الشيخ: قسول جلول خطاب التكفير الذي حدث في تاريخ الأمة ومزقها لا زالت رواسبه في عصرنا ولا زالت بذوره تنتظر المياه بل الدماء لتنهض من جديد فلا يخفى يقينا التكفير الذي حدث بين مذاهب الآمة في تاريخنا بين المعتزلة والأشاعرة والإمامية الشيعة والحنابلة (قبل ابن تيمية ثم التيمية ثم الوهابية) وهذا المذهب هو أكثر من صدر منهم التكفير بشكل عجيب وغريب وفضيع إلى يومنا هذا أزمة في مخيلاتنا الفكرية والعقدية والسلوكية. الإشكال كما يقول أهل المنطق أن موارد ومنابع التضليل والتكفير تلخصت في الأسباب الآتية: 1 / عدم التفريق بين أصول العقائد وفروع العقائد فالعجب ممن يُثْبِت مباحث العقائد بأخبار ظنية آحاد. لذلك يَنْظُر ابن القيم مثلا لغالبية مذاهب الإسلام بالمعطلة (المعتزلة الأشاعرة الإمامية) وقال عنهم المعطلة أعداء الله وأن شركهم أعظم هل هؤلاء الصلحاء العرفاء هم أعداء الله؟! عجيب لذلك هو نفسه بنفس تصوره العلمي فكُفِّر وضُرِب هذا الذي عانته أمتنا هناك أزمة في نظرية المعرفة في فكرنا الإسلامي بمختلف مذاهبه ولا زال هذا التفكير الضحل المريض العليل البعيد عن مقاصد الدين يصدر في أيامنا ويدرس ويدعم. 2 / دعوى الإجماع للتسلل من خلاله إلى رفع النص الظني إلى القطع. وبناء عليه وقع تكفير النظام والقاضي عبد الجبار الجبائي ابن رشد وابن الهيثم وابن سينا والفارابي وابن المقفع وابن عربي والبسطامي والبخاري والطبري...مئات وبدعوى الإجماع أحرقت كتب الغزالي وابن رشد ووو..الخ...وهؤلاء جميعا ناقشوا مسائل فكرية وعقدية فيما يحتمله النص...فلم يوجد أحد منهم أنه أنكر قواعد الإيمان الست فلماذا أقحمتم في الدرس العقدي أشياء محتملات وقطعتم بقطعيتها وجعلها من أصول العقائد...من عقائد6 أصبحت 60 أو أكثر...من أين لكم هذا؟؟... منطق لا تقبله المقاصد القرآنية البتة.....بل وقع التكفير والقتل حتى على الخلاف الفقهي وليس العقدي بدعوى الإجماع. 3 / استغلال السلطان والسلطة الحاكمة لكثير من النظريات التأويلية وحملها محمل الإجماع من أجل ضرب تصفية المخالفين سياسيا مئات التصفيات ابن المقفع...الخ مثل ما حدث لابن حنبل في مسألة خلق القرآن وهي قضية سخيفة حيث كفر فيها أحمد بن حنبل من طرف المعتزلة وأوذي والإشكال أن الإمام أحمد نفسه بعد ذلك كان له رد فعل قاس جدا لمن قال بخلق القرآن أنه ضال ومجرح ووو....مع أن المسألة يمكن أن يحتملها النص. ثم مازال السياسيون في عصرنا يعقدون المؤتمرات بأيدي الفقهاء ويركبون على عقولهم ليحددوا من هم أهل السنة والجماعة فيدخلون من شاؤوا ويخرجون من شاؤوا في إطار أجندات سياسية رسمها السياسيون ونفذها الفقهاء...لعبوا على رؤوسهم كما لعبوا عليها تاريخيا. أين هي المقاصد القرآنية في وحدة الأمة وجمع شتاتها؟ لماذا لم ينظر إلى مدارس الإسلام ومذاهبه نظرة تعدد وثراء؟ ونظروا إليها نظرة إقصاء وتكفير وتضليل؟ وتهمة النوايا مثل قولهم أعداء الله وشركهم أعظم....الخ. مع أنهم جميعا كانوا موحدين مؤمنين بقواعد الإيمان....لابد من ثورة على هذا التفكير. أفكار مشرقة قُتِلت وأُعْدِمت في تاريخنا: ينطلق الشافعي من المقاصد القرآنية فيقول النظر في الإسلام يكون بأمرين: علم العامة وهذا لا يسع جهله أبدا وقال هو محصور في أصول الدين وفروعه الثابتة بدليل القطع الدلالي والثبوتي قال وهذه كل مسلم ومؤمن موقن بها. فلا يسع أحدا أن يجهلها وضرب أمثلة مثل فرضية الصلاة وقواعد الإيمان الست. علم الخاصة: وهذا يسع جهله وعدم معرفته ولا تثريب في جهله أو عدم معرفته أو الاختلاف فيه وهو من قبيل الفهم والتأويل والاختلاف الذي يقتضيه النظر. الإمام الشافعي كتاب الرسالة باب العلم.