الأستاذة نسيمة شرلاح زكيري ل أخبار اليوم : الخوف من الفشل وراء التحالفات الحزبية حان وقت تدارك الهفوات وتصحيح الأخطاء لفتح آفاق جديدة في المسار السياسي أكدت الأستاذة نسيمة شرلاح زكيري محللة سياسية وأستاذة بكلية العلوم السياسة والعلاقات الدولية جامعة الجزائر 3 أن الساحة السياسية الجزائرية تعرف في الفترة الراهنة حراكا سياسيا غير معهود ونشاطا حامي الوطيس وتسابقا محموما وحذرا خاصة مع بدء العد التنازلي لموعد الاستحقاقات التشريعية معتبرة أن الخوف من الفشل المسبق جعل بعض الأحزاب تتسارع لتشكيل تحالفات سياسية لعلها المنفذ من الفشل وتفادي انتكاسة جديدة في هذا الموعد الانتخابي المرتقب فيما عبرت عن أملها في أن تكون هذه التحالفات مبينة على رؤية إستراتيجية تصب في المصلحة العليا للبلاد وتفويت الفرصة على الأجندات الأجنبية بالحفاظ على أمن واستقرار الجزائر. وقالت نسيمة شرلاح في تصريح لها خصت به أخبار اليوم أن الأحزاب الموسمية التي تعود المواطن الجزائري على سباتها العميق خرجت دفعة واحدة من جحورها وبدأت تعد عدتها استعدادا لهذا الموعد الهام وهي تعرف جيدا أنّه ليس بوسعها حجز مقاعد في البرلمان لسنة 2017 بمفردها خاصة مع عزوف المواطن الجزائري عن الانتخابات واعتزاله السياسة -على حد تعبيرها- يقينا منه أنّ هذه الأحزاب ليس بوسعها تحقيق آماله وتغيير أوضاعه على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي مؤكدة أن الخوف من الفشل المسبق جعل هذه الأحزاب تتسارع نحو تشكيل تحالفات سياسية لعل هذه التحالفات تكون المنفذ من الفشل وتفادي انتكاسة جديدة في هذا الموعد الانتخابي المرتقب. هدف التحالفات سحب البساط من تحت أقدام أحزاب الموالاة.. وفي تحليلها حول الوضع السياسي في الجزائر قبيل الانتخابات التشريعية وبالأخص التحالفات التي ميزت الساحة السياسية اعتبرت المحللة السياسية زكيري أن هذه التحالفات خطوة متوقعة لتوسيع حظوظ هذه الأحزاب للظفر بأكبر قدر من المقاعد في التشريعيات المقبلة مشيرة إلى أن هذه التحالفات ليست بالأمر الهيّن على أيّ حزب فهي مخاض عسير يقتضي الكثير من التنازلات وصولا للاندماج وتحقيق المكاسب -على حد قولها- حيث قالت أنها تهدف هذه التحالفات إلى سحب البساط من تحت أقدام أحزاب الموالاة وخاصة الحزب العتيد الذي طالما كان حزب الأغلبية فهي ترمي إلى تفويت الفرصة عليه والاستحواذ على أكبر قدر من الأصوات وبالتالي المقاعد البرلمانية كما تبرر هذه الأحزاب في كل مرة موقفها في المشاركة والتحالف بحرصها على حماية الديمقراطية وإفشال أي مخطط لتزوير محتمل حسب زعمها والحفاظ على الإرادة الشعبية من التلاعب بها. من جهة أخرى أضافت المتحدثة أنه على عكس ما يصرح به قادة الأحزاب المنخرطة في التحالفات أنّ هذه التحالفات ستكون بشكل أوسع وأكثر قوة بعد الانتخابات وسيطول عمرها السياسي إلاّ أنّه سرعان ما تتلاشى وتتفكك بعد الانتخابات وذلك لزوال المصلحة التي تأسست من أجلها فهذه التحالفات ظرفية اقتضتها الظروف الراهنة ويسعى قادة الأحزاب من خلالها لتحقيق مآربهم الشخصية وإرضاء جامح لطموحاتهم السياسية. وفي هذا الصدد أكدت الأستاذة نسيمة أن ما يطبع هذه التحالفات هو بروز القطب الإسلامي بقوة على الساحة السياسية من خلال انتهاج سياسة التحالفات الرامية إلى لمّ الشمل وتعزيز أواصر الوحدة بين أبناء التيار الإسلامي ومن خلال قراءة بسيطة للتجارب الانتخابية السابقة فإنّ هذه الأحزاب في كلّ مرة تحاول الاندماج فيما بينها لتطفو على سطح الساحة السياسية في تكتل جديد لكن لم يطل أمدها لأن صفوف هذه الأحزاب ترزح تحت وطأة الخلافات الشخصية فقد حاولت الأحزاب الإسلامية خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2012 رصّ صفوفها لتحقيق نتائج باهرة في الانتخابات التشريعية من خلال تشكيل التحالف السياسي لكلّ من النهضة والإصلاح وحركة مجتمع السلم تحت اسم تكتل الجزائر الخضراء لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال على حد تعبيرها حيث تحصل تكتل الجزائر الخضراء على 48 مقعدا في الوقت الذي تحصلت فيه حركة مجتمع السلم لوحدها سنة 2007 على 52 صوتا. نوعان من التحالفات.. وأضافت المتحدثة أن هناك نوعين من التحالفات فهناك تحالفات سابقة للمواعيد الانتخابية وهذا ما يحدث حاليا بين أحزاب التيار الإسلامي ولكن أحزاب التيار الوطني نجدها في كل مرة تفضل التحالفات ما بعد ظهور نتائج الانتخابات وهذا ما ظهر من خلال تحالف أحزاب الموالاة وعلى رأسها جبهة التحرير الوطني التي تدخل غمار الاستحقاقات المقبلة بقوة واضعة إستراتيجيتها من أجل التموقع الانتخابي في تشريعيات 2017 مشيرة إلى أن الحزب شهد عدة هزات من بينها التغيير الذي مسّ رئيس الحزب السابق عمار سعيداني وخلفه الدكتور جمال ولد عباس ومؤخرا استقالة عضو المكتب السياسي المكلف بالاتصال للأفلان حسين خلدون والذي قال أن سبب استقالته راجع للقرارات الانفرادية التي يتخذها الأمين العام جمال ولد عباس. وعن استقالة حسين خلدون من وظيفته في المكتب السياسي ل (الأفلان) قالت شرلاح أن الاستقالة المفاجئة خاصة وأن الجزائر تعرف سباقا محموما من قبل التشكيلات السياسية استعدادا للاستحقاقات الانتخابية 2017 تشير إلى بداية تصدع جدران الحزب العتيد وتصاعد دخان بوادر أزمة داخلية داخل الحزب خاصة وأنّ الحزب فقد بريقه ونشاطه المعهود برحيل عمار سعداني فهي صفعة مؤلمة للأمين العام الحالي جمال ولد عباس التي تدل على عدم توفيقه وقدرته في لمّ الشمل وتوحيد الصفوف داخل الحزب الواحد على -حد تعبيرها- مضيفة أنه في الوقت الذي تشهد أحزاب التيار الإسلامي الاندماج والتحالف بدأ الحزب العتيد يعرف تشققا في صفوفه وظهور أزمة داخلية حادة وصلت حتى هرم القيادة وأصبحت ظاهرة للعيان وهذا ما يدل على أنّ الحزب على فوهة بركان وينبئ هذا الحدث إلى إنفجار وشيك خاصة وأنّه كثرت الإنتقادات الموجهة للأمين العام الحالي والتي تجمع على تفرده في إتخاذ القرارات التنظيمية. إيديولوجيا.. وعن رأيها في الهبة الجديدة للتحالفات السياسية في الجزائر هذه الأيام أكدت نسيمة شرلاح زكيري أن التحالفات التي تشهدها الساحة السياسية في الجزائر ليست قائمة على برامج كما هو معروف في البلدان الديمقراطية بل مبنية على الإيديولوجيات أي تحدث بين نفس التيار السياسي (وطني أو إسلامي) وهي تحالفات ظرفية وتكتلات مصالح لا غير فقد أصبحت التحالفات ظاهرة سياسية في الجزائر وعلامة مسجلة تتكرر كلما اقترب موعد الاستحقاقات الانتخابية مضيفة أنها أحزاب تريد أن تدخل بقوة وتترك بصمتها في سادس انتخابات برلمانية تعددية تنظمها الجزائر منذ إقرار التعددية السياسية عام 1989 من خلال لعب ورقة التحالفات وذلك سعيا منها لتصحيح أخطاء الماضي وما أفرزته الانشقاقات من آثار سلبية مستدلة بعودة جبهة التغيير إلى أحضان حركة مجتمع السلم والتي تأسست سنة 2012 من رحم حركة مجتمع السلم عقب الأزمة الداخلية التي عرفها الحزب آنذاك وانشقاق قيادته والأمر نفسه بالنسبة لاندماج قيادتي جبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة حيث كانا كيانا واحدا قبل الأزمة الداخلية التي عرفها الحزب عام 1998 وهذه التحالفات السياسية والانتخابية مؤشر على وعي هذه الأحزاب وإدراكا منها أنّ الانشقاق لا يخدم أجندتها السياسية مستقبلا قائلة إنه حان الوقت لتدارك الهفوات وتصحيح الأخطاء وتوحيد الصفوف لتحقيق الأهداف والمصالح المشتركة والمكاسب الإستراتيجية التي من شأنها فتح آفاق جديدة في مسارها السياسي.