كثيرا ما نشتري المنتوج لثمنه وليس لجودته، ونغتر بالأسعار الخيالية التي تعرض بها في بعض الأسواق وعلى الأرصفة، ولا ننظر إلى ما يمكن أن تسببه لنا من أعراض جانبية بالغة الخطورة. مواد التجميل التي يعتقد البعض أنها ما لم تنته مدة صلاحيتها فهي لا تفسد، أو على الأقل لا تسبب أخطارا على البشرة أو الشعر والجلد، أو أنها وفي أسوأ الحالات لن يكون لها مفعول قوي، هي نظرية خاطئة جعلت الكثير من النسوة وحتى الرجال يعانون من تشوهات ومشاكل بعضهم لم ينته منها حتى الآن. ما إن تدخل أيّ سوق شعبية حتى يصادفك الباعة الذين يصطفون بسلعهم التي اسودت بفعل الحرارة، وتعرضها إلى الشمس لمدّة طويلة، فبالإضافة إلى المواد الغذائية مثل الزبدة وعلب السمك والحليب وحتى علب المرطبات والماء المعدني التي صارت تباع تحت الحرارة القاتلة، بالإضافة إلى كل تلك المواد التي بدأ المواطن يعي خطورتها، أو على الأقل صار يلاحظ تاريخ صنعها ومدة صلاحيتها، فإن هناك مواد التجميل كذلك، العطور والزينة والماكياج و»الجال«، كلها تعرض أيضا تحت الحرارة، بل وبعض المواد التجميلية التي لا تباع إلاّ في الصيدليات وجدناها تباع على الرصيف، ولو أنّنا لم نكن متأكدين من أنّ البائع لن يخبرنا عن مصدر تلك المواد لكننا سألناه، والأسوأ من ذلك تهافت المواطنين على تلك المواد التي أغرتهم بأسعارها المنخفضة، والتي لا شكّ أنها أحسن من كلّ الأسعار التي تعرض في المحلات، فعندما سألنا بعض الفتيات وحتى الشبان الذين تهافتوا على نوع من »الجال« المعروض في علب ليس لها لا اسم ولا عنوان ولا علامة، ولكنها كانت تباع على أنها من العلامات المشهورة والمعروفة، وكان الناس يشترونها على ذلك الأساس، ومنهم ريان والذي قال لنا إنه يشتري كل المواد التي يحتاجها من هنا من سوق »زوج عيون« بساحة الشهداء، وأنها لم يسبق له أن أصابه مكروه، بل بالعكس، يقول لنا، فبالإضافة إلى فعاليتها، فإنها منخفضة السعر، ولهذا فهو لا يرى من ضرورة لمقاطعتها، كما أنه يسكن غير بعيد عن الحي، وإذا ما حدث شيء، يضيف مازحا سيتّجه مباشرة للذي باعه تلك المواد، وسيحاكمه، أمّا نادية، والتي كانت ستقتني اأمر شفاه من عند أحد الباعة، الذي ورغم أنه كان يضع ما يشبه المظليّة على رأسه وسلعته، إلا أنّ ذلك لم يقطع الطريق أمام الشمس التي راحت تبعث بأشعتها على المواد المتنوعة التي كان يعرضها البائع، ورغم هذا فإن سوسن لم تخف علينا انجذابها إلى الأسعار التي تعرض بها تلك المواد، حيث تستطيع أن تشتري أكثر من نوع من الزينة دون أن تنفق ما تنفقه في شراء علبة واحدة، والأغرب من هذا أنّ سوسن كانت تعرف صديقة لها تعرضت إلى بعض الحساسية بعدما وضعت على بشرتها زينة اشترتها من الشارع، ومع ذلك فلم تتعظ سوسن، وقالت إنها، وعلى عكس صديقتها تلك، فهي تستطيع التفريق بين المواد الفاسدة والصالحة من لونها ورائحتها، ولذلك فهي لا يمكن أن تشتري أو تستعمل ما يضرّها. لكن الحقيقة غير ذلك، ولا يمكن للمواطن أن يتنبأ بما تخفيه له تلك المواد، وحتى أن تتغيّر راحتها ولا لونها، حتى إن لم يحدث ذلك فإنها يمكن أن تكون بالغة الخطورة وهو ما وقع لراضية، الفتاة التي اشترت بسوق شعبية بالعاصمة مادة تجميل لحفظ بشرتها من الحرارة واستعملتها، ولم تمض مدّة قصيرة حتى أصيبت راضية بتشوهات، ما جعلها تزور طبيبا والذي أكد لها بعد أن أرته علبة التجميل التي استعملتها أنها السبب فيما حدث، وأنها تحتاج إلى أشهر حتى تعالج من كل تلك التشوهات، وأكثر من ذلك حتى تعود بشرتها كما كانت، أما سفيان الشاب صاحب الخامسة والعشرين سنة فقد اشترى هو الآخر زينة الشعر أو »الجال« من إحدى الأسواق، ولم تكن العلبة تتوفر على علامة أو شيء يدل على صانعها، وهو الأمر الذي تجاهله سفيان، وظل يستعمل تلك الكريمات التي جعلته وبعد سنتين يفقد بعض الشعر، ولم يكثرت في البداية للأمر، وظن أنها مجرد حساسية ستذهب مع الوقت، ولكن ومع الوقت وبعد أن ازداد تساقط شعره، فضل سفيان زيارة طبيب مختص، وكانت صدمته كبيرة عندما قال له إن الأمر خطير، وإن »الجال« عموما، وذلك الذي يستعمله خاصّة أثر على شعره، وجعله شعره يتساقط بذلك الكم.