إطارات بالجمارك وعمّال شركات نقل البريد السريع في قفص الاتّهام عالجت نهاية الأسبوع محكمة الجنح بالحرّاش، في الجزائر العاصمة، ملف شبكة تهريب الطرود البريدية جوّا عبر مطار هوّاري بومدين دون جمركتها، وهي العمليات التي كانت تتمّ حسب ما كشفته جلسة المحاكمة بتواطؤ 19 متّهما، منهم عسكريان ومفتش جمارك وعدد من الجمركيين العاملين بمصلحة الشحن، إضافة إلى موظّفين بشركات نقل البريد السريع الذين تبيّن أنهم أسّسوا شبكة على محاور لتسهيل تمرير الطرود القادمة من مختلف الدول الأوروبية، الصين والولايات المتّحدة، بداية من محور المراقبة الذي يتوّلاه العسكريان وصولا إلى نقاط الشحن، ممّا كلّف إدارة الجمارك خسائر فادحة، خاّصة وأن بعض الطرود حملت أسماء وهمية· جلسة المحاكمة التي استمرّت إلى غاية منتصف نهار أمس كشفت النّقاب عن عدد من الممارسات غير القانونية من طرف موظّفين بمطار هوّراي بومدين استغلّوا مناصبهم لخرق القانون والقيام بأزيد من 100 عملية تهريب، حيث تمّت محاكمتهم وفقا لقانون مكافحة الفساد الجديد المعدّل في سنة في 2010· حيث أجاب المتّهمون على أسئلة القاضي فيما يتعلّق بتهم إساءة استغلال الوظيفة، الرشوة ومخالفة التشريع الجمركي، وكذا الإعفاء والتخفيض غير القانوني في ضريبة الرّسم واستغلال النّفوذ بالنّسبة لمفتش الجمارك وبعض الأعوان، وكذا موظّفين من الشركات الثلاث للنّقل السريع للطرود البريدية هي "أي·بي·آس"، "دي·أش·أل" و"فيداكس"· ويفيد الملف الخاصّ بالمتّهمين بأنه تمّ تهريب قطع غيار للسيّارات وهواتف نقّالة حوالي سبع مرّات ونقلت بنفس الطريقة إلى الجزائر· وكان المتّهم ط· عمار" عرض على صاحب شركة عبور في دبي المشاركة في تهريب الطرود التجارية وسلّمه مبلغ 3 آلاف أورو لشراء المعدّات المهرّبة، مع العلم أن كلّ العمليات التي تمّت كانت تحت رعاية المتّهم "ه·س" الذي كان يستقبل الطرود البريدية، في حين يتولّى الجمركيان باقي الإجراءات المتعلّقة بالتمويه على مستوى نقاط المراقبة الأمنية، وكذا تسجيل البضائع المستوردة، وهو نفس الدور الذي أدّاه موظّفو شركة "دي·أش·أل" الذين تلقّوا رشاوي بلغت حتى 600 مليون سنتيم عن العمليات· الجدير بالذكر أن الطرود تسجّل تلقائيا في الجهاز الخاصّ بالشركة بحكم وجود نظام معلومات خاصّ مع الشركات الأمّ، وبالتالي فإن الأعوان المكلّفين بالتوزيع يتلقّون الطرود التي تحمل كافّة المعطيات وفق قائمة مسبقة وتسجّل بعدها في سجِّل الجمارك· غير أن المتّهمين زوّروا أرقام الطرود المهرّبة في السجِّل، وذكر أن هناك طرودا ذات قيمة تمّ تسريحها من قبل المتّهمين دون جمركة· وقد فنّد المتّهمون الجرم المنسوب إليهم، حيث صرّح مفتش الجمارك الرئيسي على مستوى مستودع شحن البريد السريع لشركة "EPS" المدعو "ع·خ" بأنه لا علاقة له بالعسكري المدعو "كمال" المكلّف بجهاز المراقبة والكشف "السكانير" رغم أن معطيات التحقيق كشفت أن هذا الأخير وشريكه المدعو "أمين" هما العنصران المهمّان ويمثّلان المحور الأوّل لعملية تهريب الطرود التي وصل إليها التحقيق وقدّرها بأزيد من 100 عملية· وأضاف المتّهم أن عملية تعريف الطرود إن كانت تجارية أو غير تجارية ليس من صلاحياته، وأكّد أنه كان وراء حجز عدد من الطرود مرّت دون جمركة واكتشفها في المستودع، وهو ما خلق له خلافا مع الموظّف العسكري بحكم أن الطرود المحجوزة خاصّة بعدد من التجّار الذين يتعامل معهم· كما فنّد الجمركي "ب·م" هو الآخر تعامله مع موظّفي الأمن العسكري والتجّار في مجال التهريب بحكم تواجده ضمن فريق التهريب على مستوى فرقة الجمارك، وقد سبق له التصريح بأنه كان وراء 40 عملية استيراد غير شرعية مقابل رشاوي تراوحت بين 3 و10 ملايين سنتيم· وأمام هذه المعطيات، التمس وكيل الجمهورية تسليط عقوبات ثقيلة ضد المتّهمين تراوحت بين عامين و10 سنوات سجنا نافذا، وقد أدرجت القضية في المداولة للفصل فيها الأسبوع المقبل·