ندّدت فعاليات إسلامية بالمغرب بدعوة جريدة مغربية، في افتتاحية عددها ليوم الخميس المنصرم، إلى منع النقاب في البلاد زاعماً أنه أضحى »يغزو الفضاءات العمومية بشكل يهدد بمسخ الهوية المغربية؟«. واعتبر علماء دين مغاربة مطالبة جريدة »الأحداث المغربية« بمنع النقاب في المغرب بمثابة دعوة مستنسخة من الموقف الأخير لليمين المتطرِّف في فرنسا تجاه قضية النقاب في بلدهم، معتبرين أن سلطة المنع يجب أن تستند إلى أساس مقنِع وليس إلى الاستبداد في الرأي. في المقابل، زعم باحث في الحركات الإسلامية أن هذه الدعوة إلى منع النقاب في المغرب »مبادرة في محلها، لكون النقاب يعد لباساً لا ينتمي إلى الأعراف المغربية، فضلاً عن كونه يثير مشاكل ترتبط بالجانب الأمني في ظل أوضاع يتهددها شبح الإرهاب كل مرة«. الأحرى منعُ العري واستنكر الدكتور مولاي عمر بن حماد، نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح الإسلامية، دعوة هذه الجريدة للسلطات بمنع النقاب في المغرب، مشيراً إلى أنها دعوة مستنسخة عن حملة جارية في فرنسا ضد البرقع رغم أنها حملة لا تحظى بالتأييد من طرف الجميع هناك. وقال بن حماد في حديث ل»العربية نت« كان الأجدر بهذه الجريدة أن تدعو إلى منع العري واللباس الفاضح والخمور في المجتمع المغربي عوض المطالبة بمنع شكل من أشكال لباس تستر المرأة به جسدها. واستطرد المتحدث بأنه لا يقول إن النقاب هو اللباس الذي يجب أن ترتديه المرأة المسلمة، لكن الحرية الفردية التي ينادي بها البعض تستوجب أن لا يطالبوا بمنع هذا الزي الذي تختاره فئة من النساء. وأكد بن حماد أن سلطة المنع يجب أن تستند إلى مبرر موضوعي وقانوني مقنع، حتى لا يهيمن الاستبداد في الرأي لدى جهات معروفة بمعاداتها لكل شيء فيه رائحة الإسلام. ومن جانبه، ندّد الشيخ عبد الباري الزمزمي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل، بالدعوة إلى منع النقاب في المغرب، مضيفاً بأنها صادرة عن أناس يتحدثون بلا علم ويدعون إلى أمر ليس من شأنهم. وأوضح الداعية المغربي أن هناك خلافاً فقهياً معروفاً في قضية النقاب، وأنه شخصياً يرى أنه غير واجب، مردفاً أنه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت النساء على الصنفين: مُنقبات وغير منقبات. لكن المطالبة بمنع النقاب يؤكد العالم المغربي تتضمن حجْراً على حرية المرأة وعلى اختيارها لنوعية اللباس الذي تقتنع به، فالمرأة حرة إذا أرادت أن تنتقب ولا يمكن إجبارُها لا بارتداء النقاب ولا بخلعه. وأبرز المتحدث أن النقاب الحالي بالمغرب هو استمرارية تاريخية لأشكال من النقاب كانت موجودة في المجتمع منذ عشرات السنين، مثل »اللثام« أو »الحايك« خاصة في شمال البلاد. ورداً على من يزعم أن »النقاب يخلق مشاكل أمنية للدولة«، يرى الزمزمي أن النقاب لا يشكل أي مفسدة أو ضرر على الأمن أو المجتمع، مشيراً إلى أنه عندما تثبت أضرار حقيقية على الأمن بسببه حينها يمكن الخوض في موضوع منع النقاب من عدمه. ضد الأعراف والهوية لكن بخلاف الآراء السابقة، يؤيد سعيد لكحل، الباحث في الحركات الإسلامية، دعوة صحيفة »الأحداث« المغربية إلى منع النقاب بالمغرب، حيث يرى أن »النقاب قضية سياسية بغلاف ديني«. وقال لكحل إن النقاب المنتشر حالياً في المجتمع يعد »لباساً خارج الأعراف المغربية، ومن شأنه أن يمس بأمن البلاد خاصة في ظل أوضاع تتسم بالحرب على الإرهاب«. واستطرد لكحل بأنه في حالة تزايد انتشار هذا اللباس النسائي، سيكون وسيلة للتخفي من طرف عناصر إرهابية محتملة، الأمر الذي يشكل خطراً أمنياً على المجتمع والدولة. واستدل المتحدث بمثال بسيط على المشاكل التي يثيرها لباس النقاب، حيث ترفض بعض الطالبات خلع نقابهن عند الامتحانات في المدارس والجامعات ما يتعارض مع القوانين المنظمة للامتحانات في المنظومة التعليمية بالمغرب. وكانت صحيفة »الأحداث« المغربية قد طالبت بمنع النقاب لكونه »علامة سياسية واضحة على الانتماء إلى جماعة أو فئة لها أهدافٌ محدَّدة«، مضيفة أن هذا اللباس صار اليوم »موضة المتعصبين؟« ولا علاقة له بالهوية المغربية ولا بالانتماء إلى المجتمع المغربي. ووصفت الصحيفة لباس النقاب بأنه »ماركة طالبانية« وزعمت أنه يرمز إلى "»التطرف والتعصب والانتماء إلى الجماعات المتعاطفة مع الإرهاب والجماعات التي تمارسه؟«. وزادت بالقول إن المرأة المغربية التي ترتدي هذا اللباس ستعيش في بلدها »دون هوية« لأن كل المؤسسات الإدارية تحتاج إلى معرفة هوية المواطن الذي تتعامل معه، وأن على المرأة المنقبة »التخلي عن انتمائها للمجتمع لأنها ستضطر إلى إقامة مجتمع آخر تربطها به رابطة »اللباس« لا العلاقات الاجتماعية والرحم«، على حد زعمها.