في ظل الانزلاق الأخلاقي الخطير الخطاب المسجدي هل يؤدي دوره في الجزائر؟ * أئمة ومشايخ يثمنون دور المساجد في الإصلاح ...ومصلون مستاؤون من الخطب الكلاسيكية يعاني المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة من العديد من المشاكل الاجتماعية والأزمات الأخلاقية التي لم نكن نسمع بها في الماضي فجرائم القتل والاغتصاب ناهيك عن انتشار الفواحش بكل أنواعها تنخر المجتمع ويرى الكثيرون أن من بين أسباب التدني الأخلاقي قي الجزائر غياب دور الخطاب المسجدي في الإصلاح ما أدى إلى تفاقم المشكل بحيث أن الخطب لم تعد تساير الواقع المعاش وغاب جانبها التوعوي ودورها في حماية المجتمع من مختلف الآفات التي تحاصره. عتيقة مغوفل يعتبر الدين الإسلامي من أفضل الديانات فهو دين صالح لكل زمان ومكان وبه تصلح أحوال المجتمعات الإسلامية ولكن هناك من أصبح يشكك في دور الخطب خاصة وأنه غاب دورها أو مفعولها في القضاء على الآفات الاجتماعية التي تنخر بلادنا من جهة أخرى هناك من يؤكد على الدور الأساسي للمسجد في إصلاح الفساد الذي تفشى في الجزائر منذ الحقبة الاستعمارية وإلى يومنا هذا وقد حاولت (أخبار اليوم) أن تقف على الموضوع من خلال آراء بعض المختصين فيه. مصلون في رحلة بحث طويلة عن خطبة مقنعة أصبحت المساجد الجزائرية اليوم تعج بالمصلين في مختلف أوقات الصلوات الخمس إلا أن الإقبال يكون كبيرا عليها يوم الجمعة من أجل تأدية صلاة الجمعة التي تعد فرضا على كل مسلم قادر أين يقوم الإمام فيها بتقديم خطبتين للمصلين ثم إقامة الصلاة بعدهما ولكن من الظواهر المتكررة في العديد من المساجد عبر كامل القطر الوطني أن الكثير من المصلين يضطرون للتنقل لمسافات بعيدة بحثا عن مسجد يقدم فيه الإمام خطبة نافعة ومثيرة يعالج من خلالها إحدى القضايا العالقة والتي تهم الجزائريين هروبا من المساجد التي تقدم الخطب ذات المحاور الكلاسيكية التي تتحدث فقط عن سير الأنبياء والرسل عليهم السلام وسير الخلفاء والصحابة من بعدهم رضوان الله عليهم ومازاد الطينة بلة أن هناك بعض الأئمة يعجلون كثيرا في خطبة الجمعة فيجعلها قصيرة ووجيزة للغاية وهو الأمر الذي جعل الكثير من الناس يؤكدون على أن الخطاب المسجدي أصبح لا يؤدي دوره في إصلاح الفساد الذي عشش في المجتمع الجزائري. الشيخ حجيمي: الخطاب المسجدي يتماشى مع الواقع وحتى نتمكن من معرفة الدور الحقيقي الذي يلعبه الخطاب المسجدي في المجتمع الجزائري وإن كان فعلا يؤدي دوره أو لا مثلما يروج إليه ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالشيخ جلول حجيمي الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وإمام مسجد الفضيل الورتلاني بتليملي بالجزائر العاصمة وقد أكد لنا هذا الأخير بدوره أن الخطاب المسجدي يختلف من مسجد لآخر ومن إمام لآخر وأنه يؤدي الدور المنوط له في إصلاح المجتمع من خلال تقديم دروس الوعظ والإرشاد المخولة له وخير دليل على ذلك أن الدولة تلجأ في كل مرة للإمام من أجل تقديم خطب معينة خصوصا إذا تعلق الأمر بالمناسبات الوطنية كتشريعيات الرابع ماي المنصرم أبن طالبت وزارة الشؤون الدينية الأئمة بتقديم خطبة موحدة لحث المواطنين على الانتخاب وهو ما كان فقد تقدم الملايين من الجزائريين لصناديق الاقتراع يوم الاستحقاقات. من جهة أخرى أكد الشيخ حجيمي أنه ربما عدم التأهيل عند بعض الأئمة في بعض ولايات الوطن يجعل خطبهم ضعيفة إلا أنه لا يمكن تعميم ذلك على جميع أئمة المساجد وحسب الشيخ حجيمي أيضا فإن أكثر من 70 بالمائة من الشباب هم من يدخلون المساجد اليوم وهم يقتنعون بالخطب الملقاة وإلا عم الفساد أكثر في البلاد على حد تعبير الشيخ جلول حجيمي الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة. الشيخ شيبان: المساجد تؤدي دورها منذ الثورة التحريرية ربطنا اتصالا هاتفيا بالشيخ الدكتور سعيد شيبان أحد أعلام الإسلام في الجزائر والذي أكد لنا بدوره أن الخطاب المسجدي في الجزائر يؤدي دوره المنوط إليه في الإصلاح وهو على ذلك منذ الثورة التحريرية إلى يومنا هذا كما اعتبر الشيخ شيبان أن المجتمع الجزائري يتلقى الخطب بكل اهتمام واعتبر أن وسائل الإعلام لها دور في نشر الخطاب المسجدي ودعمه من خلال بث خطب الجمعة على الهواء مباشرة من مختلف مساجد الجمهورية. وحسبه أيضا فإن خطب المساجد تتغير حسب الزمان والمكان وحسب مستوى الإمام وأنه من الخطأ أن نقول إن الخطاب المسجدي لا يؤدي دوره في عصرنا هذا في إصلاح المجتمع بل بالعكس هو يقدم الخطاب الديني القيم الذي لا نجده في الأسرة ولا في أي مكان آخر. الشيخ غول: الخطاب المسجدي يواكب تطلعات المجتمع من جهة أخرى ربطنا اتصالا هاتفيا بالشيخ جمال غول إمام مسجد عبيدة بن الجراح بالجزائر العاصمة والأمين العام لنقابة الأئمة والذي اعتبر أن الاعتقاد الشائع أن الخطاب المسجدي أصبح لا يؤدي دوره في المجتمع كلام فيه تعميم والتعميم هو التعتيم فعلى تعبيره لا يمكن نفي أن الخطاب أحيانا لا يواكب ما يطلبه الواقع في هذا العصر وهو شيء شاذ والشاذ لا يقاس عليه فبالعكس اليوم أغلب مساجد الجمهورية خطباؤها يواكبون العصر لأن أغلب الأئمة تخرجوا من الجامعات وكلهم مضطلعون على الوسائط الاجتماعية الحديثة لذلك هم يعطون خطبا مثيرة. وحسب الشيخ غول فبالعكس الأئمة اليوم يرفعون التحدي على أن يحافظوا على النص الق رآني وعلى الأحاديث النبوية وإلقائها وفق منظور عصري يواكب تطلعات المجتمع. والجدير بالذكر أيضا حسب الشيخ غول أن أكثر من 15 مليون جزائري يقصدون المساجد يوم الجمعة وهو ما يجعل الكثير من الشباب يصلحون أنفسهم ويرجعون عن المعاصي ولولا المسجد لهلك المجتمع كله كما أن الإمام شخص ذو شأن عظيم عند الجزائريين يكنون له التقدير والاحترام حسب تعبير الشيخ غول. الأستاذ طايبي: الخطاب المسجدي يعتمد منهجا تقليديا في الوعظ ولكن ومن جهة أخرى هناك من كان له رأي مخالف تماما لما ذكره الأئمة الذي تحدثنا إليهم ويتعلق الأمر بالأستاذ طايبي المختص في علم الاجتماع والذي أكد لنا أن الخطاب المسجدي ما يزال يعتمد على المنهج التقليدي في الوعظ والإرشاد ما جعله لا يؤدي الدور المنوط به في إصلاح المجتمع. وسبب ذلك حسب الأستاذ طايبي أن القائمين على المساجد في الجزائر وعلى رأسهم الائمة المكلفين بإلقاء الخطب لم يتمكنوا من التجديد لا من حيث المواضيع ولا أسلوب الإلقاء ولم يتمكنوا أيضا من فهم المعضلات الحقيقية والكبرى في بلادنا وهو ما جعلهم لا يبدعون في الخطب التي يلقونها لذلك فإن الخطاب بقي ضيقا مقارنة مع المستجدات التي يعيشها مجتمعنا والعالم بأسره مع تطور تكنولوجيات الاتصال ولعل خير دليل على أن الخطاب المسجدي لا يؤدي دوره عدم وجود مفتي الجمهورية في الجزائر وهو ما يجعل الجزائريين دائما يعتمدون على فتاوى مستوردة من الخارج يجدونها في القنوات الدينية الأجنبية.