نكبة الشعب الفلسطيني ليست حدثاً مرتبطاً بلحظة تاريخية يؤرخون له بالخامس عشر من مايو 1948. جذور النكبة تسبق ذلك التاريخ ولم تتوقّف عن التمدد في الجسد الفلسطيني والعربي. لكننا تعوّدنا أن نعلق «رزنامة» للتواريخ وأحداثها، فنحيي معظمها حزناً ولا نجد ما نحتفي به فرحاً. وهكذا يروق للمؤرّخين أن يسجّلوا أن هذا اليوم يصادف الذكرى السنوية التاسعة والستين لنكبة فلسطين، وعلى الرغم من أن السياسيين اختاروا 1948/5/15 لتأريخ بداية النكبة الفلسطينية، إلا أن المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك عندما هاجمت عصابات صهيونية إرهابية قرىً وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها أو دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها لاحقاً. لا تزال النكبة جرحاً نازفاً بلا توقّف وبلا بلسم. وهي تأتي هذا العام متزامنة مع إضراب مئات الأسرى الفلسطينيين عن الطعام لليوم ال29 على التوالي، ويقتربون شيئاً فشيئاً من حافة الموت جوعاً، فيما يصمت العالم «المتحضّر» على جريمة القتل البطيء هذه، مثلما صمت أو تواطأ في جريمة اغتصاب فلسطين ومواصلة دولاب قمع الشعب الفلسطيني، قتلاً وجرحاً واعتقالاً وسرقة أرض وتهويد مقدّسات، وإرهاباً غير مسبوق في التاريخ بدأ ميدانياً سنة 1948 بالاستيلاء على الأرض وإعلانها «دولة»، واتبع ذلك على نحو منهجي مبرمج ومدعوم، بمجازر ومحو للمدن والقرى الفلسطينية عن بكرة أبيها وتهجير قسري لشعب لا أرض له غير فلسطين، لصالح مستوطنين كانوا مواطنين في عشرات الدول. صحيح أن التاريخ المعلن للنكبة عام 1948، سبقته مؤتمرات للحركة الصهيونية وخطوات على الأرض مدعومة من دولة الانتداب في فلسطين آنذاك، لكن الأصح أن العصابات الصهيونية التي مهّدت لقيام إسرائيل، مارست أبشع جرائم التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، عملاً بالقاعدة الصهيونية القائلة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». أما عشرات المجازر التي ارتكبتها تلك العصابات قبل وبعد أن تتحول إلى «دولة»، فإن الناظم الجامع لها عبّرت عنه رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدامائير قديماً بعبارة «العربي الجيد هو العربي الميت»، ثم رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك حديثا بقوله «قتيلهم رقم، أما شهيدنا فقصّة». عن التأريخ في حال فكّر المؤرّخون والإعلاميون والبحثيون، فرادى ومراكز، في التأريخ للنكبة وإبقائها تحت شعاع الضوء، إنسانياً على الأقل، فإنهم سيجدون أنفسهم يتوقّفون مطولاً عند ذكرى طافحة بالشهداء من الرجال والنساء والأطفال والعجائز، وعشرات المدن والبلدات والقرى المدمرة والمهجّرة، والتي أصبح بعضها أثراً بعد عين وبعضها الآخر مساكن لمستوطنين أتي بهم من شتى أصقاع الأرض. وسيتوقّفون عند مسلسل مفتوح الحلقات من الجرائم الوحشية ومن تهويد منظّم وخبيث لأسماء المدن والشوارع والقرى والجبال والأنهار، في سياق أخطر وأمكر عملية استهداف للتاريخ عبر تزييفه والفتك بالبشر والحجر والشجر. قانون تهويدي رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، في هذه المرحلة، يقف على رأس المخطط الصهيوني المتواصل نهباً وتهويداً. وهو بمناسبة الذكرى ال 69 للنكبة، أعطى توجيهاته للإسراع في تشريع ما يسمى «قانون القومية»، الذي ينص على أن « الكيان هي البيت القومي للشعب اليهودي، وأن حق تقرير المصير في دولة إسرائيل يقتصر على الشعب اليهودي»، ما يعني استكمال المخطط من خلال طرد من تبقى على أرض فلسطين. إذن، النكبة التي كانت انعطافة تاريخية لا تزال تداعياتها متواصلة، في وقت يستمر الاحتلال في جرائمه بشتى أنواعها وتجلياتها العنصرية والاستعمارية. كل جريمة من هذه وتلك تستحق محاكمة دولية، وجريمة العصر الممثّلة بالنكبة لن تسقط بالتقادم، مثلما دماء الشهداء تبقى في محكمة الحق والتاريخ.. طازجة. ذكرى النكبة يوم للتضامن مع الأسرى واصل شبان فلسطينيون، ومجموعة من أهالي الأسرى؛ امس الإثنين، إغلاق شوارع رئيسية مؤدية إلى مدينة رام الله وسط الضفة الغربيةالمحتلة، لليوم الثاني على التوالي، بينما وجهت دعوات لتكريس فعاليات إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية، إلى أيام تضامن، مع الأسرى المضربين عن الطعام، لليوم التاسع والعشرين. وقال أمين سر حركة فتح في مخيم قلنديا شمال القدس زكريا فيالة، إنّ "مجموعة من أمهات الأسرى ومن بينهم أمهات لأسرى مضربين، أغلقن الشارع أمام مخيم قلنديا المؤدي إلى مدينة رام الله، في كلا الاتجاهين، في رسالة منهم لإيقاظ الضمائر، والوقوف إلى جانب الأسرى المضربين". وفي عدة مناطق من رام الله، أغلق شبان فلسطينيون شوارع رئيسية، بالإطارات المطاطية وحاويات القمامة، فيما حدثت مناوشات محدودة مع عناصر الأمن الفلسطيني الذين حاولوا فتح بعض الشوارع، وفق ما ذكر الناشط جهاد ياسين . إلى ذلك، ذكرت مصادر، "، أنّ مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال بعد إغلاق مداخل بلدة النبي صالح شمال غرب رام الله، من دون أن يُبلغ عن وقوع إصابات. ودعت اللجنة الوطنية لإسناد إضراب الأسرى الفلسطينيين "الحرية والكرامة"، في بيان، إلى اعتبار الأيام القادمة، أيام مواجهة مع الاحتلال في كافة المواقع، والالتزام بالإضراب التجاري المعلن عنه، ا مس الإثنين، من الساعة 11 وحتى 2 بعد الظهر . كما دعت إلى تكريس فعاليات إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية، بتحويلها إلى مواجهات مع الاحتلال في كافة المواقع، والتوجّه إلى الطرق الالتفافية وقطعها على المستوطنين، ومقاطعة البضائع والمنتجات التابع لدولة الاحتلال ودعوة كافة التجار إلى الالتزام بذلك. وطالبت اللجنة، مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وكافة المؤسسات الحقوقية والدولية، بتحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، في توفير الحماية الدولية للأسرى، وإلزام حكومة الاحتلال باحترام القانون الدولي والإنساني، والتحرّك العاجل لإنقاذ الأسرى مما يتعرّضون له من انتهاكات، وقمع وبطش على يد الاحتلال. وقالت اللجنة في البيان، "لن نقف صامتين تجاه ما يتعرّض له أسرانا من قمع وتنكيل، وستتحمّل حكومة هذا الاحتلال كامل المسؤولية عن أي خطر تتعرّض له حياة الأسرى، ولن يقف شعبنا مكتوف الأيدي، إن استمر هذا القمع بحق أسرانا، وستكون كافة خياراتنا مفتوحة". انهيارات صحية وسط المضربين دخل إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام يومه ال29 اليوم امس الاثنين ، وبدأت حالتهم تدخل مرحلة أشدّ خطراً، إذ ظهرت حالات إغماء متتالية في سجن نفحة، كما ظهرت حالات تقيؤ للدم. وأكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن الأسرى المضربين لليوم ال29 يعانون انهيارات صحية خطرة، وأصيب بعضهم بنزيف دموي ومشكلات خطرة في القلب والأمعاء، وحالة ضعف وهزال شديدين. ودعا القيادي الأسير مروان البرغوثي إلى التحام إحياء الذكرى 69 للنكبة، التي تصادف اليوم، مع التضامن مع الأسرى وصولاً إلى عصيان مدني ووطني شامل، ونقلت إدارة مصلحة سجون الاحتلال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأسير أحمد سعدات المضرب عن الطعام مرة أخرى من سجن عسقلان إلى سجن أوهليكدار. وذكرت اللجنة الإعلامية أن هذا الإجراء يأتي وفق سياسة ممنهجة لحرمان سعدات من زيارته التي كانت مقررة من جانب محامي مؤسسة الضمير. شلح: لن نقف مكتوفي الأيدي إذا تعرض الأسرى للخطر حذر رمضان شلح الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي في خطاب بمناسبة الذكرى ال69 "للنكبة" الفلسطينية، من تعريض حياة الأسرى في السجون الذين يخوضون إضراباً جماعياً عن الطعام دخل يومه ال29، متوعداً بان خيارات "المقاومة مفتوحة". وقال شلح في كلمة متلفزة بثتها فضائية "فلسطين اليوم" المحسوبة على حركة الجهاد "ان استمر العدو في غطرسته بما يعرض حياة أسرانا للخطر فحن لن نقف مكتوفي الايدي او نتركهم فريسة الموت نتيجة عناد الصهيونية العنصريةفلنا في المقاومة كلمتنا وخياراتنا المفتوحة وكفى". وبعد ان انتقد قرارات السلطة الفلسطينية باقتطاع جزء من رواتب الموظفين العموميين في القطاع، وعدم دفع ثمن فاتورة الكهرباء لاسرائيل، قال شلح "قطاع غزة برميل بارود على وشك الانفجار واذا انفجر لن يبقي ولن يذر". من جهة ثانية شدد شلح أن حركته لن تعترف بدولة الاحتلال، مضيفاً "اننا في حركة الجهاد سنبقى متمترسين عند خيار التحرير الكامل لفلسطين، لن نلقي السلاح ولن نعترف بالوجود الصهيوني على أي شبر من فلسطين". وقال شلح المقيم في سوريا "ان الاعتراف بالكيان يعني لنا الاعتراف بالغاء فلسطين وأصحابها الاصليين، ولا يملك أحد على وجه الأرض ان يلغي فلسطين". وأضاف أن "الرد الطبيعي على النكبة المستمر هي الوحدة في مواجهة المشروع الصهيوني، لا يمكن تحقيق الوحدة والمصالحة وانهاء الانقسام دون سحب اعتراف منظمة التحرير بالكيان".