أكد الدكتور عبد المجيد النجار الأمين العام للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث أن الفقه السياسي أصبح أضعف حلقات الفقه الإسلامي في العصر الحديث، موضحا أن السبب في ذلك يرجع إلى تبعية علماء الدول الإسلامية إلى الحكام والأنظمة السياسية الحاكمة. وحذر النجار من ممارسات العلمانيين وأصحاب الأقلام المأجورة الذين يعملون على هدم الدين الإسلامي من خلال تخويف الناس من الدولة الدينية، موضحا أن الإسلام لا يعترف بالدولة الدينية حيث أن الإسلام هو دين العالمين الذي جعله الله منهاجا لصلاح كل شيء. وأوضح أن الدولة الدينية معناها الحقيقي هو الدولة الكنسية والبابوية التي تقوم على الابتزاز من خلال احتكار الكنيسة لإصدار القرارات السياسية وتكبيل العقول بقيود الوحي المزعوم، وهيمنتها على الأمور العقائدية والسيطرة عليها باسم المسيح، وتفصيل ذلك: أن المسيحية كدين تجعل للكنيسة وظيفةً معينةً في صلب الديانة المسيحية، وهي ما يعرف ب»الخدمة الدينية«، وقد حدث في التاريخ الأوروبي أن أصبحت الكنيسة سلطةً لا روحيةً فحسب، ولكن مدنية كذلك، تتولى تتويج الأباطرة، وتسيطر على أملاك ضخمة معفاة من الضريبة، وتُصدِرُ قرارات الحرمان وصكوك الغفران. ولفت إلى أنه حين أرادت الحكومات أن تتخلَّص من سلطة الكنيسة نادت بفصل الدين عن الدولة، أي فصل الإدارة الحكومية عن الإدارة الكنَسية، وكان لهذا التعبير مدلوله الواقعي، لأن الكنيسة منظمة دينية وجزء من صلب المسيحية كديانة، منبها على أن الإسلام لا توجد به كنيسة، ولا يوجد به (أكليروس)، ولا وساطة هنالك بين الله والناس، كما أنه لا توجد هيئة معينة تتولَّى الطقوس الدينية، والتي بدونها لا تقام هذه الطقوس. وأضاف أنه دعوة بعض المخربين من الذين ينادون بفصل الدين عن الدولة قولهم مردود عليهم خاصة وأن الإسلام قد تولَّى تنظيم المجتمع بتشريعات وقوانين معينة، ثم وضع مبادئ عامة لتُصاغ في ظلها القوانين والتشريعات التي لم يتضمَّنها نصها، لأن المجتمع لم يكن في حاجة إليها حينذاك، وهذه المبادئ العامة كهذه القوانين والتشريعات هي قوام العقيدة الإسلامية، ولا توجد عقيدة بدونها، كما أن هذه المبادئ العامة هي الضمانة لتلبية حاجة المجتمع المتجددة إلى تشريعات جديدة في ظل العقيدة الإسلامية، حتى يظل المجتمع ناميًا متجددًا، وهي في الوقت ذاته مجتمع مسلم محكوم بقوانين إسلامية، مضيفا أنه لا محيص إذن من تنفيذ الشريعة الإسلامية بمبادئها العامة كمصدر لكل تشريع جديد يحتاج إليه المجتمع المتجدد. خاصة وأن الإسلام دين العالمية الصالح لكل زمان وكل مكان.