ق· حنان تعتبر الصحراء الجزائرية على تنوعها وثراها بالأماكن الجميلة والخلابة، مكانا مجهولا وغامضا بالنسبة للكثير من الأطفال الجزائريين، خاصة من أبناء المناطق الشمالية، الذين ربما لم يلتقوا فيها طيلة حياتهم، إلا على صفحات كتب الجغرافيا، أو شاشات التلفزيون، ومواقع الأنترنت، أو سمعوا أن الجنوب الجزائري الكبير، يستقطب سنويا آلاف السياح من مختلف مناطق العالم، وربما لم يعرفوا خلال عطلهم المدرسية السابقة، سواء الخريفية أو الربيعية أو حتى الصيفية، غير الجبال أو الشواطى، بالنسبة لمن سنحت لهم فرصة الاستجمام، أو قاعات الألعاب ومحلات الأنترنت بالنسبة لمن ليست لهم ولأوليائهم إمكانيات تنظيم رحلات استجمامية، ولكن حوالي 1500 طفل وطفلة من تلاميذ مختلف الأطوار التعليمية بالعاصمة و29 ولاية أخرى، ستسنح لهم الفرصة هذه المرة بزيارة 7 ولايات من ولايات جنوبنا الكبير، ورؤية رمالها وهضابها واستنشاق هوائها فعليا· في الوقت الذي كانت تنظم الكثير من الرحلات الاستجمامية والاستكشافية لصالح أطفال الجنوب الجزائري، نحو الولايات الشمالية، عكست وزارة التضامن المشهد هذه المرة، بتنظيمها للمرة الأولى، عطلة ربيعية تمتد إلى نحو 10 أيام كاملة· وشاركت في العملية نحو 8 جمعيات ثقافية واجتماعية، تنشط على مستوى العاصمة، حيث قامت الجمعيات المُشاركة بالتنسيق مع مديريات النشاط الاجتماعي، باختيار الأطفال المستفيدين من هذه العملية· ورحب الأطفال بكثرة بهذه المبادرة، حيث كانوا في غاية السعادة والفرحة، وهم يستقلون الحافلات المتجهة من العاصمة نحو كل من ولايات غرداية والاغواط والوادي، وكان في توديعهم أولياؤهم الذين تلقوا تطمينات كبيرة من طرف الوزارة واللجنة المكلفة بتنظيم هذه الرحلة، عن مدى سلامة أبنائهم، والرعاية التي سيحظون بها· وشملت هذه العملية أطفالا من 30 ولاية شمالية، كتلمسان وسيدي بلعباس ومعسكر وعين تموشينت وعين الدفلى ومستغانم ووهران والشلف وتيبازة وباتنة وبجاية وجيجل والعاصمة وبومرداس وغيرها، باتجاه الولايات الجنوبية الأربع الأخرى المتبقية، وهي بشار، النعامة ورقلة وبسكرة· وتعتبر هذه العملية التضامنية المتمثلة في تنظيم أيام عطلة ربيعية لفائدة الأطفال النجباء من الولايات الشمالية، الأولى من نوعها، كون المبادرات السابقة كانت في معظمها لفائدة أطفال الجنوب من أبناء الأسر المحرومة والأطفال ضحايا الإرهاب، ممن تم تنظيم رحلات استجمامية عديدة لهم في الولايات الشمالية، تأتي في سياق تشجيع الأطفال المستفيدين، على المزيد من النجاح والتفوق الدراسي، على اعتبار أن أغلب المستفيدين من هذه العطلة، هم من تلاميذ الابتدائيات والمتوسطات تتراوح أعمارهم ما بين 9 و15 سنة، ومعدلاتهم الدراسية ما بين 14 و17، إضافة إلى تعريف أبناء الولايات الشمالية للوطن، بالجنوب، وتقريبهم من النمط المعيشي لسكان الولايات الصحراوية والداخلية، والسماح لهم باكتشاف المعالم الحضارية والتاريخية بهذه الولايات، وكذا دعوتهم إلى ربط علاقات صداقة وأخوة مع نظرائهم بالولايات المستقبلة· وكان وزير التضامن الوطني سعيد بركات قد أكد لدى إشرافه على انطلاقة العملية من مقر وزارته، على مدى التكفل الجدي والنوعي، الذي سيحظى به الأطفال المستفيدون من العملية، بدءاً من شروط الرحلة المريحة والممتعة، مرورا بوسائل الاتصال المضمونة لهم بأوليائهم، إلى جانب الرعاية والحماية الطبية، طيلة فترة الرحلة التي ستدوم لعشرة أيام، مع ضمان تأطير نوعي، حيث سيشرف عليهم حوالي 96 مؤطرا مكونا تكوينا عاليا، فيما وصل عدد المراكز المستقبلة إلى 20 مركزا، تتوفر بها كل وسائل الراحة والرعاية والترفيه والتسلية· أما عن البرنامج المسطر خلال الرحلة، فتضمن العديد من النشاطات المهمة والثرية التي لا تقتصر على الترفيه والتسلية فحسب، وإنما تم أيضا، برمجة العديد من الزيارات إلى مختلف المعالم التاريخية والدينية والسياحية التي تتوفر عليها كل ولاية من الولايات السبع المستقبلة، ناهيك عن البرامج التنشيطية والترفيهية والثقافية، حيث حرصت الوزارة على أن يكون البرنامج ثريا مفيدا ومتنوعا، وكان وزير التضامن قد طلب من الأطفال لدى عودتهم كتابة شهاداتهم وانطباعاتهم العامة حول الرحلة· وكان الأطفال المستفيدون من العملية قد تلقوا هدايا رمزية تمثلت في بذلة رياضية كاملة، حذاء، قبعة، فرشاة ومعجون أسنان، إضافة إلى مصروف جيب، قدر ب100 دج للطفل الواحد· وتجدر الإشارة إلى أن العملية شملت 1431 طفلا من بينهم 937 ذكور و494 إناث، يتوزعون على 20 مركزا، بطاقة استيعاب قدرت بحوالي 1495 سرير، وانطلقت قوافل الرحلات المسطرة من 30 ولاية شمالية نحو الولايات الجنوبية السبع المستقبلة على متن حافلات مجهزة من النوع الرفيع، عدا أطفال كل من ولايات عين تيموشنت تلمسان وسيدي بلعباس الذين استقلوا القطار باتجاه ولاية بشار· وأبدى الأطفال وأولياء الأمور الذين كانوا في توديعهم بمقر الوزارة إعجابهم الكبير بالتفاتة وزارة التضامن التي من شأنها أن تمنح دفعا قويا وكبيرا للتلاميذ على بذل المزيد من الجهد للنجاح والتفوق في دراستهم·