شكلت ديكورا عبر المفارغ بعد العيد الهيدورة ثروة مآلها المزابل صوف الكبش أو (الهيدورة) كانت حاضرة بقوة في البيوت الجزائرية في الزمن الجميل بحيث كانت تلتف الأسرة بالجلوس عليها للغداء وارتشاف القهوة أو حتى النوم خاصة وأن صوفها تضمن الدفء في فصل الشتاء إلا أن اليوم في زمن التكنولوجيات والعصر الحديث صارت (الهيدورة) مصدر قرف وتقزز للنسوة اللواتي يتخلصن منها بمجرد انتهاء عملية النحر ولازالت القليل منهن من يحتفظن بها الأمر الذي أدى إلى رمي تلك الثروة عبر المزابل بحيث شكلت ديكورا عبر مفارغ الأحياء وامتلأت الحاويات عن آخرها بجلد الكبش. نسيمة خباجة كانت جداتنا في الماضي يتفنن في تنظيف وغسل صوف الكبش بعد العيد بحيث كن نسوة بأتم معنى الكلمة وكن يتسارعن إلى غسل وتنظيف جلد الكبش أو كما تعرف في مجتمعنا ب(الهيدورة) التي باتت تفقد حضورها عبر البيوت الجزائرية بسبب تخلص أغلب السيدات منها بدعوى أنها تسبب الحساسية ولا حاجة لها في ظل الأفرشة العصرية وديكورات المنزل الراقية لكن من النسوة من لازلن يحتفظن بجلد صوف الكبش وورثن المهمة عن أمهاتهن وجداتهن وهن يرين أن من تتخلص من الهيدورة هي امرأة مبذرة ولا تفقه شيئا في تدبر أحوال بيتها. انتهزنا فرصة ما بعد العيد واقتربنا من بعض النسوة لسؤالهن عن مصير هيدورة الكبش بعد العيد فكانت الآراء متباينة بين من تحبذ الهيدورة وبين من ترفض الاحتفاظ بها لأسباب متنوعة. تقول السيدة فايزة في العقد الرابع إنها ترفض التخلص من تلك الثروة كما نراه في الوقت الحالي بحيث باتت ديكورا مؤسفا عبر الأحياء والمفارغ العمومية وهي ترى في ذلك تبذيرا معلنا من طرف النسوة أما هي فقالت إنها تحتفظ بها بحيث مباشرة بعد عملية النحر يسلمها زوجها جلد الكبش فتقوم بوضع الفرينة والحليب على الجلد وتبسطه في ساحة المنزل ليجف وبعد حوالي 15 يوما تقوم بغسل الهيدورة وتنظفها جيدا وتستعملها في الفراش وفي جلوس الأبناء والتفافهم حول مائدة الغذاء والعشاء مثل أيام زمان أين كانت الألفة والمحبة والتراحم. أما السيدة عايدة في العقد السادس فقالت إنها لا تتخلص من الهيدورة بل تجزها وتستعمل صوفها لملء الوسادات المنزلية كما أنها أشارت إلى أنها تملك مجموعة من الهيدورات وهي تستعملها في تزيين صالون العرب في بيتها وهي تشكل ديكورا جميلا يبهر ضيوفها وزوارها كما أنها احتارت كثيرا من هؤلاء النسوة اللواتي يتخلصن من الهيدورة بدعوى أنها تتطلب جهدا وتسبب أمراض الحساسية ورأت أنها حجج واهية كانت تغيب بالأمس أين كانت المرأة تبتعد عن التبذير وتبحث عن كل ما يقلص النفقات ويحفظ ميزانية أسرتها. وكانت آراء نسوة أخريات معارضة للرأي الأول بحيث قالت السيدة ريمة إنها لا تحبذ الاحتفاظ بالهيدورة إلا أنها لا ترميها بل تهديها لجارتها التي تقوم بجزها وتستفيد من صوفها أما هي فقالت إنها تميل إلى الأفرشة العصرية وترى أنها تحفظ الصحة أكثر مروة هي الأخرى قالت إنها لا تحتفظ بصوف الكبش خاصة وأنها تعمل ولا تملك الوقت للاعتناء بها في المنزل وتجفيفها وغسلها بعد ذلك لكن قدّمتها لأمها خاصة وأنها تحب كثيرا الهيدورة. وتجدر الإشارة أنه عبر بعض الأحياء تكفلت بعض الشاحنات بجمع جلود الكباش من أجل استغلالها عبر المصانع بدل تبذير تلك الثروة التي كانت تحظى باهتمام كبير في مجتمعنا كيف لا وهي المادة الأولية في إنتاج الصوف التي نعتمد عليها في الكثير من استعمالاتنا اليومية ومن غير المستحسن أن يكون مآلها مفارغ النفايات في عصر التكنولوجيا والحياة السريعة.