سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
انتشار الأوساخ، انعدام المياه و انتشار الآفات الاجتماعية ثالوث يؤرق سكان الحي القصديري عين المالحة عند دخولنا الحي القصديري عين المالحة بعين النعجة أول ما شد انتباهنا قساوة المعيشة به،إذ يلفتك النظر إلى الانتشار الرهيب للقمام
انتشار الأوساخ، انعدام المياه و انتشار الآفات الاجتماعية ثالوث يؤرق سكان الحي القصديري عين المالحة عند دخولنا الحي القصديري عين المالحة بعين النعجة أول ما شد انتباهنا قساوة المعيشة به،إذ يلفتك النظر إلى الانتشار الرهيب للقمامة في كل مكان و الأطفال بجوارها بشكل مستمر ودائم ، لعلهم يجدون في ثناياها ما يصلح لبيعه أو لارتدائه. ونحن بالحي اقتربنا من المواطنين فشهدنا تغيرات في اللهجات فهذا من ولاية تيزي وزو و ذاك من بوسعادة و الآخر من المدية إلا أنهم استوطنوا بعين النعجة منذ أكثر من 25 سنة وهو تاريخ نزوح هذه العائلات من دواوير عدة بلديات عاشت ظروفا استثنائية خلال المأساة الوطنية ، لكن كلهم بسطاء طيبون قدر لهم العيش في هذه البنايات الهشة المصنوعة من الطوب و صفائح الزنك في صورة تراجيدية لأوكار آدمية وبالرغم من أن الصورة تنبئ بقذارة ومعيشة صعبة وقاسية لكن نستطيع القول أن هذه العائلات لاتقبل العيش وسط هذه الظروف إلا في الضرورة القصوى وهو ما حصل في هذا الحي. إن المشكل يعرفه الجميع ،وما شرعية البناءات معروفة ،وكذا عواقب السكن فيها واضحة للجميع ،لكن الأهم هو الحل وبمن بيده لأن هاته الفئة من الشعب المغبون على أمره وجد نفسه في هاته الحالة،فمن يحل له مشكلته التي تعد مشكلة كل الجزائريين ألا وهي مشكلة السكن اللائق والمحترم في جزائر 2010 وفي بلاد احتياطي الصرف فيها بلغ 190 مليار دولار في ظل البرامج التي تبقى برامج يسمع عنها العديد من الغلابى مثل ساكنوا هذا الحي ولا يرونها أويستفيدون منها ولهم أن ينتظروا برنامج التنمية المقبل لعل الفرج يأتي معه بالرغم من السانين يؤمنون بأدنى إشاعة وهي بمثابة أمل لهم يجعلهم يواصلون مسار الحياة الصعبة؟. معاناة دامت لأكثر من 25 سنة عبر لنا سكان الحي القصديري عن تلاشي آمالهم في الرحيل بعد أن طالت معاناتهم وزادت بتعاقب الأيام و السنين التي تجاوزت ال 25 سنة، ففي كل صائفة ينتظر هؤلاء بشغف انتهاء معاناتهم كون أن السقف الترنيتي لا يقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء ، في مكان يفتقر لأدنى شروط الحياة . ضيق السكنات و هشاشتها مشكلة السنوات الماضية امتدت لتطالهم اليوم إذ فروا من الضيق ليجدوا أنفسهم في ضيق أشد منه خاصة وأن الأغلبية منهم تزوج وأسس أسرة،فضيق السكنات و هشاشتها شكل هاجسا للمواطنين،خاصة وأن عدد الأفراد لا يتوافق و عدد الغرف،كما أن هذه الأخيرة لم تعد قادرة على مجابهة الظروف المناخية لتهدد حياتهم و تجعلها عرضة للخطر خاصة في فصل الشتاء،إذ تزداد حالتها سوء بسبب تسرب المياه إلى داخل الغرف ما ساهم بشكل كبير في خلق أزمات نفسية خانقة و يتسبب في مشاكل عائلية قد تؤدي في أغلب الأحيان إلى الطلاق وهذا ما حصل للسيدة نوال أم لطفلة في الخامسة من العمر فقد هجرها زوجها بسبب عدم تحمله للوضع المعيشي الصعب من انعدام للمياه الصالحة للشرب وانعدام للغاز،انتشار للأوساخ، الضجيج و الآفات الاجتماعية المختلفة .... ونحن نتجول بالحي القصديري صادفتنا إحدى القاطنات به والتي حدثتنا عن المعاناة اليومية لها كون سقف بيتها لا يقيها حر الصيف ولا برد شتائه، ناهيك عن الضيق الشديد للمأوى الذي تقطن به و الذي لا يتوافق وعدد أفراد عائلتها البالغ حسبها سبعة أشخاص. اشتكت لنا الخالة يمينة من ضيق المأوى الهش المتكون من غرفة واحدة والذي يضم أفراد عائلتها ويتقاسمونه للأسف مع الجرذان و الصراصير المتسللة من الثقوب أيضا. انعدام المياه الصالحة للشرب المعاناة لم تتوقف عند الضيق في السكن الهش بل تمتد إلى المياه أين اشتكى لنا المواطنون من انعدام للمياه خاصة وأن هذه الأخيرة من أولويات الحياة التي أصبحوا مجبرين للحصول عليها بالتوجه كل صباح نحو السوق المجاورة للحي من أجل تعبئتها من الحمام و ذلك باستخدام الدلاء، أما فيما يخص المياه الصالحة للشرب فيتم الحصول عليها إما من عند القاطنين بالعمارات المحاذية للحي أو من خلال اقتناء قارورات المياه المعدنية من المحلات. وما زاد الوضع تأزما فصل الصيف المعروف بارتفاع درجات الحرارة. وهو ما أدى إلى غياب النظافة وانتشار الأوساخ بما أن الماء رمز للنظافة وانعدامه يعنى الأوساخ والأمراض أوساخ متناثرة و روائح كريهة امتدت معاناة سكان الحي القصديري لتشمل سكان العمارات الجديدة التابعة للصندوق التوفير و الاحتياط المحاذية له . إذ يشتكون بدورهم من انتشار الأوساخ و الروائح الكريهة في كل مكان و التي تحرم بدورها الأطفال من اللعب وتنجر عنها عدة أمراض كالحساسية والربو، خاصة عند حرقها من قبل بعض المواطنين ما ساهم بشكل مباشر في تشويه المنظر الجمالي و كذا تلويث الجو إضافة إلى انتشار قنوات الصرف المنزلية المهترئة والتي زادت من تفاقم الوضع وتسببت في انتشار الروائح الكريهة وكذا انتشار الناموس و الذباب في كل الأنحاء إلى جانب انتشار الضجيج الذي مخترقا الجدران ليمنع القاطنين و يحرمهم النوم المريح،وما زاد الطين بلة تدهور الطرقات ،خاصة منها الضيقة التي تعيق المارة وتتسبب في تذمرهم خاصة عند اقتناء قارورات الغاز التي يجرونها لمسافات بعيدة بغض النظر عن الحالة التي تؤول إليها في فصل الشتاء. آفات اجتماعية خطيرة....وانعدام كلي للأمن أثناء تواجدنا بالحي اشتكت لنا خالتي زينب من انتشار السرقة التي أصبحت تحوم بين المنازل في وضح النهارو عزه وتهدد حياة الأفراد وممتلكاتهم إذ تعرضت هذه العجوز للسرقة لأكثر من مرة و هي نائمة داخل غرفتها وكان لذلك وقعا خطيرا على صحتها خاصة وأنها مصابة بداء القلب،وكذلك هو الحال بالنسبة لجارتها نوال التي سرقت أغراضها في وضح النهار بعد توجهها مباشرة إلى السوق المجاور من أجل اقتناء بعض الحاجيات المنزلية لتعود وتصدم بالفوضى العارمة داخل المنزل الذي قلب رأسا على عقب،ناهيك عن سرقة الملابس المنشورة أمام البيوت و التي أصبحت ظاهرة يومية لا يستثنى منها أي شخص. وما أثار تعجبنا انتشار بعض الحانات التي تبيع الخمور و هو الأمر الذي تسبب في أغلب الأحيان في حدوث شجارات و مشادات عنيفة تجعل القاطنين عرضة لسماع كلام بذيء يسم الأبدان ،فضلا عن المخدرات التي وجدت وتجد في الشباب المهمش اجتماعيا ومهنيا هدفا سهلا. أكثر من ثلاث آلاف بيت قصديري ولمعرفة المزيد عن هذا الحي و عن كيفية إدارته من قبل البلدية توجهنا لرئيس بلدية جسر قسنطينة عروس موسى الذي صرح لنا بأن حي عين المالحة يعد من أكبر الأحياء القصديرية ال19 التي تضمها بلديته و الذي اهتمت الدولة بالتكفل به، بحيث تم إحصاؤه وتزويده بالكهرباء و سيبرمج ضمن الأحياء التي سيتم ترحيلها بالدرجة الأولى، كما أكد أن الدائرة الإدارية و الولاية تقوم بدورها و عملها من خلال المراقبة لكي تكون الإجراءات المتخذة غير ظالمة للمواطنين و بمنتهى الشفافية ،خاصة وأن الدولة اتخذت على عاتقها مسؤولية القضاء على هذه الأخيرة و هذا بموجب قرار حكومي . وللاستفسار أكثر عن عدد المنازل الهشة بهذا الحي اتصلنا بالمكلف و المسؤول عنه المنتخب ولد بزيو سعيد لكنه امتنع عن التصريح و الإفادة بأية إحصائيات. لكن حسب ما صرح لنا به مصدر موثوق من البلدية فإن هذا الحي يضم أكثر من 3000 بيت قصديري. أما فيما يخص حملات التنظيف فقد صرح عروس موسى بأن البلدية كلفت الخواص ليتوجه عمال التنظيف التابعين لهم إلى الأماكن الملوثة بالحي القصديري خصوصا وانه يقع في قلب الحي الجديد للصندوق التوفير و الاحتياط والحي الجديد لوكالة عدل بحيث تتم عمليات التنظيف مرتين كل يوم. و أضاف بأنه ومن أجل المحافظة على المنظر الجميل لهذه الأحياء الجديدة ستكون هناك ترتيبات تشمل تخصيص أماكن لرفع النفايات المنزلية و هذا بهدف القضاء على الرمي العشوائي لهذه الأخيرة و الذي يضر سكان العمارات الجديدة و سكان الحي القصديري بحد سواء. و أمام هذا الوضع المتأزم و في انتظار اليوم المنشود تستمر معاناة سكان الحي القصديري عين المالحة بعين النعجة إلى غاية ترحيلهم إلى سكنات لائقة ليجدو بها الراحة و السكينة وهو ما يبقى حلم في بلد الحقيقة المرة في انتظار أن نصبع نعيش الحقيقة الحلوة في بلد الأحلام . عبشي جازية