أنهت مصالح الأمن تحقيقات ضخمة على مستوى مطار هواري بومدين الدولي، أحيل على إثرها أكثر من 18 عون جمارك من رتب مختلفة وعدد كبير من مسؤولي وموظفي شركات بريد سريع ذات علامات دولية على العدالة. وذكرت مصادر عليمة أن مصالح الأمن عثرت على أثار عمليات كبرى لتهريب الأموال والبضائع والإعفاء والتخفيض غير القانوني في الضريبة. أحيل العشرات من المتهمين في عدة مؤسسات بين الجمارك وموظفين في مطار هواري بومدين ومسؤولي شركات بريد سريع، على التحقيق القضائي قبل أسابيع كنتيجة لعمل تحري أدته فرق من مصالح الأمن شهر ماي الفارط عبر فروع في المطار الدولي. وبلغ تعداد أعوان الجمارك المشبوهين بعمليات تهريب 18 ، فيهم مفتشو الرقابة وأعوان وضباط مراقبة جمركية بالإضافة إلى عمال في المطار وفي مصلحة الشحن وكذلك عمال من أربع شركات للبريد السريع (إي بي أس) و(فيديكس) و(دي أش أل) و(كرونوبوست). وتقول مصادر أن التحقيق أخذ تفرعات عديدة إثر الكشف عن تخصص كل شبكة على مستوى المطار (عدة شبكات) في خطوط تهريب، وذكرت أن أعوان الجمارك الذين يتم التحقيق معهم مشبوهين بالنشاط مع شبكات إحداها تعمل مع جهات في الصين والإمارات العربية المتحدة، وأخرى من بريطانيا. وعثر محققون على أثار عمليات تهريب كبيرة تمت لأشهر طويلة عبر طرود بريدية من الحجم الكبير كانت تدخل مصلحة الشحن وتغادر دون رقابة أو تخليص ولا يتم تسجيلها من قبل الجمركيين المتواطئين . وقال مصدر أمني على صلة بالملف " أن :" بداية عمليات التهريب ربما بدأت في 2006 والعمليات تتم باستقبال طرود من جهات ترسلها، ويتولى متعاونون في المطار وعددهم كثير بتسجيلها على أنها طرود عادية غير تجارية"، وأضاف :" أحد المتهمين يمثل شركة (إي بي أس) كشف أن جميع أفراد الجمارك العاملين معه متواطئون مع مجموعة من تجار في تهريب الطرود التجارية وكل منهم لديه شبكة من التجار وموظفين يعملون على تهريب البضائع ". و أفيد أن رئيس مفتشية الأقسام للجمارك لمطار هواري بومدين، تقدم بدوره بشكوى لدى المصالح الأمنية ضد 13 فردا من موظفي الجمارك بالمطار وتأسس بإسم المديرية الجهوية للجمارك (الجزائر خارجية) كطرف مدني ضد الأعوان وضباط السلك المشبوهين بعمليات التهريب غير القانونية. و فجرت تحقيقات الأمن عدة خبايا أخرى دفعت المدير العام لشركة (إي بي أس) بالرويبة (بن زرقة م) للفرار إلى فرنسا. ودلت التحقيقات أن المسؤول المذكور كان يتسلم عمولات عن كل طرد تقوم الشركة بجلبه، في حين يتولى رجال الجمارك إخراجه من مصلحة الشحن بتواطؤ موظفين في أسلاك أخرى وتنقل بعدها إلى مستودعات الشركة المذكورة والمعروفة ضمن اختصاص البريد السريع. جمركي بسيط يملك شقتين بملايير ومحل تجاري وسيارات وتخصصت الشبكات المذكورة في تهريب العملة والمجوهرات قطع غيار السيارات والملابس الجاهزة والنظارات الطبية والشمسية والهواتف النقالة وتجري مصالح الأمن التحقيق في دخول أسلحة. وكما هو حال كثير من عمليات مصالح الأمن في قضايا التجارة، فقد أخذ التحقيق كالعادة منعرجا نحو دبي الإماراتية، ولعل الغريب في القضية هو حصول التواطؤ من عدة جهات، وحتى من جمركيين يعملون على مستوى مستودعات الشركات المعنية الواقعة غالبا في الرويبة. ولا تختلف القضية كثيرا مع شركة (دي أش أل) المعروفة دوليا، وقد تورط موظف في فرع الشركة بالجزائر يسمى (طالبي ف)، وكشف التحقيق مع الموظف للوصول تقريبا لنفس أعضاء الشبكة، ويكشف عن عمليات تهريب لمدة ثلاث سنوات لسلع إلكترونية من الصين كانت تدخل في طرود شركة (دي أش أل)، ولكن الأكثر غرابة هو توصل مصالح الأمن إلى معرفة كيفية دخول البطاقات الخاصة بإستقبال قنوات فضائية، سيما البطاقة المعروفة بإسم "أبراكدابرا"، وتبين أن كميات كبيرة كانت تصل من دولة قطر. و اكتشف المحققون بالنسبة لشركة "دي أش أل" تواطؤ مجموعة من موزعي الطرود مع شركات ومؤسسات إنتاج وطنية، وتبين أن شركة كبرى لمجمع صناعي معروف في تركيب الأجهزة التلفزيونية كانت تتلقى عدة قطع أصلية في صناعة الأجهزة عبر عمليات تهريب للطرود البريدية و فيما يخص الشق الخاص بشركة البريد السريع (فيديكس) فقد توصل المحققون إلى موظفين ضمن شبكة أخرى، ويصف مصدر أمني ذلك بالقول "في هذا الشق أيضا تم اكتشاف شبكة منظمة لتهريب الطرود التجارية لصالح مجموعة من التجار والمهربين المختصين في تهريب البضائع عبر الطرود البريدية القادمة من الصين، دبي وبريطانيا" بينهم مستوردو أدوات إلكترونية ولوازم الهواتف النقالة وعتاد الإعلام الآلي، وكانت تبلغ حصة الجمركيين في تخريج الطرود من مصلحة الشحن ما بين ( 5000 دينار وأربعة ملايين سنتيم عن كل طرد واحد".و تعمدت الفرق المحققة في تفتيش وجرد ممتلكات المشبوهين جميعا، ولاحظت على أغلبهم الثراء الفاحش في فترة زمنية قصيرة جدا، أما الشركة الرابعة (كرونوبوست) فتبين من التحقيق أن الطرود المنقولة من طرفها إلى الجزائر، ساهمت في عمليات تهريب واسعة تتعلق بألاف الأنواع من الأجهزة الإلكترونية وعتاد الصيد البحري وبطاقات الذاكرة، والملابس الجاهزة وقطع الغيار.