ق. حنان اشتكت بعض عاملات النظافة على مستوى حي عدل بعين المالحة بعين النعجة، من الأعمال الشاقة التي يقومن بها فيما يخص عمليات تنظيف تلك العمارات الشاهقة يوميا، التي يتراوح عدد الطوابق في كل منها، ما بين 10 إلى 15 طابقا، وتتكفل كل واحدة منهن، بعمارتين أو ثلاث أحيانا كل يوم، عليهن تنظيفها بشكل مستمر، وهو ما يتطلب منهن الكثير من العمل والجهد، مقابل أجرة شهرية لا تتجاوز المليون سنتيم. بعض هؤلاء السيدات قلن إن عملهن متعب للغاية، وأنهن مجبرات على تنظيف كافة تلك الطوابق كل يوم، ولا يكتفين بمجرد كنسها فحسب، وإنما عليهن تنظيفها بالمياه والصابون، حتى وان كانت نظيفة، فبعض السكان حسبهن، يطالبونهن بعمليات التنظيف الشاملة كل يوم، رغم ما يتطلبه ذلك من وقت وجهد، رغم أنهم هم أنفسهم لا يتمكنون من تنظيف منازلهم بالطريقة التي يطالبون بها كل يوم. وعدا ذلك، تتحدث عاملاتُ النظافة على مستوى الحي المذكور أيضا، عن جملة من المتاعب الأخرى، كحرمانهن من العطلة السنوية، حيث لم تستفد اغلبهن إلا من 15 يوماً عطلة في ظرف 3 سنوات من عملهن، الأمر الذي جعلهن تحت ضغوط شديدة، لاسيما مع وجود بعض حالات من المعاملة السيئة وغير الإنسانية التي يتلقينها من طرف بعض القاطنين بهذه العمارات، ممن يعاملونهن بقليل من الذوق والاحترام. من جهة أخرى، قالت إحداهن إن بعض السكان لا يتمتعون بأي حس مسؤولية، فهم يتركون أبناءهم يعيثون فسادا في العمارات بعد تنظيفها، ولا يمنعونهم من إلقاء النفايات والفضلات الخاصة بما يتناولونه يوميا على مستوى السلالم أو الطوابق، ثم يقولون بعد ذلك أن عاملات النظافة لا يؤدين مهامهن بالشكل المطلوب، ومنهم حتى من يتجرأ على توجيه انتقادات شديدة ولاذعة إليهن. أما أكثر ما يحز في أنفسهن فهو الأجرة الزهيدة التي لا تتناسب إطلاقا مع العمل الذي يقمن به، بالإضافة إلى أنهن غالبا ما يقبضنها متأخرة، وهو ما يجعلهن مضطرات إلى الاستلاف من الآخرين إلى غاية موعد تسلم الراتب الذي يذهب بعدها إلى دائنيهن، علما أن اغلبهن مطلقات أو أرامل، ليس لهن من يتكفل بحاجيات أبنائهن، أو ربات اسر فقيرة وبسيطة لم يتمكن فيها رب الأسرة بمفرده من تلبية حاجيات أبنائه ما اضطرهن إلى الخروج لممارسة هذه المهنة المتعبة، رغم بساطة راتبها، ويحلمن دائما بان يتم رفعه على الأقل حتى يكون متناسبا مع الحد الأدنى للأجر المعمول به حاليا. وعليه تطالب تلك العاملات بتحسين ظروفهن المهنية والاجتماعية، على وجه الخصوص، سيما وان ما يقمن به من أعمال متعبة وشاقة، لا تناسب ما يتقاضينه من اجر، يذهب معظمه لتغطية الديون، أو تغطية مصاريف النقل، فلا يتبقى لهن بعد ذلك إلا النزر القليل الذي لا يسد متطلبات أسرهن، رغم أنهن خرجن أساسا واقتحمن هذا الميدان، حتى يحسنَّ ظروف معيشة أسرهن، ولكنهن وجدن واقعا آخر مغايرا تماما وكلية لما توقعنه.