سنتحدث في هذه الحلقة عن المونديال الثامن الذي جرى في صائفة عام 1966 بإنجلترا، وهي البطولة التي يراها الكثيرون من مؤرخي كأس العالم، أنها بداية حقيقية في التحول الكبير التي شهدتها اللعبة، بالنظر إلى النجاح الباهر الذي حققته دورة إنجلترا، خاصة من حيث الإقبال الجماهيري والمستوى الرفيع، وظهور نجوم كبار، صنعوا فيما بعد أمجاد منتخبات بلدانهم، ونخص بالذكر الألماني فرانس بيكنباور والحارس الإنجليزي بانكاس. ترى من هي المنتخبات المشاركة؟ ومن تُوج بالكأس؟ وما هي النتائج التي حفلت بها البطولة؟ تلكم من بين الأسئلة التي سنجيبكم عنها في حلقة هذا العدد. عودة كرة القدم إلى مهدها فوز إنجلترا بشرف استضافة البطولة الثامنة أفرح الكثيرين من عشاق هذه الرياضة، كيف لا وإن هذا البلد الملقب ببلد الضباب، فوقه عادت مجددا رياضة كرة القدم للظهور بأرض »الإنجليز« تأسست النوادي الكروية، وتأسست أول بطولة هاوية واحترافية، كما إن أول رئيس للاتحاد الدولي لكرة القدم »الفيفا«، كانت جنسيته إنجليزية. المونديال في إنجلترا كما توقع البعض في الدقائق الأخيرة من التصويت على اسم البلد الذي يستحق استضافة المونديال الثامن، فازت إنجلترا بهذا الشرف على حساب ألمانيا، التي عليها أن تنتظر ثماني سنوات أخرى لتستضيف العرس العالمي الكبير، وهو ما سنتعرف عليه في الحلقة رقم 32 بإذن الله تعالى. انتخاب ستانلي ماتيوس رئيسا جديدا للفيفا بعد شهر واحد من نيلها حق استضافة البطولة لاقت إنجلترا دعما كبيرا آخر بعدما انتُخب الإنجليزي ستانلي ماتيوس رئيسا للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). منع تجنيس اللاعبين الأجانب ومن بين أهم القرارات التي تم اتخاذها من طرف الرئيس الجديد للفيفا، الإنجليزي ستانلي ماتيوس منع تجنيس اللاعبين الأجانب. وبعد الفوضى العارمة التي ميزت البطولات السبع السابقة، خاصة بإقدام المنتخبات الأوروبية الكبيرة، بمنح الجنسية لأشهر نجوم الكرة في تلك الفترة، حيث استقدم على سبيل المثال المنتخب الإيطالي أربعة لاعبين من منتخب الأرجنتين عام 1964، كما أن المنتخب الإسباني لعب له نجم المنتخب المجري بوشكاش في مونديال الشيلي، وهو الذي نشط نهائي البطولة الخامسة التي جرت بالسويد عام 1954، وهلم جرا عن منتخبات مثل ألمانيا، التي لعب لها العديد من اللاعبين النمساويين والبولونيين وحتى التركيين. اختفاء كأس العالم قبل أربعة أشهر من افتتاح البطولة اهتزت إنجلترا كلها بعدما سُرقت كأس جول ريميه التي كانت معروضة في لندن. وبحثت الشرطة الإنجليزية عن الكأس في كل مكان لمدة أسبوع بدون جدوى. وقد تحولت سرقة الكأس العالمية الغالية إلى حدث عالمي كبير أشبه بسرقة رئيس دولة عظيمة، كيف لا وإن هذه الكأس هي ملك للعالم أجمع، وهي التي وحّدت الكثير من سكان المعمورة! وبعد أن استعصى على رجال الأمن العثور على كأس العالم كانت المفاجأة من كلب صغير يدعى »بيكلز«؛ فبينما كان يتنزه مع صاحبه في إحدى الحدائق وأثناء نبشه تحت إحدى الأشجار في الحديقة عثر على الكأس العالمية الغالية كأس جول ريميه، وعلى الفور أصبح بيكلز بطلا قوميا. تطالعون في الحلقة المقبلة: المنتخبات ال 16 المشاركة إنجلترا (منظمة البطولة)، البرازيل (بطلة الدورة الأخيرة)، فرنسا، المجر، بلغاريا، البرتغال، سويسرا، ألمانياالغربية، إسبانيا، إيطاليا، الاتحاد السوفياتي، الأورغواي، المكسيك، الأرجنتين، الشيلي، كوريا الشمالية. قرعة البطولة أسفرت قرعة البطولة الثامنة التي جرت في نهاية عام 1965 على النتائج التالية: المجموعة الأولى: إنجلترا - الأورغواي - المكسيك - فرنسا. المجموعة الثانية: ألمانياالغربية - الأرجنتين - إسبانيا - سويسرا. المجموعة الثالثة: البرازيل - البرتغال - المجر - بلغاريا. المجموعة الرابعة: روسيا - كوريا - إيطاليا - الشيلي. الدور الأول إقصاء حامل النسختين الأخيرتين وتألق كوريا الجنوبية حملت مباريات المجموعة الأولى تأهل كل من المنتخبين الإنجليزي والأورغوياني إلى الدور الثاني، فيما سُجل إقصاء المنتخبين الفرنسي والمكسيكي. المجموعة الثانية: لم يجد المنتخبان الألماني الغربي والأرجنتين أدنى صعوبة في المرور إلى الدور الثاني بعد تصدرهما الريادة، لكن الأفضلية للمنتخب الألماني بفارق الأهداف. أما المرتبتان الثالثة والرابعة فقد عادتا للمنتخبين الإسباني والسويسري. أهم ما سُجل على المجموعة الثالثة إقصاء حامل اللقب البرازيل من بلوغ الدور الموالي بعد حصده خسارتين، فيما تأهل المنتخبان المجري والبرتغالي. أما في المجموعة الرابعة فقد فجر المنتخب الكوري واحدة من أكبر مفاجآت كأس العالم ببلوغه الدور الثاني على حساب عمالقة اللعبة، وفي مقدمتهم المنتخب الإيطالي، إذ تمكن الكوريون من هزمه بنتيجة هدف دون رد، وهو المنتخب الذي رافقه إلى الدور الموالي المنتخب الروسي بعد أن كسب المواجهة الثانية أمام إيطاليا بهدف دون رد. وتعادل الشيلي مع كوريا الجنوبية، لكن الجولة الثالثة والأخيرة مكنت الروس من هزم الشيلي بهدف دون رد، في وقت التعادل كان يكفي الشيلي لبلوغ الدور الموالي. الدور ربع النهائي منتخبات أوروبا في المربع الذهبي أهم ما يمكن أن نقوله عن مباريات الدور ربع النهائي أنه أفرز تأهل أربع منتخبات من القارة الأوروبية. المواجهة الأولى بين إنجلترا والأرجنتين انتهت لمصلحة أصحاب الأرض بهدف دن رد، فيما انتهت المواجهة الثانية لمصلحة ألمانياالغربية بنتيجة ساحقة 4-0، في لقاء تألق اللاعب موللر بتوقيعه ثلاثية كاملة في شباك منتخب الأورغواي. وبهدفين لواحد تأهل الروس إلى المربع الذهبي بفوز الصعب بهدفين لواحد على حساب المجر. أما المواجهة الأخيرة، والتي انتظرها محبو الساحرة بتأهل البرتغال على حساب كوريا الشمالية، فبعد أن كان هذا الأخير قاب قوسين أو أدنى من المربع الذهبي؛ كونه كان يتقدم منافسه بثلاثية كاملة، لكن »تريو« المنتخب البرتغالي بقيادة إيزبينوا مكنوا البرتغاليين من تعديل النتيجة في بداية الأمر، ليضيفوا هدفين آخرين، في لقاء تألق فيه موزمبيقي الأصل إيزيبو من تشكبلة البرتغال. الدور نصف النهائي سقوط البرتغال والروس على يد ألمانيا والإنجليز في المواجهة الأولى تمكن المنتخب الألماني من إزاحة الروس بهدفين مقابل هدف واحد، وقّعهما كل من هالر وبيكنباور »القيصر«، وهو مدرب الفريق الألماني الذي حصل على كأس العالم 1990. المواجهة الثانية جمعت بين إنجلترا البرتغال، وعاد فيها الفوز لأصحاب الأرض بهدفين لواحد. المنتخب البرتغالي كان السباق إلى التسجيل بواسطة إيزيبيو كالعادة. وعدّل للمنتخب الإنجليزي جاكي تشارلتون، ليضيف نفس اللاعب الهدف الثاني، الذي أهل به منتخب بلاده لأول وآخر مرة للنهائي العالمي. اللقاء الترتيبي البرتغال ثالثة والروس رابعا في مباراة المركزين الثالث والرابع فازت البرتغال على الاتحاد السوفياتي بهدفين مقابل هدف واحد، لتنال الميدالية البرونزية عن استحقاق وجدارة. وشهد اللقاء تسجيل إيزيبيو لهدفه التاسع في هذه البطولة. النهائي عارضة.. وكرة.. إنجلترا بطلة العالم على حساب ألمانيا احتشد ما يزيد عن 93 ألف متفرج داخل ويمبلي لحضور نهائي المونديال تتقدمهم ملكة مملكة »لم تسطع عليها شمس البطولات« من قبل.. ونظر الحكم السويدي جوتفريد دينست إلى ساعته وإلى مساعديه الروسي توفيك باخراموف والتشيكوسلوفاكي كارول جالابا، معلنا بداية الصدام. جاءت الإثارة مبكرا عن طريق هالر الذي تقدم للألمان في الدقيقة 12. ولم يبد التأثر على الإنجليز الذين عادلوا النتيجة بعدها بست دقائق برأس هيرست. وفي الشوط الثاني، فرض أصحاب الأرض سيطرتهم وترجموها إلى هدف في الدقيقة 78 بواسطة مارتين بيترز، لكن فولفجانج فيبر كان له الكلمة الأخيرة في الدقيقة 89، عندما استغل هفوة أمام منطقة جزاء إنجلترا، ومد قدما طويلة لإيداع الكرة في الشباك. بعد 11 دقيقة من الوقت الإضافي أرسل ألان بول الكرة عرضية إلى هيرست داخل منطقة الجزاء، فأطلق تسديدة هائلة ارتطمت بالعارضة وارتدت بكل قوة إلى الأرض، ثم ابتعدت عن المرمى. سيطر الصمت على الجميع بعد أن رأوا الحكم مترددا في احتساب الكرة. وتوجّه دينست إلى مساعده باخراموف لسؤاله، فأجاب الأخير أن الكرة عبرت الخط، ليمنح الإنجليز تقدما مازال محل جدل حتى الآن. وعمت الفرحة أرجاء ويمبلي. وفي الوقت الذي كانت المباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة أضاف هيرست الهدف الرابع من تسديدة رائعة في الدقيقة 120. قصة المونديال (الحلقة السابعة عشرة) إعداد / كريم مادي الدورة الثامنة (إنجلترا 1966) ...