حقائق كارثية بعد 13 سنة من سقوط بغداد ** تتواصل تداعيات نتائج تقرير تشيلكوت الخاص بحرب العراق وخلفيات هذا العدوان الغربي بحيث باتت بريطانيا في القائمة السوداء بعد اتهامها بارتكاب أكبر غلطة في تاريخها والتي كانت من تنفيذ بلير بالتعاون مع حليفه بوش فكانت الكارثة التي يحصد العراقيون نتائجها الكارثية إلى غاية اليوم ! وكالات نشرت مصادر إعلامية بريطانية تقريرا أكدت فيه أن جهاز الأمن البريطاني الخارجي (إم آي-6) أصدر في الذكرى الأولى لهجمات سبتمبر تقريرا أمنيا مثيرا حول التهديد الذي يمثله صدام حسين. ويشير التحقيق إلى أن المعلومات من مصدر جديد كشفت التطورات التي قام بها الرئيس السابق لمواصلة إنتاج أسلحة الدمار الشامل لافتا إلى أن التقرير كان بالنسبة لرئيس الوزراء في حينه توني بلير الباحث عن دليل يدين النظام العراقي رصاصة القتل أو الدليل القاطع. ويذكر أنه في اليوم الثاني كان مدير الاستخبارات سير ريتشارد ديرلاف في 10 داونينغ ستريت من أجل تقديم ملخص عن التقرير إلى بلير والمصدر الذي قدم له المعلومات. ويعلق كاتب التقريرقائلا: كانت تلك أيام العز بالنسبة للوكالة التي ظلت بعيدة عن الأضواء ولا تعرف ماذا تعمل حتى قام زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بضرب الولاياتالمتحدة. ومن أجل فهم تنظيم القاعدة الذي يقف وراء التفجيرات بحث بلير عن (إم آي-6) والجواسيس العاملين فيها من أجل تقديم رؤية عنها خاصة أن هذه الوكالة متخصصة في جمع المعلومات من الخارج على خلاف وكالة الأمن الداخلي (إم آي فايف). وتبين المصادر أن لورد ويلسون أوف دينتون الذي كان وزيرا في الحكومة حتى سبتمبر 2002 قال في شهادته أمام لجنة تشيلكوت التي أصدرت تقريرها يوم الأربعاء إن ديرلاف كان يسافر مع بلير في رحلاته حيث كان يبني تحالفا من أجل غزو أفغانستان وقال إن مدير (إم آي- 6) انتهز الفرصة للتعرف على رئيس الوزراء عن قرب وليتعرف عليه رئيس الوزراء أيضا وأصبح تدريجيا (سي) وهو الحرف الذي يرمز فيه لمديري المخابرات المفضلين لدى بلير الذي يعتمد عليه في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعراق مشيرة إلى أن مستشار بلير الخاص للشؤون الخارجية ماثيو ريكروفت قال إن (سيز) كانت لهما علاقة متميزة مع رئيس الوزراء. ويلفت التحقيق المذكور إلى أنه عندما بدت نوايا الولاياتالمتحدة تجاه صدام واضحة والتزم بلير بدعمها نظر الأخير إلى (إم آي-6) للمساعدة حيث قال ديرلاف في شهادته أمام اللجنة إن الحكومة طلبت مساعدة جهازه نظرا لقلة المعلومات المتوفرة عن الموضوع لدى وزارة الخارجية. ويورد التقرير المذكور أن الحكومة أرسلت ديرلاف في ديسمبر إلى واشنطن لإجراء مباحثات مع سي آي إيه حول طريقة جمع المعلومات عن العراق لافتا إلى أن إم آي-6 أصدرت خلال التسعة أشهر التي سبقت الغزو ثلاثة تقارير أمنية في محاولة لتبرير الحرب. وتكشف المصادر عن أن التقرير الأول استند إلى مصدر لقبه كيرفبول وقام بالحديث عن تطوير العراق مختبرات متحركة للسلاح الكيماوي أما الثاني فقد قال إن الصواريخ المزودة برؤوس كيماوية يمكن إطلاقها في مدى 45 دقيقة أما الثالث فقد زعم أن صدام لا يزال ينتج أسلحة الدمار الشامل مشيرة إلى أن الحالة لتبرير الحرب أصبحت واضحة لأن قادة الأجهزة الأمنية كان لديهم اعتقاد ثابت بأن صدام حسين وسع من الترسانة العسكرية القاتلة التي استخدمها ضد إيران والأكراد. حقائق وينوه التحقيق إلى أن هذه العقلية رفضت تصديق الشكوك التي طرحها مفتشو الأممالمتحدة حول وجود أسلحة الدمار الشامل أو الرسائل التي مررها النظام العراقي بأنه قام بتدمير أسلحته بعد حرب الخليج الأولى أو حتى النظر فيها حيث كان مدير اللجنة الأمنية المشتركة جون سكارليت وهو (سي) الثاني لديه اعتقاد ثابت أن العراق أخفى أسلحته. ويستدرك بأنه رغم هذا الاعتقاد إلا أن المصادر التي تم الاعتماد عليها لم يتم التحقق منها ولا من المعلومات التي قدمتها قبل إرسالها إلى مقر الحكومة في 10 داونينغ ستريت مشيرا إلى أنه حصل فشل ذريع في التأكد من المعلومات عبر فريق الخبراء العامل في الجهازين الأمنيين حيث كشف خلال العامين اللاحقين أن مصادر المخابرات لم تكن موثوقة. وتفيد المصادر بأن المصدر الذي زعم أن صدام لا يزال ينتج السلاح الشامل تبين أنه كاذب بالفطرة فيما اعترف المصدر كيرفبول بأنه قام بتزييف المعلومات وكشف عنه اسمه وهو رافد الجنابي الذي طلب اللجوء السياسي في ألمانيا كما تم سحب مصدر المعلومة التي تتحدث عن 45 دقيقة يحتاجها العراق لإطلاق صواريخه حيث قال مصدر أمني رفيع للجنة إن الأجهزة الأمنية كانت تحت ضغط لا يتصور وقامت بتسويق المعلومات قبل التحقق منها. وينقل التحقيق عن المدير السابق لوحدة جمع المعلومات (جي سي أتش كيو) والوزير الدائم في وزارة الداخلية سير ديفيد أوماند إن (إم آي-6) وعدت كثيرا وقدمت القليل لافتا إلى أن العراق لم يكن النقطة التي أخطأت فيها الوكالة بل إنها تصرفت بغطرسة في تعاونها مع (سي آي إيه) في ما أطلق عليها الحرب على الإرهاب ومسألة الترحيل القسري والتواطؤ البريطاني فيه وتعذيب معتلقي غوانتانامو حيث كشف عن الدور الذي أدته المخابرات في ترحيل المعارضين لنظام معمر القذافي بالإضافة إلى الكشف عن رسالة لمديرة (إم آي فايف) إليزا مانينغهام بولر التي عبرت فيها عن غضبها من تصرفات ضباط (إم آي-6) حيث انهارت الثقة بينهما. ويقول كاتب التقرير إن العارفين بالاستخبارات يعلمون أن طريقة عملها تغيرت منذ فشلها في العراق وفي اكتشاف منفذي هجمات لندن عام 2005 حيث إنه في مراجعة تمت عام 2004 للمعلومات الأمنية حول العراق أعقبتها إعادة تشكيل لعمل المؤسسات الثلاث: (إم آي فايف) و(إم آي- 6) و(جي سي أتش كيو) حيث يتم التحقق من المعلومات والمصادر واللغة المستخدمة للتعبير عن أهميتها. نائب توني بلير: حرب العراق لم تكن شرعية من جهته قال جون بريسكوت نائب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق أمس الأحد إن بلاده انتهكت القانون الدولي عندما شاركت في غزو العراق عام 2003. وجاء انتقاد بريسكوت الذي كان نائبا لرئيس الوزراء الأسبق توني بلير في مقال نشرته له صحيفة صنداي ميرور وذلك بعد أربعة أيام على صدور تقرير لجنة التحقيق في حرب العراق الذي يدين قرار الحكومة البريطانية المشاركة في ذلك الغزو. وخلص التحقيق الذي أجرته لجنة تشيلكوت (المسماة باسم رئيسها السير جون تشيلكوت) -واستمر تسع سنوات- إلى أن تبرير وتخطيط وتعامل توني بلير مع حرب العراق اشتمل على قائمة من الإخفاقات لكن التحقيق لم يصل إلى حد الفصل في قانونية الحرب. وقال التحقيق البريطاني الذي طال انتظاره إن بلير قال للرئيس الأميركي جورج بوش الابن قبل ثمانية أشهر من الغزو (سأكون معك مهما كان) وأرسل في نهاية المطاف 45 ألف جندي بريطاني للمعركة دون استنفاد الخيارات السلمية. وقال بريسكوت في مقاله إنه الآن غيَّر وجهة نظره في مشروعية الحرب وانتقد بلير لمنعه الوزراء من مناقشة قانونية الحرب بشكل كامل قبل المشاركة فيها. وأعرب عن اعتقاده بأن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان كان -ببالغ الحزن والغضب- محقاً حين قال في عام 2004 إن تغيير النظام كان الهدف الأول لحرب العراق وإنها كانت غير شرعية. وإثر صدور تقرير لجنة تشيلكوت قدم بلير اعتذاره عن الأخطاء المتصلة بخوض بريطانيا الحرب لكنه دافع عن غزو العراق مؤكدا أنه جعل العالم أفضل وأكثر أماناً. وكانت بريطانيا بررت تدخلها في العراق بوجود أسلحة للدمار الشامل لكن بعد الإخفاق في العثور على أي من هذه الأسلحة أصبح الهدف هو الرئيس صدام حسين أو تخليص شعب من طاغية. وكان زعيم حزب العمال جيريمي كوربن قدم الأربعاء اعتذار الحزب عن قرار خوض الحرب في العراق مؤكدا أن هذا القرار الذي صوّت ضده في 2003 كان قرارا كارثيا.