بعد تعرفنا في حلقة أمس عن القوانين الأولى للعبة كرة القدم، وهي القوانين التي مهدت لتأسيس العديد من الأندية، خاصة في إنجلترا، كما تأسس الاتحاد الدولي للعبة »الفيفا«، وتجسيد حلم جون ريمي، والمتمثل في تأسيس منافسة عالمية أطلق عليها اسم كأس العالم، في حلقة اليوم سنتعرف على أول بطولة عالمية جرت عام 1930 بالأورغواي. وقبل ذلك نتعرف على فترة إقامة المونديال. فكرة إقامة أول بطولة عالمية لكرة القدم بدأت فكرة بطولة كأس العالم عندما دعا الفرنسي ألين جيرار في بداية القرن العشرين، إلى جمع شباب العالم في بطولة دولية يمارسون فيها اللعبة الصاعدة، التي بدأت تسحر الألباب بعد بداياتها في إنجلترا. 1914: "الفيفا" تعترف بالبطولة الأولمبية لكرة القدم في عام 1914، وافق الاتحاد الدولي لكرة القدم على الاعتراف بالبطولة الأولمبية لكرة القدم ك »بطولة عالمية لكرة القدم للهواة«. وتولت مسؤولية إدارة أحداث البطولات الأولمبية الثلاث القادمة (1920 / 1924 / 1928)، (في دورة الألعاب الأولمبية 1908 و1912، تكفّل بتنظيم البطولة الكروية فيهما كُل من اتحاد كرة القدم والاتحاد السويدي لكرة القدم على التوالي. الحرب العالمية الأولى أخّرت الانطلاقة كان لاندلاع الحرب العالمية الأولى السبب المباشر في تأخير انطلاقة أول بطولة لكرة القدم إلى حين، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها جاء فرنسي آخر هو جول ريميه رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في 1928، وهنري ديلواني السكرتير العام للاتحاد، ليحيي فكرة مواطنه، وكان العالم وقتها بحاجة إلى معاني جديدة تقرب الشباب الصاعد من بعضه البعض، وتمنحه مفاهيما جديدة تختلف عن تلك التي أدت إلى الحرب، فكان الإجماع هذه المرة على فكرة جول ريميه. أهم قرارات مؤتمر أمستردام انبثق عن مؤتمر أمستردام المنعقد بتاريخ 26 ماي 1928 العديد من القرارات المهمة التي غيرت مجرى مستقبل كرة القدم، منها على وجه الخصوص: أولا: إقامة بطولة مستقلة عن الألعاب الأولمبية، ومفتوحة لجميع الدول المنضوية تحت لواء الاتحاد العالمي لكرة القدم.. ثانيا: تسمية أول كأس عالمية بجون ريميه نسبة وتكريما لمن أوجد البطولة. ثالثا: تحديد جائزة المتوج بأول بطولة عالمية ممثلة في كأس ذهبية من النوع الخالص، تزن 4 كلغ، وطوله 30 سم.. رابعا: إقامة البطولة كل أربع سنوات في منتصف إقامة الألعاب الأولمبية ما بين أوروبا وأمريكا اللاتينية. وبقي هذا القرار ساري المفعول إلى غاية عام 1994، حيث جرت أول دورة عالمية خارج قارة أوروبا وأمريكا اللاتينية. رابعا: الاتفاق على إقامة أول بطولة عالمية لكرة القدم عام 1930. خمسة بلدان تقدمت لاحتضان أول بطولة عالمية أثناء مؤتمر أمستردام المنعقد بتاريح 26 ماي 1928، والذي شهد تأسيس كأس العالم لكرة القدم، وفور إعلان تأسيس إقامة بطولة عالمية في كرة القدم مستقلة عن الألعاب الأولمبية، فُتح المجال للمجتمعين للتقدم بطلب احتضان أول بطولة عالمية، والتي حُدد تاريخ إقامتها مبدئيا في صائفة عام 1930. اجتماع برشلونة اختار الأورغواي لاستضافة مونديال 1930 أثناء انعقاد مؤتمر الاتحاد الدولي لكرة القدم بمدينة برشلونة الإسبانية في 18 ماي 1929، أي بعد مرور سنة كاملة عن انعقاد مؤتمر أمستردام، تم اختيار دولة الأورغواي لاحتضان العرس العالمي الأول لكرة القدم، وبذلك تحقق حلم الفرنسي جون ريمي، الذي خاض حربا شرسة مع أعضاء اللجنة الأولمبية بمعارضتهم الشديدة لإقامة بطولة عالمية لكرة القدم، مستقلة عن الألعاب الأولمبية، لكن الترحاب الذي لقاه الفرنسي جون ريمي من رؤساء الاتحادات الكروية في الكثير من بلدان أوروبا وحتى من بلدان القارة الأمريكية، جعل حلم إقامة بطولة عالمية يتجسد على أرضية الواقع، أوّلا بتأسيس الاتحاد الدولي للعبة، وثانيا بالاتفاق على تأسيس بطولة عالمية لهذه الرياضة، مستقلة عن اللجنة الأولمبية. الاختيار الذي أغضب الدول الأوروبية لقي إسناد إقامة أول بطولة عالمية لكرة القدم إلى دولة الأورغواي، معارضة شديدة من لدن الدول الأوروبية، التي حضرت اجتماع مدينة برشلونة، ويتعلق الأمر بكل من إيطاليا وإسبانيا والسويد وهولندا. وقد برر ممثلو هذه الدول معارضتهم الشديدة على أن تقام البطولة بالأورغواي لبعد هذا البلد عن القارة الأوروبية، فكانوا يرون في إسناد إقامة البطولة للأورغواي فرصة لهذا البلد لانتزاع لقب أول دورة؛ على اعتبار أن منتخب الأورغواي كان قد تُوج مرتين بالميدالية الذهبية للدورتين الأخيرتين للألعاب الأولمبية. ورغم المعارضة الشديدة من لدن ممثلي البلدان الأربعة السالف ذكرها على اختيار الأورغواي لاحتضان أول بطولة عالمية، إلا أن رئيس الاتحاد الدولي للعبة أصر على اختياره، وسانده في ذلك جل أعضاء الاتحاد الدولي للعبة، الأمر الذي اضطر ممثلي الدول الأربعة للرضوخ لاختيارات »الفيفا« خوفا من إجهاض مشروع كأس العالم. المشاركة في البطولة لكل من استطاع عكس ما هو حاصل اليوم، حيث يتطلب من أي منتخب حضور العرس العالمي لخوض العديد من المباريات الإقصائية، تُعتبر البطولة الأولى التي نحن بصدد الحديث عنها، الوحيدة من ضمن جميع البطولات التي لم يكن بها تصفيات مؤهلة، حيث دعا الاتحاد الدولي لكرة القدم »الفيفا« جميع المنتخبات المنتسبة تحت لواء هذه الهيئة للمشاركة في البطولة. المنتخبات الأوروبية الخمسة سافرت على متن باخرة واحدة إلى الأورغواي، ويتعلق الأمر ببلجيكا، وفرنسا ورومانيا ويوغسلافيا وإيطاليا. وفور إعلانها مشاركتها في البطولة بدأ التفكير في كيفية التنقل إلى الأورغواي. ونظرا لطول الرحلة وكلفتها المالية تم الاتفاق على أن يكون التنقل عن طريق البحر وجماعيا. ووقع الاختيار على باخرة الكونت الأخضر. لكن في آخر لحظة قررت الحكومة اليوغسلافية إرسال منتخبها على متن باخرة مستقلة، وتم اختيار باخرة فلوريدا. استقل المنتخب الروماني مع إداريي الفريق والمتمثل في كونستانتين رادوليسكو وقائده ومدربه رودولف ويتزر، باخرة الكونت الأخضر بمدينة جنوى الإيطالية. وأُقِل الفرنسيون من مدينة فيلفرانش سور مير بتاريخ 21 جوان؛ أي قبل ثلاثة أسابيع فقط عن التاريخ الذي حددته الاتحادية الدولية لكرة القدم على انطلاقة البطولة. أما بخصوص المنتخب البلجيكي فقد فضلوا مرفأ مدينة برشلونة لركوب باخرة الكونت الأخضر. وقد وجدوا على متنها منتخبات فرنسا ورومانيا ويوغسلاقيا. 13 منتخبا شاركوا في البطولة ثمانية من أمريكا وخمسة من أوروبا بلغ عدد المنتخبات التي شاركت في أول بطولة عالمية لكرة القدم التي نحن بصدد الحديث عنها، ثلاثة عشر منتخبا، ثمانية منها من القارة الأمريكية والبقية من القارة الأوروبية. والمنتخبات التي شاركت في البطولة هي: من القارة الأمريكية: الأورغواي مستضيف البطولة، والمكسيك، والولاياتالمتحدةالأمريكية، والأرجنتين، والمكسيك، والشيلي، وبوليفيا والباراغواي، فيما شارك من القارة الأوروبية كل من فرنسا، ورومانيا، وإيطاليا، ويوغسلافيا وبلجيكا. قرعة البطولة جرت أسبوعا قبل انطلاقتها عكس ما هو جار حاليا، حيث تُسحب القرعة قبل ستة أشهر عن إشارة الانطلاقة، فالدورة الأولى قد يتفاجأ الكثيرون بأن عملية القرعة لتحديد تركيبة المجموعات جرت قبل أسبوع فقط عن انطلاقتها لعدم تأكد مشاركة بعض المنتخبات. سحبت القرعة بالعاصمة الأورغويانية مونتيفيديو. وترأّس عملية القرعة رئيس الاتحاد الدولي للعبة الفرنسي جون ريمي، الذي كان قد وصل إلى الأورغواي أياما قليلة عن انطلاقة البطولة في نفس الباخرة »الكونت الأخضر« رفقة منتخبات بلجيكا وإيطاليا ورومانيا وفرنسا والبرازيل. قرعة المونديال الأول استقرت عملية القرعة الأولى للبطولة العالمية على النحو التالي: المجموعة الأولى: الأرجنتين، تشيلي، فرنساوالمكسيك المجموعة الثانية: البرازيل وبوليفيا ويوغسلافيا المجموعة الثالثة: الأورغواي البلد المنظم والبيرو ورومانيا المجموعة الرابعة: الولاياتالمتحدةالأمريكيةوبلجيكا والباراغواي. المجموعة الأولى... منتخب "التانغو" بامتياز كانت المجموعة الأولى هي المجموعة الوحيدة التي تتكون من أربعة فرق، وهي: الأرجنتين والشيلي وفرنساوالمكسيك. بعد يومين من فوز فرنسا على المكسيك تواجهت فرنسا مع الفريق الأرجنتيني. أحرز الأرجنتيني (لويس مونتي) الهدف الوحيد في المباراة من ضربة حُرة. ومن الغريب أن الحكم البرازيلي (الميدو ريغو) قد أطلق صافرة النهاية قبل انقضاء وقت المباراة الأصلي بست دقائق. وبعد أن اعترض اللاعبون الفرنسيون على النهاية المبكرة تم استئناف اللقاء. في المباراة الثانية بين الأرجنتين والمكسيك، تم احتساب أول ركلة جزاء في البطولة، فيما تم احتساب خمس ركلات جزاء من قِبَل الحكم البوليفي (يوليزيز ساكيدو)، فكانت ثلاثة منها محل جدل. وكان فيها أيضاً، أول هاتريك في البطولة من نصيب اللاعب الأرجنتيني (غييرمو ستابيلي)، وبذلك انتهت المباراة بنتيجة 6 3 لصالح الأرجنتين. في الجولة الأخيرة، انتصرت الأرجنتين على تشيلي رغم المشاجرة التي حدثت أثناءها بسبب ارتكاب اللاعب الأرجنتيني (مونتي) خطأ ضد التشيلي (أرتورو توريس)، فانتهت المباراة بثلاثة أهداف لهدف، وبها تأهلت الأرجنتين للدور الثاني. المجموعة الثانية... يوغوسلافيا تزيح البرازيل من المربع الذهبي ضمت المجموعة الثانية البرازيل وبوليفيا ويوغسلافيا. البرازيل التي وُضعت على رأس مجموعتها بعثت فريقاً يتألف أساساً من لاعبين من ريو دي جانيرو، وكان ذلك بسبب خلاف داخلي مع لاعبي ساو باولو. ومع هذا كان يُتوقع أن يرتقي مستواهم. ففي المباراة الافتتاحية بالمجموعة حققت يوغوسلافيا نصراً مُفاجِئاً على البرازيل بنتيجة 2 1. وفاز كِلا الفريقين »بأريحية« على بوليفيا (بالرغم من حصول خلط وتشويش كبيرين أثناء مباراة البرازيل وبوليفيا، ولمدة 45 دقيقة، بسبب ارتداء الفريقين قمصاناً بنفس اللون. ومع طلب حكم المباراة تم تغيير القمصان). وفي ختام الجولات، ترشحت يوغوسلافيا عن المجموعة الثانية. المجموعة الثالثة... البلد المنظم بدون عناء استضافت الأورغواي بمجموعتها بيرو ورومانيا. شهدت المباراة الافتتاحية في هذه المجموعة أول حالة طرد في المنافسات، عندما تم طرد اللاعب البيروفي (بلاتشيدو غاليندو) في مباراتهم ضد رومانيا، فاستفيد من نقص عدد الفريق البيروفي، ليُسجل الرومانيون هدفي الفوز في وقت متأخر من المباراة. لم تلعب الأورغواي أولى مبارياتها على ملعب سينتيناريو بسبب تأخر عملية إنهاء البناء. ولم تلعب حتى بعد بدء البطولة بخمسة أيام. وقد تم إطلاق اسم »المئوية« على هذا الملعب بمناسبة الاحتفالية المقامة عليه لإحياء الذكرى المئوية لاستقلال الأورغواي. انتصرت الأورغواي على البيرو في أول مبارياتها بنتيجة 1 0 والتي اعتبرتها الصحافة الأورغوانية »ذات أداء سيئ« لمنتخب بلادها، فيما أشادت بالمستوى البيروفي. وهزمت الأورغواي بعدها الفريق الروماني بسهولة، مسجلةً جميع أهداف المباراة الأربعة في الشوط الأول. المجموعة الرابعة... المنتخب الأمريكي بالقوة الرابعة هيمن الفريق الأمريكي على مجموعته، كونه يتشكل من لاعبين محترفين من بريطانيا. أول الخصوم كان بلجيكا. وتم هزيمتها بثلاثة أهداف نظيفة. هذا النصر السهل لم يكن متوقعاً أبداً؛ ما حدى الصحيفة الأورغوانية إلى كتابة تعليقها بالمباراة تحت عنوان: »بتلك المُحصّلة الكبيرة للفوز الأمريكي.. تفاجأ الخبراء بحق«. أمّا في الطرف البلجيكي، فقد عبّروا عن استيائهم لسوء حالة الملعب. وتم التشكيك أيضاً في القرارات التحكيمية. وادّعوا عدم صحة الهدف الثاني؛ باعتباره تسلّلاً. في المباراة الثانية بالمجموعة، شهدت البطولة أول »هاتريك«، فحملت توقيع اللاعب الأمريكي (بيرت باتينود) في مرمى الباراغواي. ولم يتم الاعتراف به كأول هاتريك حتى ال 10 من نوفمبر 2006، وكان ذلك بسبب أن سِجِلات الفيفا قد اعتبرت أن أول هاتريك كان من نصيب اللاعب الأرجنتيني (غييرمو ستابيلي). وقد أحرزهم بعد يومين من تسجيل باتينود لثلاثيته »المشكوكة«. وعلى العموم، فقد أعلن الفيفا عام 2006 بأن أول ثلاثية في كأس العالم كانت من صالح اللاعب الأمريكي (باتينود)، وأن الهدف المنسوب لزميله (توماس فلوري) ما هو إلا له. وفي ختام مباريات المجموعات الأربع، تأهلت كُل من الأرجنتين، يوغسلافيا، الأورغواي والولاياتالمتحدةالأمريكية للدور ما قبل النهائي. الأورغوراي والأرجنتين في النهائي شهد الدور نصف النهائي مواجهتين غير متكافئتين، حيث التقى أصحاب الأرض مع المنتخب الأمريكي بفوزهم عليه ب 6 1، فيما التقى في اللقاء الثاني المنتخب الأرجنتني مع المنتخب اليوغسلافي، وانتهى لمصلحة الأول 6 0. الأورغواي ... بطلة العالم افتتح باب التسجيل منتخب الأورغواي في الدقيقة 12 بواسطة دورادو. لم تدم فرحة الجماهير الغفيرة التي غصت مدرجات ملعب »المئوية« إلا ثماني دقائق فقط، حيث عدل اللاعب بيوتشيلي النتيجة. و قبل ثماني دقائق عن نهاية المرحلة الأولى، نفس اللاعب بيوتشيلي، يضيف الهدف الثاني للأرجنتين. شهدت المرحلة الثانية عودة قوية لأصحاب الأرض منتخب الأورغواي، بتوقيعه ثلاثة أهداف كاملة، دون أن تهتز شباكه ولو مرة واحدة، الأمر الذي مكّنهم من انتزاع تاج العالم لأول مرة. تجدون في الحلقة الرابعة: المونديال في أوروبا... من فاز بكأس العالم الثانية؟ وأين أقيمت؟ ومن هو المنتخب العربي الذي شارك في أول نهائيات كأس العالم؟