قال الله تعالى: (إن إبراهيم لأواه حليم) فكان الخليل يشكو لربه حاله ويتأوه) أوه..أوه فسمي أواها وما أحوجنا لتأوهات الخليل على أنفسنا وعلى ذنوبنا وعلى تقصيرنا الذي ينزل بنا النقم ويرفع عنا النعم. وقالوا: سمي نبي الله نوحا هكذا لأنه كان نوَّاحا ينوح لربه ويبكي بحرقة. ونحن ما أحوجنا للبكاء بين يدي الله على ما وصلت له أحوالنا بل إنَّ هذا البكاء سبب لأن تعتق رقابنا من النار. عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يلج النار من بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع [رواه الترمذي وصححه الألباني]. وعن جعفر بن سليمان قال: (وعظ مالك بن دينار يوما فتكلم فبكى حوشب فضرب مالك بيده على منكبه وقال: ابك يا أبا بشر فإنه بلغني أن العبد لا يزال يبكي حتى يرحمه سيده فيعتقه من النار). وما أحوجنا وأحوج بلادنا لنزول الرحمات ورفع اللعنات وهذه تتحقق مع بكاء المخلصين. قال عمر بن ذر: (ما رأيت باكيا قط إلا خيل إلى أن الرحمة قد تنزلت عليه) قال عبد الواحد بن زيد: (يا إخوتاه ألا تبكون شوقا إلى الله ؟ ألا إنه من بكى شوقا إلى سيده لم يحرمه النظر إليه. يا إخوتاه ألا تبكون خوفا من النار ؟ ألا إنه من بكى خوفا من النار أعاذه الله منها يا إخوتاه ألا تبكون خوفا من العطش يوم القيامة ؟ ألا إنه من بكى خوفا من ذلك سقي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ألا تبكون ؟ بلى فابكوا على الماء البارد أيام الدنيا لعله أن يسقيكموه في حظائر القدس مع خير الندماء والأصحاب من النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. ثم جعل يبكي حتى غشي عليه لكن كيف تصل للبكاء من خشية الله ؟ قال صالح المري: البكاء رسائل شافعة من عينك وقلبك لتغسل ذنوبك وخطاياك. البكاء بين يدي الله لاسيما في هذا الشهر الفضيل وفي هذا المناخ العصيب يرقق القلب ويجمع الشمل ويثلج الصدر ويفرج الكرب ويزيل الهم وله دوي يسمعه أهل السماء وبكاء المظلومين يجد المجيب سبحانه يطمئنه: (لأنصرنك ولو بعد حين) فاستبشر أيها الباكي بنصر قريب.