قال خبراء قانونيون إن القضاء السعودي وحده هو صاحب الكلمة النهائية في تسليم الداعية الدكتور عوض القرني لمصر إذا تمت إدانته بحكم نهائي في قضية غسل أموال جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وبشرط أن لا يكون هذا الحكم مخالفا للنظام العام في السعودية، بالاضافة إلى شروط أخرى تنص عليها اتفاقية تنفيذ الأحكام الموقعة بين البلدين. وأعلن في مصر الأحد 9 ماي أن محكمة أمن الدولة المصرية العليا - طوارئ، ستبدأ في 14 جوان المقبل، محاكمة الداعية السعودي عوض بن محمد القرني، مع 4 من كوادر »الإخوان المسلمين«، بتهمة »غسل أموال وتمويل تنظيم محظور«، من خلال تبرعات يتم جمعها في الخارج، وخصوصاً في بريطانيا. وسيُحاكم القرني بالإضافة إلى المصريين إبراهيم مصطفى ووجدي غنيم غيابياً، بينما يفترض أن يمثل المصريان الآخران، وهما أمين عام مساعد في نقابة الأطباء المصريين أشرف عبد الحليم، وأسامة محمد سليمان، وهو رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الصرافة العاملة في مصر، أمام المحكمة. وقال ثروت الخرباوي المحامي الإسلامي المعروف والقيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين إن »ما قاله الداعية السعودي الدكتور عوض القرني حول عدم تكليفه محامين للدفاع عنه في قضية اتهامه بغسل الأموال لصالح جماعة الإخوان المسلمين ليس له محل من الإعراب لأنه، وفقا لأحكام القانون لا يجوز لمحام أن يترافع عن متهم غائب، بل يجب أن يكون المتهم حاضرا أمام المحكمة«. وأكد الخرباوي أنه إذا ما تمت محاكمة القرني غيابيا وإدانته فالسلطات السعودية ملزمة بتسليمه إذا كانت شروط اتفاقية تنفيذ الأحكام التي وقعتها مصر والسعودية تتفق مع حالته. واستطرد بأن هذه الاتفاقية وقعتها مصر والسعودية منذ 1964 وبالتالي إذا صدر حكم في مصر ضد القرني فالسلطات السعودية ملزمة بتسليمه وفق معايير وشروط اتفاقية التسليم الموقعة، والتي من بينها »أن ترى الدولة الموجود بها وينتسب لها المتهم ويحمل جنسيتها أن هذه الأحكام لا تمس سيادتها«. اللجوء للقضاء السعودي وتابع الخرباوي »من شروط إعمال اتفاقية تنفيذ الأحكام ألا يتعارض الحكم الذي صدر ضد المتهم مع النظام العام للبلد التي أدين مواطنها، فمثلا لنفترض أن حكما صدر ضد مصري بقطع يده للسرقة وهذا المصري موجود في مصر، هنا يجوز للسلطات المصرية ألا تسلمه للسلطات السعودية حتى لو كان مدانا بالسرقة لأن قطع اليد عقوبة سعودية تتعارض مع النظام العام المصري، نفس الكلام ينطبق على المتهمين والمدانين السعوديين في أي قضايا مصرية ومنها قضية اتهام عوض القرني بغسل الأموال لصالح جماعة الإخوان المسلمين في مصر«. ولفت إلى أنه يجوز للداعية عوض القرني أن يلجأ للقضاء السعودي ويطالب بعدم تسليمه للسلطات المصرية إذا ما صدر ضده حكم بالإدانة على أساس مخالفة الأحكام للنظام العام في السعودية وعلى القاضي في المملكة أن يتحقق من مخالفة هذه الأحكام للنظام العام السعودي«. واستطرد »رغم اختلافي مع الإخوان المسلمين إلا أنني أرى أنها اتهامات سياسية ارتدت ثوب الجنائية وليست قانونية، لأنها استندت على محاضر تحريات، وهذه المحاضر مجرد اجتهادات وآراء شخصية لمن يقومون بها، ولا ترقى للأدلة المادية«. وأضاف الخرباوي »المحاكم الجنائية لا تقام على الرأي والاجتهاد الشخصي، ولهذا فإن مثل هذه القضايا يكون لها مواماتها أمام المحكمة، ورغم أنني ضد كثير من ممارسات الإخوان المسلمين إلا أنه من الظلم محاكمتهم أمام هذه المحاكم العسكرية وهي تفتقر دائما إلى العدالة، بل يجب محاكمتهم إذا ثبتت الاتهامات ضدهم أمام قاضيهم الطبيعي، خاصة أن جميع محاكم أمن الدولة العليا والمحاكم العسكرية مطعونٌ بعدم دستوريتها، ولكن صدور حكم بعدم دستوريتها مؤجل سياسياً من قبل صناع القرار في مصر«. وقال عبد المنعم عبد المقصود محامي جماعة الإخوان المسلمين إن معظم الدول العربية لا تعترف بالمحاكم الاستثنائية في مصر كمحاكم أمن الدولة طوارئ والمحكمة العسكرية، وبالتالي إذا صدر ضد المتهمين أحكام فإن مصر لن تستطيع تنفيذها بالنسبة للمحاكمين غيابيا. وأكد عبد المنعم عبد المقصود »من واقع خبرتي في مثل هذه القضايا لا أعتقد أن السلطات المصرية ستطلب تسليم عوض القرني أو الداعية وجدي غنيم أو إبراهيم منير، وهم المتهمون الثلاثة غيابيا والمحالون للمحاكمة، بل ستكتفي فقط بالموقوفين في مصر، خاصة أن القضية ليست قانونية إلى هذه الدرجة فمعظم الاتهامات التي وجهت للمتهمين لا أساس ولا دليل عليها، بل هي مجرد قضية إعلامية وسياسية فقط«. القرني: أحكام تافهة وكان الداعية السعودي شنّ هجوماً عنيفاً على الأمن المصري، على خليفة اتهامه في القضية، مبدياً عدم ثقته بالقضاء المصري. وأكد أنه »لن يطأ أرض مصر في ظل النظام الحالي«، الذي قال إن أحكامه لا تساوي الورق الذي كتبت عليه«، وأنه لن يهدر وقتاً أو جهداً أو مالاً للدفاع عن نفسه »أمام هكذا قضاء«. كما نفى الاتهامات المصرية، واصفاً إياها ب»محض افتراء وكذب، ويحمل في ثناياه أدلة تكذيبه«. وتابع أن »أجهزة الأمن المصرية تقول إنني جمعت أموالاً من مؤتمرات ومراكز إسلامية في بريطانيا، وأنا لم أدخل بريطانيا في حياتي«. مضيفاً »لم أحول جنيهاً ولا ريالاً في حياتي لمصر«. وقال القرني إن هذه الاتهامات »مفبركة من الموساد الإسرائيلي، وأوكلت لأجهزة الأمن المصرية، بسبب موقفنا من الاعتداء على غزة والدفاع عن القدس«. وفيما أبدى استعداده للمثول أمام القضاء السعودي، والذي قال إنه كفيل بالرد على كل من له مطالب عليه، استبعد أن تسلّمه المملكة لمصر، قائلاً إنه لا يتصور »أن تسلّم المملكة أحداً من أبنائها لأي دولة أو محكمة أخرى«. جمع تبرعات من خارج مصر ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، أن تحريات ما أسمته »مباحث أمن الدولة« تشير إلى أن الأموال المذكورة »تم جمعها لصالح الجماعة من خلال تبرعات خارج البلاد. ونظم هذه العملية المتهمون على هامش مؤتمرات وندوات عقدت بالعاصمة البريطانية لندن تحت ستار إقامة مشروعات خيرية بالدول الإسلامية«. وزعمت الوكالة أن هذه التبرعات تم جمعها »من خلال المؤسسات التي تتخذها الجماعة غطاء لتحركها في لندن. وهي دار الرعاية التابعة لجمعية الدعوة الإسلامية بإنكلترا، حيث تم جمع تبرعات بلغت حصيلتها أكثر من مليوني جنيه إسترليني«. وزعمت الوكالة أن غنيم »نظم حملة تبرعات أخرى على هامش ندوة عقدت بتاريخ 15 فبراير 2009 في بلدة كينغ ستون ببريطانيا، كما نظم المتهم الرابع حملة أخرى على هامش مؤتمر عقد في لندن بتاريخ 24 مايو2009 وتمكن من جمع تبرعات تجاوزت مليوني جنيه إسترليني«. وسيحاكم المتهمون أمام محكمة أمن الدولة العليا - طوارئ التي أنشئت بموجب قانون الطوارئ والتي لا يجوز الطعن بأحكامها أمام هيئة قضائية أعلى.