية التي تكون قد وقعت سهوًا في القانون رقم 16-01 والمتضمن التعديل الدستوري لعام 2016. ملاحظة مهمة: تمّ الاعتماد في إعداد هذه الدراسة الموجزة على دراسات ومداخلات علمية منها:- دراسة الأستاذ محمود محمد علي صبره حول موضوع المبادئ الإرشادية لصياغة مشروعات القوانين وتحسين النص التشريعي ومداخلة الأستاذ الدكتور محمد ناصر بوغزالة وأساتذة وباحثين وطلبة شاركوا ضمن فعاليات اليوم الدراسي الذي عقدته كلية الحقوق بجامعة الجزائر يوم 10 مارس 2016 والموسوم بالتعديل الدستوري لعام 2016.