أخبار اليوم تجس نبض المقصين ومعاناة المنتظرين ** باتت الجزائر العاصمة رسمياً أول مدينة إفريقية خالية من السكنات القصديرية متفوقة على عواصم من القارة السمراء كانت تريد تحقيق التجربة غير أن هذا الإعلان يأتي سابقا لأوانه بحسب مراقبين نظرا لوجود العديد من الأحياء الفوضوية التي لا تزال تنتظر الإزالة فضلا عن آلاف العائلات المقصاة من قوائم المستفيدين والتي تتربص بهذا الإنجاز الحلم . نصبت العاصمة البيضاء نفسها رائدة المناطق الخالية بالكامل من الأحياء القصديرية يوم الخميس الماضي بحضور مدير الإقليمي العربي للأمم المتحدة المكلف ببرنامج السكن الأممي ديفيد أوبري ومدير البرنامج الأممي للمستوطنات البشرية عليون بديان. وفي تصريح للصحافة على هامش عملية الترحيل قال بديان: بفضل هذه العمليات الخاصة يمكن للجزائر أن تكون أول مدينة في إفريقيا خالية بشكل كامل من انتشار السكنات الهشة . وأكد أن العاصمة السنغالية دكار كانت تطمح لتحقيق هذه التجربة وتطهير أحيائها من السكن القصديري لكنها فشلت مشيراً إلى أهمية تقاسم التجربة الجزائرية مع دول الجوار خاصة البلدان الإفريقية. من جانبه أكد مدير المكتب الإقليمي العربي للأمم المتحدة المكلف ببرنامج السكن الأممي أوبري أن نجاح الجزائر في كسب هذا التحدي يعود إلى الكفاءة والاستثمار الكبير الذي قامت به السلطات العمومية مشيراً إلى أن الحفاظ على الأمن والاستقرار يشكلان دافعاً للجهات الحكومية للاستجابة لحاجة المواطنين في السكن. وسبق لوزير السكن والعمران والمدينة عبد المجيد تبون أن أكد أن الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية جعلها تتكفل بتسيير قطاع السكن وتولي مسؤولية صيغة السكنات الاجتماعية لمساعدة الطبقات الفقيرة وقال إن الدولة استثمرت أكثر من 60 مليار دولار في إنجاز البرامج السكنية منذ 1999. وقدر عدد السكنات المنجزة منذ ذلك التاريخ بمليونين و800 وحدة سكنية. المشروع كلف أكثر ربع مليون مسكن وضعت الجزائر العاصمة القضاء على البنايات القصديرية كهدف لها سنة 2014 وقالت على لسان وزير السكن عبد المجيد تبون ووالي الولاية عبد القادر زوخ الذي صرح على هامش عملية الترحيل ال21 بأن العاصمة كسبت التحدي المعلن قبل سنتين وتمكنت من القضاء على كبرى الأحياء القصديرية أبرزها حي الرملي الذي كان يضم أكثر من 5000 عائلة . وقال عبد القادر زوخ إن البرنامج الشامل لعاصمة خالية من السكنات القصديرية اشتمل على إنجاز 260 ألف وحدة سكنية بمختلف الصيغ منها السكن الاجتماعي ب84 ألف وحدة و السكن التساهمي ب42 ألف وحدة. وقامت مصالح ولاية الجزائر منذ 2014 بترحيل 36 ألف عائلة إلى سكنات جديدة بمختلف بلديات العاصمة وأشارت إلى أن الدور في الأعوام القليلة المقبلة سيأتي على ترحيل قاطني الأحياء الضيقة والبنايات الهشة. المقصون تحت الصدمة القضاء على الأحياء القصديرية لا يعني منح جميع قاطني الأحياء مسكناً جديداً فهناك عائلات تعرضت أكواخها للهدم دون الاستفادة من شقة لكون اللجان المكلفة بدراسة الملفات رأت عدم أحقيتهم. وفي هذا الصدد يزعم بعض المستبعدين من قائمة المستفيدين الذين اقتربت منهم (أخبار اليوم) بأن ملفاتهم كانت تستوفي جميع الشروط المطلوبة لكنهم تعرضوا للظلم في حين استفاد أشخاص مجهولون نافذون من السكنات بحسب ادعاءاتهم. ورغم أن سلطات ولاية الجزائر تقلل من الأحياء الفوضوية المتبقية التي لا يتعدى عددها العشرة بحسب لأرقامها إلا أن الواقع يظهر وفق مصادر تعمل على هذا الملف أن العدد يتجاوز ذلك بكثير. وبحسب ذات المصادر فإن عشرات الأحياء القصديرية المتوسطة والصغيرة تنتظر الترحيل بالعاصمة بالإضافة إلى المنازل الهشة والآيلة للانهيار وهي التقسيمات التي تضعها وزارة السكن للمساكن الواجب ترحيل أهلها حسب الأولويات. ولا تزال العاصمة البيضاء تشهد من حين لآخر احتجاجات لمواطنين تم إقصاؤهم من الحصول على منازل لائقة لأسباب تقول السلطات إنها تتعلق بعدم أحقيتهم بالاستفادة نظرا لعدم إثباتهم الإقامة الدائمة بالعاصمة. ولم تخل المستشفيات والمراكز الصحية بالموازاة مع العملية ال 21 للترحيل بالعاصمة من بعض الإصابات في صفوف المقصيين من قوائم المستفيدين من السكن بفعل أزمات قلبية وانهيارات عصبية. من جهة أخرى سارع مقصون آخرون لتقديم ملفات الطعن للمصالح الإدارية أملا في إعادة النظر في إقصائهم غير المبرر كونهم يجزمون أن بحوزتهم كافة الوثائق التي تؤكد أحقيتهم في مسكن وأنهم وقعوا ضحية للقرارات الإدارية التعسفية. آلاف الطعون.. ونسب القبول ضعيفة بلغ عدد الطعون التي رفعت من طرف المقصين من قوائم المستفيدين من السكنات الاجتماعية منذ بداية عملية إعادة الإسكان بولاية الجزائر في جوان 2014 إلى حد اليوم 11198 طعن مع الموافقة على 666 طعن حيث نال أصحابها سكنات جديدة او تبديل الطابق أو الشقة بشقة أوسع مع تأجيل دراسة 332 طعن آخر لإجراء تحقيق تكميلي. أما بالنسبة للطعون غير المدروسة فقد تم تسجيل 442 طعن مقسمة على الدوائر الادارية لولاية الجزائر هذا دون احتساب الطعون المتعلقة بالعملية 21 للترحيل التي باشرتها مصالح الولاية قبل أيام. وقد سمح والي ولاية الجزائر عبد القادر زوخ مؤخرا للجنة الولائية للطعون أن تنظر مجددا في الطعون التي سبق لها أن رفضتها إذا ما استظهر المعنيون بأدلة جديدة تثبت أحقيتهم في السكن الاجتماعي حيث بإمكان المعنيين الذين يريدون الطعن مجددا في طعونهم التي رفضت سلفا أن يقوموا بذلك.. هذا العدد الضخم من الطعون المسجلة إذا ما قارناه بنسبة القبول الضعيفة يعني انضمام آلاف العائلات إلى قائمة المستبعدين من السكن الذين يتربصون بإنجاز العاصمة الإفريقية الأولى الخالية من البيوت القصديرية .