لم تسهم الاحتجاجات التي عاشتها الجزائر قبل نحو ثلاثة أشهر تقريبا، في إعادة النظر في أسعار عدد من المواد الاستهلاكية الأساسية، وإنما أيضا في عودة العديد من الأسواق الفوضوية، أو الموازية بتعبير أقل حدة، بعد أن كانت السلطات المحلية قد قررت في وقت سابق، القضاء عليها نهائيا، نظرا لما كنت تسببه من تشويه عام لمنظر العاصمة، وكذا الفوضى الكبيرة التي كانت تطبع نشاط هذه الأسواق بعدد من الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية، ولعل من أشهرها أسواق ساحة الشهداء وباش جراح، وبومعطي، التي لم تختفِ إلا لتعود من جديد، وإن كان ذلك بشكل أقل نسبيا مما كانت عليه في السابق، رغم الأخبار المتداولة بشأن سماح السلطات للشباب الذي يود ممارسة نشاط تجاري من هذا النوع الحصول على ترخيص من المصالح البلدية، في الوقت الذي تفتح فيه الدولة الأبواب و الآفاق واسعة أمام الشباب لأجل توفير مناصب شغل مهمة لهم في مختلف المجالات· وإن كان بعض الذين يعارضون وجود نشاط بهذه النوعية في الأسواق ويعتبرونها أسواقا فوضوية وغير شرعية، من شأنها خلق المزيد من الاختناقات والمشاكل والاضطرابات اليومية بين المواطنين، خاصة بالنسبة للتي تكون متواجدة على مستوى الأسواق النظامية، فإن الكثيرين غيرهم قد استبشروا بعودتها خيرا، معتبرين أنها أكثر الأماكن التي كان يجد فيها متوسطو الدخل ومحدودوه، والزوالية عامة، راحتهم وملاذهم، ولم يصدق العديد منهم، أن سوقي باش جراح وساحة الشهداء الموازيين قد عادا للنشاط من جديد، سواء كان أصحاب تلك النشاطات من ملاك طاولات البيع، مختصين ببيع الملابس أو الأحذية والأواني المنزلية أو الخضر والفواكه، وغيرها من الحاجيات التي يحتاج إلى اقتنائها المواطن الجزائري في العادة، وكان يجدها لدى أصحاب هذه الطاولات بأسعار أقل بكثير مما هي معروضة به، في المحلات أو المساحات التجارية المختلفة· وقالت إحدى المواطنات في هذا الصدد، إنه ورغم الإصرار على تسمية هذه الأسواق بغير الشرعية والفوضوية، إلا أنها الأرحم بجيوب المواطنين، من حيث الأسعار، عما هو معروض لدى باقي الباعة، مؤكدة من ناحية أخرى، أنها فرحت أكثر بعودة هؤلاء الشبان البطالين إلى النشاط من جديد، عوض أن يتجهوا إلى القيام بتصرفات طائشة، تكون عواقبها وخيمة، نفس الرأي الذي أبداه شاب يملك طاولة لبيع الأواني على مستوى سوق باش جراح الشعبي، الذي قال إن جل ما يريده أي شباب جزائري هو تركه يعمل ويوفر لقمة عيشه بنفسه، بعيدا عن كل أشكال وأنواع المضايقات، لأنه نفسه لا يبحث عن أي نوع من المتاعب، وكل ما يريده هو توفير ما يحتاج إليه، مجددا إعجابه واستحسانه للمبادرات التي قام بها رئيس الجمهورية مؤخرا لصالح الشباب الجزائري سواء من حيث الشغل أو السكن أو غيرها·