كيف حالك مع الله؟ في ظل هذه الحياة التي نعيشها وما يطغى عليها من ماديات، على المسلم أن يقف مع نفسه ويراجع حاله مع ربه حتى لا ينسيه الشيطان ذكرَ ربه فيكون من الهالكين، فالطريق إلى الله إما صاعد وإما هابط، إما متقدم وإما متأخر، ولكن التوقف في الطريق لابد أن لا يحدث أبداً وأن يكون هناك تقدم دائم. لا ينبغي أن نرجع للوراء في علاقتنا مع الله وسبيلنا لذلك هو التقدم وسبيل التقدم هو التعلم والفهم، المرتبطان بالتربية فالإنسان سيظل يتربى ويتعلم حتى يأتيه اليقين، واعتقاده بأنه وصل للنهاية هذا خطأ وخطر على الإنسان وعلى دينه. هكذا واصل الشيخ محمد حسين يعقوب حديثه عن ضرورة الرجوع إلى الله، خلال حلقة جديدة من برنامجه »مدارج السالكين« عبر قناة الرحمة الفضائية، مؤكداً أننا في حاجة دائمة لإصلاح إسلامنا كل يوم وزيادته. وأشار فى حديثه إلى من يتكبر في طلب العلم الذين يعتقدون أن باجتهادهم في العلم قد بلغوا درجة عالية، وأكد أن لا حدود للعلم والتربية. وأضاف الشيخ يعقوب: عندما تقابلين أو تتحدثين مع صديقة لك أو أختكِ البعيدة عنك أو زوجكِ المسافر بعيدا فإنك تبادرينهم بالسؤال كيف حالك؟ ولكن استوقفك في الله بسؤال كيف حال قلبك مع الله؟ كيف حال قلوبكن مع الله؟ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية«. يقول تعالى: »يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ«. وأكد الشيخ: الله جل جلاله يحب المنيبين من عباده، المجتهدين في عبادته، يحب الذين إذا فعلوا أمراً فيه مخالفة أو تفريط أو تضييع للواجب أنهم يرجعون إليه سريعاً وأنهم يقبلون على ربهم بتوبة وإنابة صالحة، فإن الله جل وعلا يحب التوابين ويحب المتطهرين، ونبيكم صلى الله عليه وسلم أكد أن كل ابن آدم خطاء وقال عليه الصلاة والسلام: »كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون«. وذلك أن ابن آدم يغلبه ظلمُه لنفسه، وربما غلبته شهوتُه وحبه للدنيا حتى ينصرف عن الآخرة ويقبل على دنيا دون نظر إلى ما ينفعه وإلى ما يصلح حاله، ما منا إلا وعنده غلط وعنده خطأ وربما عنده تضييعٌ للواجبات وربما انتهاك للمحرمات، كل منا فيه تقصير بحسبه، كل منا تعرض له الغفلة بحسب حاله. يقول أهل العلم: أن علاج الغلط وإن علاج التفريط بالأوامر وإن علاج ارتكاب المنهيات يكون بأمور منها: أن يتعلم المرءُ ما يجب عليه وأن يعلم حق الله جل وعلا عليه، فإذا علم حق الله عليه وعلم ما يجب عليه اتجاه ربه فإنه لن يعصي الله ولن يفرط في أمره. إن معرفة الله وصفاته تليِّن القلب وتحمل المرء على أن يجل الله جل وعلا ثم يلزم العمل الصالح، فإذا لزم العمل الصالح فإنه ييسر له أن يتجنب المحرمات وييسر ويوفق إلى الإقبال على الطاعات بهمَّة. ويضيف الشيخ يعقوب: مثلاً إذا كان المرء صاحب مال وترك أداء الزكاة وترك حق الله جل وعلا في المال فإنه يجب عليه أن يتعرف إلى ما أوجب الله من حق المال، فإذا عرف ذلك وعرف الوعيد العظيم في تارك الزكاة، ومن لم يؤدها وعرف أن الزكاة قرينة الصلاة وما أعد الله جل وعلا للمتصدقين، يقول تعالى: »خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم« إذا علم ذلك ثم تخلص من شح النفس، أتى مطيعاً سريعاً فأدى حق الله في المال وأناب إلى الحق وكان وفياً للعهد وأصلح ما أفسده ذلك هو المسلم الحق الذي يخشى الله ويجتهد للوصول لأعلى المراتب.