ساعات بعد أن قال وزير داخلية فرنسا إن بلاده تشنّ حربا صليبية على ليبيا، رفع مواطن ليبي لافتة كتب عليها "شكرا ساركوزي"· وبالتأكيد، فإن المواطن الليبي الذي تناقلت صورته بعض الفضائيات ووكالات الأنباء لا يقصد توجيه الشكر لرئيس فرنسا على الحرب الصليبية التي أعلنها على ليبيا، وإنما يقصد شكر ساركوزي على غاراته الجوّية ضد كتائب نظام القذافي· ومن عجائب القدر أن صورة المواطن الليبي المذكور الشاكر لساركوزي أعقبتها صور أخرى تمّ تداولها على نطاق واسع لآثار خراب خلّفتها غارات ساركوزي على ليبيا، غارات لم تخلّف خرابا ماديا فقط ولم تتسبّب في مقتل عدد من جنود جيش القذافي فقط، بل تسبّبت أيضا في سقوط عدد غير معلوم من الضحايا المدنيين، بينهم أطفال· وليتنا نعرف رأي المواطن الليبي الشاكر لساركوزي وهو يتابع أخبار مقتل عدد من إخوانه بقنابل ساركوزي، وليتنا نعرف ردّ فعل كلّ الذين هلّلوا لغارات فرنسا التي تقود تحالفا عدوانيا على ليبيا بدعوى تأديب القذافي· وإذا كان المتتبّعون يقولون إن العقيد معمّر القذافي ليس مستعدّا للتخلّي عن الحكم حتى ولو تسبّب في احتلال بلاده ومقتل جميع أبنائها، فإن الظاهر أن رئيس فرنسا وقادة حلف "النّاتو" وزعماء معظم البلدان الغربية ليسوا أقلّ جنونا من القذافي، وربما لن تتوقّف الغارات المنفّذة بحجّة تأديب القذافي حتى يتمّ قتل جميع أشقّائنا الليبيين، وتكون إبادة الليبيين بذلك هي ثمن تأديب القذافي، خصوصا حين نسمع قادة عسكريين غربيين يقولون إننا لا نريد رأس القذافي، وربما أراد هؤلاء أن يقولوا إنهم يريدون رؤوس كلّ الليبيين، عسى أن تصبح ليبيا وطنا بلا مواطنين و"مال بلا راعي" ويخلو الجوّ لأصحاب المصالح ليعيثوا فيها فسادا أكبر من الفساد والإفساد الحاصل الآن بدعوى تأديب القذافي·· فلا شكرا لك يا ساركوزي·