أفادت التحريات التي أجرتها مصالح الأمن حول بعض الاعتداءات الأخيرة التي نفذها عناصر ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' بكل من ولايتي تيزي وزو وبجاية عن وجود تيار ''معتدل'' داخل التنظيم المسلح يرفض إراقة الدماء. وكشفت التحريات التي دامت عدة أسابيع حول هذه الاعتداءات الاستعراضية والتي لم تخلف قتلى في أوساط أعوان مركز الحماية المدنية بتيزي وزو وحرس الغابات ببجاية أن حالة اضطراب تسود تنظيم ''القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' منذ أسابيع بسبب فشل التنظيم في تنفيذ عمليات انتحارية جديدة نتيجة رفض النشطاء في التنظيم القيام بمثل هذه العمليات الإرهابية ببلاد المسلمين بالجزائر، بعد تجريمها من قبل علماء الأمة لما فيها من استباحة لدماء المسلمين. وذكرت شهادات تم جمعها من الأعوان الذين استهدفتهم الاعتداءات أو ''التائبين'' حديثا أن هذه الانشقاقات ولدت بروز تيار معتدل قوي في التنظيم الإرهابي، يرفض إراقة دماء الجزائريين، ويرفض رفضا قاطعا القيام بأي عملية ضد المسلمين، ما خلق انشقاقا واضحا في صفوف التنظيم الإرهابي الذي سعى مؤخرا لجلب بعض الدعم من خلال تبني ضرورة الجهاد في غزة ضد الكيان الصهيوني، في طريقة جديدة سعيا منه للتجنيد المبني على الخداع، على غرار ما تم مسبقا مع الراغبين في التجند للجهاد في العراق. وعلمت ''النهار'' من مصادر مؤكدة أن التحريات التي باشرتها أجهزة الأمن بخصوص العمليتين الانتحاريتين اللتين استهدفتا كلا من ثكنة تيزي وزو، خلال شهر أوت، ومركز حراس الغابات ببجاية، أكدت أن منفذيها يمثلون تيارا معتدلا يعتمد على المنهج السلفي الحقيقي وليسوا من خوارج تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، حيث لم تسفر العمليات التي استهدفت المقرين عن أي خسائر جسمانية باستثناء الجرحى بعد تعمد أصحابها تنفيذها بعيدا عن الهدف المنشود إيمانا منهم بأنها عمليات إرهابية غير شرعية مذمومة من قبل مختلف أئمة وعلماء الأمة الإسلامية. ووفقا لهذه الرواية فإن عناصر هذا التيار المعتدل عبروا صراحة عن رفضهم لمنهج العمليات الانتحارية، وأكدوا أنهم أوفياء للمنهج السلفي الذي تبناه حسان حطاب في الجماعة السلفية للدعوة والقتال سنة 1993 وهي الجماعة التي تأسست على أنقاض الجماعة الإسلامية المسلحة ''الجيا''، وقد دعا هؤلاء رفاقهم في التنظيم الإرهابي لما يعرف بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لإتباع المنهج السلفي الذي انبثق عن رؤيا واضحة تبناها عناصر التنظيم المسلح خلال إمارة الأمير السابق للجماعة السلفية للدعوة والقتال حسان حطاب المدعو أبو حمزة. وأضافت مراجعنا أن الرسالة التي وجهها الأمير السابق للجماعة السلفية للدعوة والقتال لرفاق الأمس بالتنظيم الإرهابي زادت من حدة التأزم الذي يعرفه التنظيم الإرهابي، حيث أعلن صراحة عن إمكانية استفادة هذه الفئة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، واعتبر حطاب العمليات الانتحارية التي تستهدف الأبرياء من أبناء الوطن حرمة كحرمة يوم الحج الأكبر وأوضحت مصادرنا أنه ومنذ استكمال التحريات بخصوص العمليتين المذكورتين تولي مصالح الأمن أهمية خاصة لأتباع التيار المعتدل الذي لا يعترض من حيث المبدأ على مسعى السلم والمصالحة الوطنية.