رجال فوق الأربعين يفضلون العزوبية العنوسة تزحف إلى الرجال العنوسة كانت ولا تزال ملتصقة بالفتيات في مجتمعنا وعلى غرار المجتمعات العربية وعادة ما تطلق على الفتيات اللواتي اقتربن من الثلاثين دون زواج إلا أن الأمر لم يعد قاصرا على الفتيات فقط في الآونة الأخيرة فحتى الرجال أصابتهم العنوسة وأصبحوا يتجاوزون الثلاثينيات ويشرفون على الأربعينيات دون زواج. ق.م الإحصائيات الواردة من السلطات المختصة في كامل المجتمعات تؤكد أن العنوسة قد سطت في السنوات الأخيرة إلى الرجال ولم يصبح اللفظ مقتصرا على العنصر الأنثوي ومن هنا يتضح أن مصطلح عانس أصبح مائلا أكثر ويطلق أيضا على عالم الرجال ولم يعد قاصرا على الإناث لذا ارتاينا اختراق موضوع عنوسة الرجال في رحلة للبحث عن الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والدينية التي أدت لتلك الظاهرة التي تحتاج إلى وقفة. عنوسة الرجال جديرة بالاهتمام يرى المختصون في الشؤون الاسرية أن عنوسة الرجال تختلف في مجملها عن عنوسة الفتيات لأنها اختيارية بمعنى أن مسألة الزواج هي في الأساس في يد الرجل فيمكن للشاب أن يدخل أي بيت ويطلب أي فتاة للزواج في حين أن الفتاة عليها أن تنتظر من يدق الباب ويطلب يدها وإن لم يأت الشخص المناسب تظل في انتظاره كما أن أسباب ارتفاع سن زواج الشباب أو ما أصبح يطلق عليه عنوسة الرجال لها أبعاد مختلفة فهناك رجال يختارون العنوسة بمحض إرادتهم إما لأنهم يبحثون عن فتاة بمواصفات خاصة في مخيلتهم ولا يتنازلون عن هذا النموذج وكلما دخلوا في تجربة عاطفية ولم تنطبق الشروط على الفتاة تركوها للبحث عن غيرها أو لأنهم يخافون من مسؤولية الزواج وتحمل وتكبد متاعبه من زوجة وأبناء ومصاريف يومية وتكوين أسرة ودائما نجد أن الشباب المتهور المستهتر هو من يهرب من الزواج لهذا السبب. وهناك فئة أخرى من الشباب تهرب من الزواج لمرورهم بتجارب حياتية مؤلمة تركت في نفوسهم عقدة من الحياة الزوجية كأن يكون الوالدين منفصلين أو بينهم مشاكل وخلافات مستمرة مما ترك في عقلية الشاب أن الزواج تجربة حياتية فاشلة ولا داعي لخوضها. كما أن هناك سببا لعنوسة الرجال يكون فيه الشاب مجبرا لا مخيرا وهو ضيق ذات اليد حيث لا يجد قطاع كبير من الشباب العمل الذي يساعدهم في توفير شقة وتجهيزها وتحمل مصروفات زوجة وأبناء مما يجعلهم يؤجلون هذه الخطوة حتى تتوافر لديهم الظروف المادية المناسبة. ويرى المختصون أن طرق مواجهة عنوسة الرجال تختلف باختلاف الأسباب وكلها تحتاج إلى تدخل الأهل في الوقوف بجوار الشباب للمرور من أزمته سواء كانت نفسية أو مادية. انهيار القيّم واللهث وراء الماديات يرجع المختصون زيادة نسبة العنوسة بين النساء والرجال على السواء إلى التحولات الاجتماعية وانهيار القيّم التقليدية ومنها تقديس العائلة كما طفت على السطح مجموعة القيم الاستهلاكية بحيث أصبح الفرد يقاس بما يملك أو بما يدفع. بالإضافة إلى غياب المفهوم الصحيح للزواج كالسكن والمودة والرحمة وغياب دور الأسرة في توعية أبنائها وتربيتهم على تحمل المسؤولية وتفهم معنى الزواج وإعداد أبنائها وبناتها للقيام بهذا الدور.. إذ لا بد من تكاتف المجتمع لمواجهة هذه الظاهرة التي تشكل خطرا على الشباب من الانحرافات والإدمان مما يؤثر على الأسرة والمجتمع وذلك من خلال عمل صندوق للزواج الجماعي وتخصيص جزء من الوقف الخيري لتدعيم الشباب غير القادر على الزواج لمساعدتهم في تأثيث بيت الزوجية من خلال تأسيس بيت للمال أو بنك للزكاة يشرف عليه أساتذة متفرغون وأهل الاختصاص لتزويج الشباب وتشغيل العاطلين. غلاء المهور سبب آخر يؤكد مختصو علم الاجتماع أن العنوسة قد تكون مشكلة أكبر لدى الرجال أكثر من الفتيات اللاتي استطعن حل المشكلة بالزواج من رجل متزوج أو كبير في السن هذا ولقد كان موضوع التأخر في سن الزواج من قبل بإرادة الشاب ولكن حاليا الأمر اختلف حيث أن الأزمة الاقتصادية وضيق ذات اليد من أبرز الأسباب التي أدت إلى تفاقم المشكلة فهي تتمثل في ارتفاع تكاليف الزواج التي أصبحت فوق طاقة كثير من الشباب بدءا من صعوبة الحصول على مسكن رغم وجود نظام الإيجار الجديد ولكنه في أحوال كثيرة لا يناسب دخل الشباب كما أن معظم الأسر أصبحت تصر على العريس الجاهز ولا تلتزم بالقيم الدينية التي تدعو إلى تزويج الشاب المتدين بصرف النظر عن دخله. ولذا ظهرت بعض الظواهر الغريبة على المجتمع العربي ومنها الزواج العرفي جرائم الاغتصاب الشذوذ والأزمات النفسية. من كوارث العزوف الانحلال الأخلاقي هناك سبب آخر أرجعه الباحثون إلى انحلال أخلاق الفتيات وعملية الاختلاط التي تسببت في فقد الكثير من الرجال للثقة في المرأة كما أن الرجل الذي يتأخر في اتخاذ قرار الزواج يصل لسن معينة ويكون صعبا عليه بعدها تغيير أسلوب حياته خاصة أن دخول المرأة في حياة الرجل كزوجة يتطلب كثيرا من التغيرات وهذا ما يخافه الرجل. وفي نفس السياق يؤكد المختصون أنه لابد من النظر للشباب وتوجيهه وتقديم النصيحة له والعمل بحديث النبي- صلى الله عليه وسلم- ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج) كما أن هناك منظومة من القيم الضاغطة في الأسرة تتمثل في التباهي بقيمة المهر وجهاز العروسة وإقامة الأفراح في الأماكن اللائقة بمستوى الأسرة مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الزواج وصعوبته هذه الأيام وبالتالي أدى إلى انتشار الزواج العرفي رغم أن رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم ) أمرنا بقوله (إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه). كما أن للأسرة دورا كبيرا وأهمية قصوى لأنها المؤسسة الأعرق والأقدم في تاريخ الإنسانية وهي المدخل الوحيد لإشباع الأمور البيولوجية والفطرية مثل الحاجة إلى الأمومة والأبوة كما أنها العنصر الأساسي لاستمرار ثقافة وتقاليد أي مجتمع. ويعود انتشار ظاهرة العزوف عن الزواج لدى الشباب إلى عدة عوامل منها: الفقر وتفشي البطالة وتراجع الوعي الديني خاصة مع الاكتفاء بالتربية الدينية كمادة هامشية وغياب الرقابة الاجتماعية وتراجع دور الأسرة بالإضافة إلى الانحلال الأخلاقي الذي غذته الفضائيات والمغالاة في المهور رغم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أكثرهنّ بركة أقلهن مهرا).