اعتبر الخبير الدولي في قضايا الإرهاب هوغ روبيرتس المختص في شؤون الجزائر و شمال إفريقيا لدى منظمة "انتناشنل كريزيس غروب" أن التهديد الإرهابي في الجزائر مبالغ فيه" معبرا عن رفضه أطروحة انضمام الجماعة السلفية للدعوة و القتال إلى تنظيم القاعدة. وفي حديث نشرته يوم السبت يومية "هاندلزبلاد" الهولندية، خرج الخبير عن الخط الذي اعتمدته منظمته في تقريرها الأخير عندما قالت إن "الوضع الأمني في الجزائر تدهور مقارنة بالأشهر الماضية لاسيما بعد الاعتداءات الإرهابية شهر سبتمبر" وعندما أرجعت ذلك إلى انضمام الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى تنظيم "القاعدة" وقال في تصريحه "إن هذه الأطروحة ما هي إلا محاولة لتغيير صورة الإرهاب" وهي تعبر حسبه عن "ضعف" الجماعات الإرهابية في المنطقة. ومن منظور الخبير المختص في شؤون الجزائر وشمال إفريقيا فإنه "من الخطأ" الحديث عن اندماج بين الجماعة السلفية للدعوة والقتال وتنظيم "القاعدة" لأن الجماعة السلفية للدعوة والقتال "ضعفت وعزلت أكثر فأكثر خلال السنوات الأخيرة" و"ما تبقى منها قام بتغيير تسميته وخطته" لا غير، مدللا على رأيه ب"عدم وجود تعاون بين القاعدة و الجماعة السلفية للدعوة القتال سواء في العمليات أو في إمكانية تطور هذه الجماعة لتصبح حركة إقليمية قادرة على تهديد أوروبا". وبالمقابل يقر هوغ روبيرتس بوجود علاقات بين المجموعات الإرهابية في دول المغرب العربي "لا جرم أن للجماعة السلفية للدعوة و القتال علاقات مع مجموعات بالمغرب و تونس و ليبيا" مقللا من شأن هذه العلاقات في بلوغ مستوى إنشاء منظمة جديدة يمكن أن تنشط بقيادة موحدة أو تنسق الجهود على مستوى المنطقة "من الخطأ الاعتقاد بأن هذه المجموعات قد تتوحد لإنشاء منظمة جديدة" وهو دليل آخر حسبه، على أن الجماعة السلفية للدعوة و القتال لم تنضم إلى تنظيم "القاعدة"، إنما الذي حصل من وجهة نظره هو تغيير "خطة" الجماعة الإرهابية منذ بدأت في ارتكاب الاعتداءات بالمتفجرات و العمليات الانتحارية وهي "عمليات سهلة التنظيم" حسبه وما هي إلا دليل كما قال على "الضعف" لأن هذه "الجماعة لم تعد قادرة على مواجهة قوات الأمن الجزائرية. هذا الطرح يأتي في سياق معارض من قبل خبير لدى منظمة "أنترناسيونال كرايسز غروب" لتقريرها الشهري الذي أصدرته بداية اكتوبر الجاري و صنفت فيه الجزائر ضمن الدول التي تشهد تدهورا أمنيا يهدد استقرارها انطلاقا من العمليات الإرهابية التي سجلت في الجزائر شهر سبتمبر. المنظمة غير الحكومية اعتبرت في تقريرها الخمسين الصادر شهر أكتوبر أن "الوضع الأمني في الجزائر تدهور خلال شهر سبتمبر" على غرار 10 دول أخرى من العالم، ويتعلق الأمر بكل من بورندي، بورما، جمهورية كونغو الديمقراطية، إريتريا، أثيويبا، جزر فيجي، لبنان، النيبال، شمال القوقاز، الصومال ولبنان. في حين كان وضع الجزائر "مستقرا" حسب تقدير منظمة "انترناشيونال كرايسز غروب" منذ 10 سنوات، بالمقاييس المعتمدة في التصنيف والخاصة بالمناطق التي تعرف وضعا متدهورا، وبالمناطق التي تشهد تحسنا في الأوضاع، زيادة إلى المناطق التي تعرف استقرارا أمنيا، فإن الجزائر تدحرجت من الصف الثالث للدول المستقرة إلى الصف الأول للدول المتدهورة أمنيا، وقد أوعزت ذلك "الانقلاب" إلى عمليات "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" باعتبارها المسؤولة عن العمليات التي حصدت ما لا يقل عن 75 من الأرواح البشرية البريئة في فترة قصيرة جدا. وتبدو هذه المعطيات التي اعتمدتها المنظمة في تصنيفها الأخير، مناقضة تماما لأطروحة الخبير في الشؤون الأمنية هوغ روبيرتس الذي يشتغل لحساب نفس المنظمة، حيث عمل في حديثه للصحيفة الهولندية المذكورة على التقليل من شان خطورة الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر بل ونفي أن تكون على صلة بتنظيم القاعدة، إنما تواصل هذه النشاطات المسلحة حسب تفسيره ما هو إلا "اعتماد الجماعة السلفية للدعوة و القتال على التهريب واللصوصية" ما يثير التساؤل فعلا من مغزى تلك التقارير التي تعدها المنظمات غير الحكومية بخصوص الوضع الأمني في الجزائر، خاصة وأن تقاريرها يعدها خبراء بناء على معطيات معينة. فإذا كان الخبير لدى نفس المنظمة يعتقد بعكس ما ينشر في تقاريرها، فإن المعطيات التي تأتي فيها تصبح هي الأخرى محلا للشك والريب، ولا يمكن الأخذ بها أو اعتمادها، بل أكثر من ذلك التحفظ عن المغزى الذي أعدت خصيصا لأجله، عندما يتعلق الأمر باستقرار بلد مثل الجزائر وأمنها. غنية قمراوي