تتواصل "احتجاجات الغضب" المصرية لليوم السادس على التوالي وسط إصرار المتظاهرين على إسقاط النظام الحاكم. ودفعت أعمال النهب والحرق في القاهرة ومدن أخرى السكان لتشكيل لجان شعبية لحماية الممتلكات والأحياء، في وقت دفعت القوات المسلحة بقوات كبيرة في كافة المدن لحفظ الأمن واعتقلت من وصفتهم بالخارجين عن القانون وسط ارتفاع عدد القتلى. وتمركزت دبابات الجيش منذ صباح أمس على مداخل الجسور الرئيسية، كما أقامت قوات الجيش حواجز وحلقت مروحيات في سماء القاهرة في إطار مساعي ضبط الأمن، لكن لا يعلم ما إذا كان الجيش سيمنع وصول المتظاهرين إلى الساحات العامة. وما زال عدد من المتظاهرين يعتصمون في ميدان التحرير وسط القاهرة رغم حظر التجول المفروض ليلا. وقال الناشط عمر جمال ل"الجزيرة" إنه يُرابط مع بقية المحتجين في ميدان التحرير حتى تلبية جميع مطالبهم المتمثلة بإسقاط النظام والرئيس حسني مبارك، وأكد رفض التعيينات الجديدة لعمر سليمان نائبا للرئيس وأحمد شفيق رئيسا للوزراء. وأضاف أن هناك تعاونا كبيرا بين المعتصمين الذين نظموا لجانا للأكل وتوزيع المياه على المحتجين، مشيرا إلى أن الناس نزلت إلى الشوارع بعائلاتها من نساء وأطفال، وهناك تلاحم بين جميع فئات الشعب والجيش. وبيَّن أن أطباء أقاموا مستشفى ميدانيا في منطقة قريبة من ميدان التحرير أشاروا إلى وصول 17 جثة وأكدوا أن عمليات القتل ناجمة عن قنص، مطالبا الجيش بحماية الشعب من الشرطة. نهب وحرق واستيقظت القاهرة صباح أمس على مشهد شوارعها بالمتاجر المنهوبة والسيارات المحروقة ورائحة الإطارات المشتعلة. وفي هذا السياق ما زال الدخان يتصاعد من مقر الحزب الوطني الحاكم ومبان أخرى منذ يوم الجمعة الماضي كما أن حركة العمل متوقفة في جميع البلاد، حيث يبدأ الموطنون بالتوافد كل صباح إلى الميادين العامة. وفي مدينة الإسكندرية، شهدت أحياء كثيرة حتى وقت متأخر من مساء أمس عمليات كرٍّ وفر بين لجان شعبية شكلها السكان و"بلطجية" انتهت باعتقال عدد كبير منهم، حيث تدخل الجيش بعد نداءات استغاثة واعتقل عددا من "الخارجين عن القانون" قبل ان يجدد المتظاهرون مظاهراتهم المنادية برحيل النظام. وفي مدينة السويس بدأ تحرك المتظاهرين أمس الأحد باكرا للتجمع في الساحات وذلك بعد عمليات كر وفر بين أفراد اللجان الشعبية وعناصر من "البلطجية" حتى وقت مبكر من صباح أمس. وسلم أفراد اللجان الشعبية عددا من اللصوص للجيش بعدما ظهر أنهم ينتمون لقوات الأمن، وأشارت المراسلة إلى أن هناك حالة من التنظيم بين اللجان في السويس وسرعة لنداءات الاستغاثة من عمليات الترويع والنهب. وفي خضمِّ ذلك تواصلت أعمال السلب والنهب في القاهرةوالإسكندريةوالسويس ودمنهور، وذكرت رويترز أن الجيش استخدم الدبابات وأطلق العيارات النارية في الهواء تصديا لمئات الأشخاص الذين حاولوا مهاجمة مدخل مبنى ذي صلة بالبنك المركزي في إحدى ضواحي القاهرة. وفي نفس الإطار نقلت الجزيرة عن مصدر صحفي بدمنهور قوله إن من وصفهم ب"البلطجية" يقومون بتهديد المواطنين بالأسلحة قرب أقسام السلطة، ويقومون بأعمال نهب وسلب. وبدوره كشف مراسل "الجزيرة نت" أن جماعة الإخوان المسلمين شكلت لجانا شعبية لحماية الكنائس بصعيد مصر. وذكرت رويترز أن قوات الأمن اعتقلت 470 شخصا في أنحاء القاهرة بتهمة النهب وإشعال الحرائق وإتلاف الممتلكات العامة، واعتقل الجيش أيضا مشتبها فيهم قام التلفزيون الرسمي بعرضهم مساء السبت. ارتفاع القتلى وقد ارتفعت حصيلة القتلى إلى 102 في عدة مناطق بمصر خلال اليوم الخامس من الاحتجاجات، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أمنية وطبية قولها إن 102 من الأشخاص قتلوا منذ بداية الاحتجاجات الثلاثاء الماضي، من بينهم 33 السبت. وأشارت إلى أن ألفاً وخمسمائة مدني وألفاً من عناصر الشرطة أصيبوا في تلك الاحتجاجات، في حين كانت حصيلة سابقة تتحدث عن 92 قتيلا. وذكر مصدر أمني للوكالة أن 22 شخصاً قُتلوا في اشتباكات بين الأمن ومتظاهرين حاولوا اقتحام مركز للشرطة في بني سويف بصعيد مصر. ومن جهته أكد مصدر طبي وصول أعداد من القتلى والجرحى تباعا إلى مستشفى ميداني قريب من وزارة الداخلية بالقاهرة. وحدد شاهد عيان وجود 12 قتيلا، قال إنهم قتلوا بواسطة قناصة يطلقون الرصاص الحي من مبنى بداخل الوزارة على المتظاهرين. وقتل ثلاثة أشخاص في وقت سابق أثناء محاولة اقتحام متظاهرين مقر الوزارة. وتم إحصاء أكثر من ثلاثين جثة موجودة في مشرحة الإسكندرية دون التأكد من الحصيلة النهائية.