مع توالي الأحداث في تونس من احتجاجات عارمة على النّظام وديكتاتوريته إلى إسقاطه، وبالتالي هروب الرئيس بن علي من على الرئاسة متّجها نحو السعودية وتزايد العنف في بعض المناطق، خاصة وأن بعض الأنباء الأخيرة تشير إلى أعمال التخريب التي يقودها بعض من كانوا موالين للنّظام القديم، أجبر العديد من الجزائريين الذين كانوا يأملون في قضاء عطلهم المبرمجة هذه الأيّام بتونس التي تعتبر وجهتهم الأولى، على تغييرها بتركيا بعدما شاهدوا الأحداث التي أتت على الأخضر واليابس جعلت من الساهرين على الحدود إلى غلقها مؤقّتا حتى لا تنفلت الأوضاع· الخضراء" لم يعد الاسم المرتبط بتونس هذه الأيّام بعدما حوّلها شبابها ومواطنوها الغاضبون والناقمون على نظام مبارك إلى خراب ودمار، هي الصور التي لا تفارق هذه الأيّام شاشات مختلف القنوات التلفزيونية، خاصّة بعد أحداث فرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي تاركا وراءه فوضى عارمة بالشارع التونسي الذي تؤكّد كافّة المصادر من هناك أنه من يجد ما يتغذّى به لا يجد ما يأكله في العشاء بسبب الحصار المفروض إلى جانب الأوضاع التي لا تسمح بعودة التجارة والمياه إلى مجاريها في الوقت الرّاهن، كلّها مشاهد أربكت كلّ من كان ينوي قضاء عطلته أو الاستمتاع بقرى ومدن تونس التي كانت في الوقت القريب المقصد والوجهة الأولى للجزائريين بحكم الجوار أوّلا، ثمّ التكاليف التي تتوافق ومداخيل العديد من الجزائريين، ناهيك عن انعدام التأشيرة بين البلدين ممّا يسمح لمواطني كليهما التنقّل بين الجزائروتونس بصفة عادية ودورية حتى أن سائقي الأجرة العاملين بالشرق الجزائري خطّ تبسة، عنابة، الطارف وغيرها كانوا ينشطون بكثير على هذا المحور باتجاه تونس بالنّظر إلى نسبة الزبائن لديهم، والذين ازدادوا خلال السنوات الأخيرة، سواء منهم بحثا عن المتعة والسياحة أو التجارة التي أصبحت في المدّة الأخيرة مربحة للعديد منهم· غير أن كلّ تلك الأوضاع السائدة انقلبت بعدما انزلقت الأوضاع الأمنية بتونس الملقّبة حاليا بالرمادية أو السوداء بسواد دخان النّيران والخراب الذي لحق بمختلف منشآتها أدّت إلى ركون العديد من أصحاب الكلونديسان بالشرق الجزائر إلى الإحالة على البطالة التقنية إلى غاية هدوء الأوضاع وعودة المياه إلى مجاريها· كلّها مشاهد أحدثت هلعا ورعبا كبيرين في نفوس الذين اعتادوا قضاء أيّام من عطلهم بها من الجزائريين، في الوقت الذي غيّر فيه العديد من هؤلاء وجهتهم باتجاه تركيا، ذاك البلد الذي أصبح في الآونة الأخيرة يستقطب العديد من الجزائريين وينافس تونس في عروضه المغرية، سواء في الأسعار التنافسية أو في المنشآت السياحية لتأتي في المرتبة الثانية سوريا، ذاك البلد العربي الذي استطاع أن يغازل الجزائريين بآثاره التاريخية وتقاليده الشامية ومنتوجاته النسيجية التي أصبحت تغزو الأسواق الجزائرية، خاصّة منها العباءات· وإلى أن تعود المياه إلى مجاريها بتونس الخضراء، يبقى أمل الجزائريين أن يعمّ الأمن والاستقرار هذا البلد الشقيق في أقرب وقت ممكن حتى يرفع راية الوحدة الوطنية والديمقراطية التي استشهد لأجلها المئات من المواطنين الناقمين على الأوضاع الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية التي سادت تونس لأكثر من نصف قرن·