الذكرى ال47 لتأميم المحروقات: ** سمح تأميم المحروقات الذي تقرر قبل 47 سنة من الآن للجزائر بتعزيز تحكمها في مواردها الطبيعية وببسط السيادة الوطنية على ثروتها النفطية مع فتح الآفاق لورشات كبرى أخرى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. ووضع هذا القرار التاريخي -الذي أعلنه الرئيس الراحل هواري بومدين في 24 فيفري 1971 بمقر الإتحاد العام للعمال الجزائريين خلال احتفاله بالذكرى ال15 لتأسيسه- التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المسار الصحيح. ويتضمن هذا القرار حيازة الجزائر-بعد مسار طويل من المفاوضات بدأ في 1967- 51 بالمائة على الأقل من الشركات الفرنسية الحاصلة على الامتياز والناشطة في جنوب البلاد مع شركات أخرى متعددة الجنسيات. وأتبع قرار التأميم بالتوقيع في 11 أفريل 1971 على أمر يتضمن إصدار القانون الأساسي حول المحروقات الذي يحدد الإطار الذي ستمارس فيه الشركات الأجنبية نشاطاتها المتعلقة بالاستكشاف والتنقيب عن المحروقات. وبموجب هذا القرار الإستراتيجي تمكنت الجزائر من حيازة 51 بالمائة على الأقل من الشركات الفرنسية الحاصلة على الامتياز على غرار سي أف بي أ و بتروبار و كوباركس وغيرها. كما تم تأميم كل المصالح المنجمية التي تحوي حقول الغاز الطبيعي وكذا كل المصالح التي تحوزها شركات نقل المحروقات يوم 24 فيفري 1971. وتم تسوية النزاع الناجم عن هذا القرار نهائيا بالتوقيع- في 30 جوان 1971 بين سوناطراك و سي أف بي أ و13 ديسمبر من نفس السنة بين سوناطراك و أو.أل.أف-أو.أر.أ.بي - على اتفاقيات حول الشروط الجديدة المحددة لهذه الأنشطة في الجزائر. وبالإضافة إلى بعده السياسي أدى بسط السيادة الوطنية على قطاع المحروقات إلى بروز الشركة الوطنية لنقل وتسويق المحروقات (سوناطراك) بقوة في المشهد الإقليمي وحتى الدولي رغم حداثة نشأتها. ورغم أنها واجهت تحديات تقنية لتعويض الشركات المتعددة الجنسيات التي كانت تحتكر استغلال الثروات الوطنية تمكنت سوناطراك من رفع الرهان في غضون سنوات قليلة قبل أن تصل نهاية سنوات 1970 إلى مستوى معتبر من الإدماج في عدة فروع تتعلق بالصناعة النفطية والغازية الدولية انطلاقا من الإستكشاف إلى الإنتاج والتسويق. ومن جهة أخرى حصلت الجزائر دائما -عن طريق سوناطراك- على الأغلبية في جميع الاستثمارات الأجنبية في الحقول النفطية والغازية في البلاد وهي وضعية تعززت بعد إصدار عدة قوانين في أربع عشريات. وسمح هذا بتعزيز سيادة الدولة الجزائرية على ثرواتها النفطية والغازية والمنجمية. وفتح قانون 1986- الذي صدر 15 سنة بعد القانون الأساسي حول المحروقات وعدل في 1991 - السوق الجزائرية للمحروقات أمام الشركات الأجنبية التي أبرمت عقود شراكة مع سوناطراك لاستكشاف واستغلال حقول منجمية وكذا النقل والتسويق دون أن تفقد الجزائر سيادتها على الثروات الوطنية حيث لا تزال تسيطر على غالبية هذه الموارد. أما الإجراءات التي تضمنها قانون المحروقات ل 2005 -الذي عدل في 2013- فترمي أساسا إلى تكييف التشريع المعمول به مع التطورات المسجلة في السوق الدولية للطاقة وتعزيز تسيير الموارد الوطنية بهدف الحفاظ على مصالح الأجيال القادمة. السيادة الوطنية على الموارد: مبدأ أساسي وفي هذا الإطار استحوذ مجمع سوناطراك على حصة اكبر (لا تقل عن 51 بالمائة) في عقود الاستكشاف والاستغلال ونقل المحروقات. وتمكنت الجزائر بفضل تحيين هذا الإطار التنظيمي من تعزيز رقابتها على مواردها من المحروقات والحفاظ بذلك على هيمنة سوناطراك على المجال المنجمي الوطني. وقد أدخل آخر نص بهذا الخصوص -صدر سنة 2013 - امتيازات جبائية جديدة بغية جلب الاستثمار الخارجي خاصة في مجال الاستكشاف وذلك دون إدراج تغييرات جذرية على المباديء الأساسية للقانون السابق. وهكذا أبقى النص على أهم مبدأ في القانون المتمثل في القاعدة 49/51 بالمائة التي تعطي لسوناطراك الحصة الغالبة في كل مشروع استثماري بالشراكة مع مجمعات اجنبية كما تعطيها الحق الحصري لنقل المحروقات عبر الأنابيب. وقد جاء النص الأخير المعدل للدستور ليعزز جميع هذه المبادىء اذ اكد ان الملكية العمومية تعود للجماعة المحلية (الموارد الباطنية والموارد الطاقوية الطبيعية.....) مع ادراجه مادة تنص على أن الدولة تضمن استعمالا رشيدا للموارد الطبيعية والحفاظ عليها لصالح الأجيال القادمة . لكن الشركة العمومية للمحروقات تواجه اليوم تحديات جديدة أمام ظرف يشهد تغيرات جذرية للسوق الطاقوية العالمية. ويبقى تعزيز جهود استكشاف الطاقة والغاز وتثمين جميع الموارد الطاقوية بما فيها الطاقات المتجددة أمرا حيويا للاستجابة للتطور المستمر للاستهلاك المحلي والوفاء بالالتزامات الدولية في مجال التموين والمساهمة في تمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمان استمرارية وديمومة الاستقلال الطاقوي للبلاد.