قالوا: هو العيد قد هلَّت بشائره وأشرقت كالسنا الهادي شعائره فقلت: مرحى..يد الإسلام تجمعنا فيه...وتربطنا حُبًّا أواصرُه يمتد جسراً من الأفراح متصلاً كالروض..فاحت على الدنيا أزاهره ونشوة العيد بالتكبير صادحة والقلب من سحرها طابت مشاعره إن المُنى طوَّفَت بي في رِحاب مِنى والبيت...باتت به روحي تجاوره صوت الحجيج يُدَوِّي في مسامعنا والكون تهتز بالنجوى سرائره لبيك..لبيك في سهل وفي جبل والرَّكْبُ يشدو وما ملت حناجره وتطلع الكعبة الغراء مشرقةً والدمع ... لله كم فاضت محاجِره لبيك...لبيك يا قُدَّست من نَغَم وَقُدِّسْتَ حيثما لاحت مشاعره من قال: لبيك لَبَّتْ كل جارحة منه..وطار إلى العلياء طائره ركضًا إلى الله... لا تُجفى شرائعه على الزمان..ولا تعصى أوامره وبيعة الله تجديدٌ لطاعته حتى يفوزَ بنصر الله ناصره حللت يا عيد..والعش الحبيب كما عهدتَه...طللاً...تبكي هواجِره والشمل كالريشة الحيرى..يُبعثره صَرْفُ النوى..والعوادي لا تغادره تشعبت في بلاد الله غربته والليل...كم غَوَّرت نجما دياجرُه من كان بالشاة قد ضحَّى..ففديتنا دماء شعب بها سالت مجازره كل السهام لها في الجُرح ما اجترحت وأبلغُ الطعن ما خانت خناجره ضاقت..فمن ذا الذي في الأرض يُسْعفُه ومن تُراه على البلوى يُؤازِره؟ يا عيد... والقدس آلامٌ مجلجلةٌ والثأر تنفث بركانًا زَوافِرُه والأرض تجترُّ في أحشائها حُممًا ما عاد للحرِّ فيها ما يُحاذِرُه بالصدر يستقبل النيران مقتحمًا لا يرهب الموت..إن دارت دوائره في كل واد لنا أصداء معترك يثور فيه على الطغيان ثائره طلائع النور نحو القدس زاحفةٌ وشعبها الشهمُ قد هاجت أعاصِرُه بالتضحيات يَخطُّ النصرَ معجزةً وبالكرامات قد شعَّت منائِرُه وتفتدي الدين آسادٌ ممرَّسةٌ على الجهاد..بهم عادت مآثِرُه والغاصبون..وإن صالوا وإن فتكوا فالله من فوقهم سُنًّت بواتِرُه وحالك الليل أشباحٌ مرَوِّعةٌ لكنَّما الفجرُ مهما طال قاهرُه