الإرهاب لم يعد مشكلا أمنيا في الجزائر أكدت دراسة حديثة ترصد تطور الخطط الدعائية للجماعة السلفية للدعوة والقتال، أو ما يسمى بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي صادرة عن معهد »إلكانو« الملكي، أن هذه الجماعات الإرهابية في الجزائر، أصبحت عبارة عن »هوليوود جديدة«، أو»فريق سينمائي« لتركيزها على الخدع السينمائية والإعلامية لنشر بياناتها وأعمالها الإرهابية عبر شبكة الأنترنيت. وقالت الدراسة أن هذه الجماعات لم تعد تشكل مشكلا أمنيا في الجزائر، الأمر الذي دفع بها إلى التوجه إلى الخدع والتضخيم الإعلاميين من أجل ضمان تواجدها على الساحة، سيما بعد تضاؤل وخفوت تواجدها في الميدان بفضل السياسة المحكمة التي تنتهجها الجزائر في محاربة الإرهاب. وقالت الدراسة التي أعدها الباحث مانويل توريس سوريانو، إن القاعدة حاليا باتت تولي أهمية متزايدة للدعاية الإعلامية. وقسمت الدراسة التي نُشرت في 20 من ماي الجاري وحصلت عليها وكالة »الأخبار« المستقلة الموريتانية، مراحل النشاط الإعلامي لما يسمى الفرع المغاربي لتنظيم القاعدة (منذ أن كان يتسمى بالجماعة السلفية للدعوة والقتال)، إلى ثلاث مراحل، تميزت الأوليان منها بالخفوت الإعلامي، فيما عرفت الثالثة تغيرا استراتيجيا في النظرة إلى الدعاية. وقالت الدراسة أن استلام القيادي السابق في »الجماعة الإسلامية المسلحة« أبي مصعب عبد الودود المعروف ب »دروغدال« (كما جاء في الدراسة) لقيادة التنظيم في جويلية 2004، دشن توجها جديدا في النظرة نحو أهمية الدعاية، حيث أطلقت لأول مرة، في أكتوبر 2004، موقعها على الأنترنيت رغم أنه تميز بالرداءة من ناحية التصميم الفني والمحتوى الإعلامي معا، حيث يُظهر ثاني شريط فيديو بثه التنظيم على الأنترنيت في سبتمبر 2004، ضعف المستوى الفني لدى الجهاز الإعلامي للتنظيم، إذ تم إعداد مونتاج الشريط بنسخة تجريبية من برنامج أمريكي. وأضافت الدراسة أن الإمكانات المالية لم تتح شراء نسخة كاملة من البرنامج كما لم تتح القدرات الفنية قرصنته. ومن الطريف كما يذكر الباحث أن قيود النسخة التجريبية فرضت على فنيي الجماعة السلفية أن لا تتجاوز مدة الشريط ثلاث دقائق. كما أن شعار الشركة الأمريكية المالكة للبرنامج ظل ظاهرا في خلفية التسجيل. ويستنتج الباحث مما سبق أن »الفريق الدعائي« الذي اعتمد عليه التنظيم، كان صغير ومحدودا، حيث يؤدي اختفاؤه إلى قطع النشاط الدعائي. وقد تركزت جهوده في تلك الفترة على المحافظة، على حضور الجماعة على الشبكة العنكبوتية، والتعامل مع التعطيل المستمر من قبل مصالح محاربة الإرهاب، لخوادم المواقع التي تنشئها. أما المرحلة الثالثة (2007-2009) فقد تزامنت مع تبني الجماعة السلفية رسميا ل »ماركة القاعدة«، وهو ما مثل منعرجا حقيقيا في الاستراتيجية الإعلامية للمنظمة. وامتازت هذه المرحلة بتدشين »ثقافة الصورة« بشكل واسع، وتضاعف بشكل صاروخي عدد البيانات التي يصدرها التنظيم، فقد بث التنظيم ستة تسجيلات فيديو عام 2007 وحده، وهو ما يمثل ضعف إنتاجه الدعائي من الأفلام في كل الأعوام الثمانية من عمره التي سبقت ذلك. وأرجعت الدراسة هذا المنعرج إلى عوامل أبرزها السعي إلى إرضاء زعماء »القاعدة« التي تركز على الإعلام، ثم تأثير تجربة تنظيم القاعدة في العراق بقيادة أبي مصعب الزرقاوي على نحو خاص. وفضلا عن التطور على المستوى الفني للإنتاج الدعائي للتنظيم، استحدثت القاعدة كذلك فكرة ترجمة بياناتها إلى الفرنسية حتى الآن، من أجل تحقيق أكبر أثر في أسرع وقت ممكن. لكن هذا التطور، على أهميته، صاحبه صراع في السيطرة على الدعاية الإعلامية. وفي هذا السياق جاء الإعلان عن مؤسسة إنتاج »الأندلس« للتغلب على هذا الوضع؛ حيث أعلن تنظيم درودكال في أكتوبر 2009 أن موادها الإعلامية اعتبارا من ذلك التاريخ، سيتم توزيعها بشكل حصري من قبل »الأندلس« التي أنشئت على غرار مؤسسة »السحاب« التي تنتج المواد الإعلامية الصادرة عن قيادة »القاعدة« على المستوى الدولي. وفي هذا السياق، رأت الدراسة أن توجَّه القاعدة في الفترة الأخيرة، إلى خطف رعايا غربيين، كما حصل في موريتانيا، واستغلالهم إعلاميا يُعتبر مؤشرا بيّنا على توجه العمليات الجديد، الذي يتلخص في »عمليات تتطلب القليل من الموارد المادية والبشرية، لكن بوسعها جلب الاهتمام العالمي للمجموعة وأهدافها«. كما يساهم الحضور الإعلامي للقاعدة في وسائل الإعلام في تعزيز »جاذبيتها«، ويرفع، بالتالي، قدراتها على اكتتاب عناصر جديدة سواء داخل المنطقة المغاربية أو خارجها، طبقا للباحث.