لعل ما تشهده ليبيا من أحداث لا يمكن أن يتجاهله أحد، وحتى الذين لم يكونوا مهتمين بالسياسة، استنكروا ما وصلت إليه ليبيا، حتى لو لم يحاولوا أن يفهموا ما يحدث، وأي تفسير أبلغ من جثت القتلى التي ألقي بها في الشارع· مصطفى مهدي منذ الثورة التونسية المظفرة، ثم المصرية، وما يعيشه اليمن والبحرين وليبيا والمغرب وسوريا، وغيرها من البلاد العربية التي هبت عليها نسمات التحرر، والمواطنون يواكبون تلك الأحداث، عبر مختلف الفضائيات التي راحت البعض منها تعرضها وكأنها مسلسل تفوق إثارته إثارة "العشق المجنون"، غير أن الأحداث التي وقعت في البلدان العربية هي أحداث حقيقية، نقلت لنا من أرض الواقع، لمواطنين قتلوا ونكل بهم، من الحكام، ثم من الأجانب الذين مهد لهم الطريق الحكام باستبدادهم وجرائمهم ضد شعوبهم، كل ذلك جعل الناس تتفاعل، بل إن البعض صار لا يستطيع رؤية تلك المناظر الصادمة، أما آخرون ففضلوا أن يستعملوها لكي يوعوا بها الآخرين، فنقلوها على صفحات الفايس بوك· مواقع الأنترنت، والتي صارت المتنفس الوحيد للبعض، لكي يعرضوا آراءهم وأفكارهم، ويستنكروا ما يحدث في الأيام القليلة في ليبيا، ويتابعون كذلك تطورات الأحداث فيها، وفي ما يعيشه الشعب الليبي الشقيق من دمار، شارك فيه الجميع، إما باليد أو اللسان أو القلب· لا شك أن أيًّا منا وهو يفتح صفحة الفايس بوك، تطالعه صور الدمار الذي وصل إليه الشعب الليبي، وتعليقات حول تلك الصور، أغلبها تستنكر، وأخرى تحاول أن تجد الحلول، حتى لو لم يكن بيدها شيء تفعله، فالمواطنون عامة عادوا للاهتمام بالقضايا العامة، بعد أن غابوا، أو غيبوا لمدة عنها، وقد أبدى الكثيرون قلقهم بشأن ال 3000 مواطن جزائري الذين بقوا في ليبيا، بل إن البعض راح يبعث بدعوات لليبيين على الفايس، لكي ينقلوا لهم أهم ما وقع ويقع، خاصة بعد هجوم ساركوزي والتحالف على ليبيا، والذي حسب البعض عقد من الوضع، رغم أن الثوار شكروا لساركوزي ما سموه "جميلا"· آخرون راحوا يحللون ويفسرون الوضع، وكان رأي سمير، 32 سنة، وهو محامي، أن التدخل الأجنبي غير مقبول بالمرة، وأن الليبيين يمكن أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم، وأنه لا داعي إلى تدخل قوات أجنبية لا تكون نيتها في أحسن الأحوال حسنة، وأنها وإن خلصت الليبيين من الطاغية فإنها ستذيقهم أكثر من ذلك· آخرون، مثل حسام، 25 سنة، رأوا أن القذافي تجاوز حده، وأنه بقتله للأبرياء لن يفعل أكثر من قوات التحالف في كل الأحوال، وأنه يجب الخلاص منه بأي ثمن، حتى لو استدعى ذلك دعوة التحالف الدولي إلى ليبيا· وإن اختلفت تلك الآراء كلها، فإنها اتفقت على أن ما يحدث في ليبيا هو جريمة إنسانية، ولا بد من أن تتوقف بكل الطرق، أو بأي طريقة، ومن غير المعقول السكوت عليها خاصة وأن الشعب الليبي شعب شقيق، ويجب مساندته ومؤازرته·