حنان قرقاش يمكن لأي متصفح للشبكة العنكبوتية، أن يجد مئات بل آلاف الإعلانات الخاصة بالزواج والتوظيف، وبيع وتأجير السكنات والسيارات، وكذا الإعلانات الخاصة بالسفر والتكوين والتعليم في اختصاصات وفروع مختلفة، والكثير من الإعلانات الأخرى التي تتناول مختلف الجوانب الحياتية التي تهم أي فرد، ولأن الجزائريين ليسوا بمعزل عن التطورات التي يشهدها العالم، فإن كثيرين منهم يهتمون بالاطلاع على هذه الإعلانات أو إدراج إعلانات خاصة بهم، الأمر الذي يمكن اكتشافه عبر زيارة إلى مختلف المواقع الإلكترونية، سواء الخاصة بمثل هذه الخدمات أو المواقع العادية الأخرى· غير أن هذه الجولة المعلوماتية، يمكن أن تتوقف بنا أحيانا، عند إعلانات تثير الفضول والتساؤل، لعل من بينها إعلانات خاصة يعرض فيها أصحابها كلاهم للبيع، وتوجد مواقع بأكملها متخصصة في هذا الشأن، ولا يبدو عدد المعلنين الجزائريين فيها كبيراً، مقارنة بغيرهم من الدول العربية الأخرى وعلى رأسها مصر والسعودية والأردن وفلسطين، إلا أن الجزائريين حاضرون فيها بكل قوة، غالبيتهم شباب ذكور في مقتبل العمر، يؤكدون أن ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية الصعبة ومسؤولياتهم العائلية الكبيرة هي التي دفعتهم إلى عرض كلاهم للبيع، مع أن بعضهم يقول إنه يعرف أن عملية البيع هذه فيها الكثير من المآخذ الشرعية، وأنه لا يجوز له بيع شيء ليس ملكاً له، بل ملكا لله عز وجل، إلا اأنه يعتبره الحل الوحيد لتحسين ظروفه وظروف عائلته· أما آخر فقال إنه يعرض كليته للبيع لتسديد ديون العائلة وحل بعض المشاكل الأسرية التي يتخبط فيها، في حين قال ثالث إنه شاب في العقد الثاني من العمر يتمتع بصحة جيدة لكن الظروف الصعبة التي يمر بها دفعته إلى عرض كليته للبيع· ويترك جميعهم بيانات الاتصال بهم، سواء كانت الهاتف النقال أو الثابت أو الإيميل، مؤكدين أنهم لا يردون إلا على الطلبات الجادة، وأنهم مستعدون لإرسال كافة التقارير الطبية والتحاليل التي تثبت تمتعهم بصحة جيدة، مع إصرارهم على السرعة في التنفيذ· وتبدو الإعلانات الخاصة بالعارضين كلاهم للبيع، موجهة بصفة خاصة إلى البلدان العربية، لاسيما الخليجية، حيث يكون المبلغ المطلوب القابل للتفاوض بالعملة الصعبة وبالدولار تحديدا، ويركز الكثير من المعلنين على الظروف الاجتماعية الصعبة التي يعيشونها ورغبتهم في مساعدة أنفسهم وأسرهم على عيش حياة كريمة بإمكانيات أحسن، حتى وإن تطلب الأمر بيع أعضاء من أجسادهم، يقولون إنه "الحل الوحيد" الذي بقي لهم، فيما لا يغفل آخرون إدراج طلبات توظيف أو بحث عن منصب عمل أيا كان نوعه، يمكنهم من العيش بكرامة عوض أن يقعوا في مخالفة شرعية بعرض كلاهم للبيع، أو أعضاء أخرى من أجسادهم، وهو ما يحرّمه الإسلام· تجدر الإشارة إلى أن ثقافة التبرع (المجاني) بالكلى أو بالأعضاء البشرية عامة، في الجزائر لا زالت دون المستوى المطلوب، ويبذل المختصون قصارى جهودهم لأجل نشرها في أوساط المواطنين، وتحسيسهم بمدى أهمية التبرع لإنقاذ حياة الأشخاص الذين يحتاجون إلى ذلك، علماً أن قانون الصحة لعام 1985 يحظر تماماً بيع الأعضاء البشرية ويعاقب على المتاجرة بها، وهو ما ينسجم مع موقف الإسلام من المسألة·