صحف كشفت صحيفة ديلي تليغراف البريطانية عن وجود صراع على السلطة داخل القصر الرئاسي في سوريا، حال دون ظهور الرئيس بشار الأسد على شاشات التلفزيون، للإعلان عن إلغاء قانون الطوارئ المعمول به منذ 48 عامًا. وكتب "أدريان بلومفيلد"، مراسل الشرق الأوسط بالصحيفة أن عدم ظهور الأسد حتى الآن، وإعادة انتشار الجيش في مدينتي اللاذقية ودرعا، وظهور عصابات "الشبيحة" (البلطجية) التابعة لأفراد من أسرة الأسد التي استخدمت العصي والأسلحة البيضاء وبنادق الصيد والرصاص الحي ضد المتعاطفين مع المعارضة في طرطوس واللاذقية وأحياء من دمشق؛ أصاب السوريين بالحيرة، على الرغم من أن بثينة شعبان، مستشارة الأسد، سبق وأن أعلنت قبل يومين أن بشار سيعلن خلال ساعات عن إصلاحات سياسية واقتصادية، بما في ذلك إلغاء قانون الطوارئ. وأرجع المراسل الأمر إلى وجود صراع على السلطة، يقوده حاليًّا شقيق الرئيس وقائد الحرس الجمهوري "ماهر الأسد"؛ لإحداث انقلاب داخل القصر الرئاسي. وينقل المراسل عن أوساط المعارضة ومراقبين للأوضاع في سورية أن عدم ظهور الرئيس حتى الآن ربما يعود إلى محاولة شقيقه العقيد ماهر الأسد الذي يصنف في خانة الصقور، لتحييد بشار وتولي زمام الأمور من وراء الستار. وينقل المراسل عن أحد النشطاء السياسيين السوريين قوله: "إن بشار الأسد قد لا يكون ديمقراطياً لكنه على الأقل أكثر براجماتية (يتعامل طبقاً للمصالح المتبادلة)، من عدد كبير من أفراد الدائرة الضيقة التي تحيط به، ويبدو أنهم يعكفون على ترتيب انقلاب في القصر بحيث يتولون زمام الأمور خلال هذه المرحلة العاصفة، على الأقل". وللتدليل على سيطرة جناح الصقور على دائرة صنع القرار كان انتشار مجموعات ممن يطلق عليهم اسم "الشبيحة"، وهم عصابات من البلطجية الذين لا يتورعون عن ارتكاب جرائم قتل، في عدد من الأحياء في دمشق وطرطوس، حيث اعتدوا على من يُشك في ولائه للنظام وتعاطفه مع المعارضة. وسبق ذلك بيوم واحد قيام الشبيحة، المعروف أنهم تابعون لأفراد من أسرة الأسد، بإطلاق النار على المتظاهرين والمارة بشكل عشوائي من على أسطح الأبنية والسيارات المسرعة، ما أدى إلى سقوط 16 قتيلاً وعشرات الجرحى في مدينة اللاذقية. وكانت تقارير صحفية قد أشارت في وقت سابق إلى أن خلافًا نشب بين الرئيس السوري بشار الأسد وشقيقه ماهر الأسد وصهره آصف شوكت من جهة ونائب الرئيس فاروق الشرع من جهة أخرى على خلفية مجزرة الصنمين. واشنطن: "على الأسد القيام بإصلاحات أكبر " أَدانَت وزيرة الخارجيَّة الأمريكيَّة هيلاري كلينتون ما وصفته بقمع المتظاهرين في سوريا، وحثَّت الأسد على تنفيذ الإصلاحات في مواعيدها، والاستجابة لمطالع الشعب بما في ذلك الرفع الفوري لحالة الطوارئ. وقال المتحدث باسم الخارجيَّة الأمريكيَّة مارك تونير: إن "الأسد عند مفترق طرق، فمنذ استلامه الحكم قبل عشر سنوات نفَّذ بعض الإصلاحات الاقتصادية، لكنه لم يقمْ بإصلاحات معتبرة على المستوى السياسي، وواشنطن تحثه على الاستجابة لحاجات وتطلعات الشعب السوري". ووصف تونير الوضع في سوريا ب "الغامض"، كما تحدث عن ثلاثة أمريكيين اعتقلوا في هذا البلد منذ بدء الاضطرابات، ما زال أحدهم محتجزًا بحجَّة التحريض على القلاقل، حسب ما ذكره التليفزيون السوري. يأتي ذلك بعد ساعات فقط من تقديم حكومة ناجي عطري استقالتها التي قبلها الرئيس السوري, وكلّفها بتصريف الأعمال. ومن جانبه, أدان وزير الخارجيَّة الفرنسي آلان جوبيه الأسلوب الذي ووجهت به المظاهرات في سوريا، لكنه اعتبر أن من المبكر الحديث عن العقوبات. وتهزّ مظاهرات غير مسبوقة سوريا منذ نحو أسبوعين تطالب بإصلاحات ومحاربة الفساد، قتل فيها حسب المعارضة وحقوقيين 130 شخصًا على الأقل، فيما لم تقرّ السلطات إلا بثلاثين قتيلا، متحدثة عن أجندة أجنبيَّة لضرب استقرار البلاد. بريطانيا لا ترى ضرورة لتدخُّل دولي في سوريا قَالَ نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليج: إن لندن لا ترى ضرورة لتدخل دولي في سوريا، التي تجتاحها مظاهرات مناهضة لحكومة الرئيس بشار الأسد. ووصف كليج الذي يقوم بزيارة رسميَّة للمكسيك الوضع في سوريا بأنه "مؤثر للغاية"، وأشاد بالصحوة الديمقراطيَّة في الشرق الأوسط، وشدَّد على أنه ينبغي السماح لكل بلدٍ بأن يختار طريقه. وفي ردِّه على إن كان من الضروري التدخل في سوريا أجاب بقوله: "ليس دور المجتمع الدولي الآن أن يحاول التدخل بشكلٍ مباشر في كل بلد"، مضيفًا "التدخل الإنساني له ما يبرره في الأوضاع التي يتوفر فيها إجماع دولي كما هو الحال في ليبيا". وأوضح كليج في خطاب بعد اجتماعات مع الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون "كنت مثلكم جميعًا أعارض بشدة الحرب في العراق، كانت خطأ، لكن التحرك الذي يجري القيام به في ليبيا اليوم صحيح". وأشار إلى أن "درس العراق ليس أن التدخل دعمًا لأهداف الحريَّة خطأ دائم، درس العراق هو أن أي تدخل من هذا النوع لا بدَّ ألا يتمَّ في كل الأحوال إلا بموافقة متعددة الأطراف، وأن تحركه بواعث قلق إنسانيَّة، وأن يكون كذلك دائمًا".