القصة التي سوف نسردها قد يتوهم البعض أنها من نسج الخيال أو مقتبسة من احد المسلسلات التركية التي غزت البيوت الجزائرية ودمرتها نوعا ما إلا أنها وقعت بالفعل في إحدى ولايات الغرب الجزائري وهي ولاية محافظة لا يسعنا الكشف عنها من باب التحفظ على أسرار الناس، تلك الولاية التي عرفت بالمحافظة على شرف بناتها إلى درجة أوصلت أرباب العائلات إلى منع امتلاك البنات للهاتف النقال بالنظر إلى سلبياته التي تفوقت في الوقت الحالي على ايجابياته. والعينة التي هي بين أيدينا تعبر اصدق تعبير عن ما لحقه من شوائب أرغمت العائلات على اخذ ذلك القرار جبرا ولو انه مخالف للعصرنة والتقدم إلا أن المحافظة على شرف العائلات وسمعة البنات كانا العامل الأقوى، وأجبرهم على إلغاء الهاتف وحصر امتلاكه فقط من طرف رب الأسرة والأبناء الراشدين من دون البنات، لكن دهاء بعض البنات وحيلتهن مكنتهن من الفرار من رقابة الأسرة، وصممن على امتلاك الهاتف النقال خلسة عن أهاليهن وكسر ذلك الحاجز الذي وضع بينهن وبين تلك الوسيلة المتطورة التي تمكنهن من ربط علاقات مع الجنس الآخر، وربما الوصول إلى الزواج مع فارس الأحلام. وبالنظر إلى منع خروج البنات في تلك المنطقة منعا باتا إلا بمرافقة محرم لجأت بعضهن إلى رد الصفعة للأهل أو العائلة المحافظة وعزمت على ردها بقوة بربط علاقات مشبوهة عن طريق المكالمات التلفونية بعد تشكيل أرقام عشوائية، وهي الظاهرة التي شاعت في الوقت الحالي ومست الجنسين مما أدى إلى تخريب بيوت في حال ما إذا كان الطرف المستقبل للمكالمة رجلا متزوجا أو امرأة متزوجة. لكن لا يرِد إلى عقل المرء أن تدور تلك المكالمات في نفس البيت بين الأخ والأخت، أو بين الأب والبنت، أو بين الأم والابن، أو بين الأخ وزوجة أخيه... إنما الآفات التي لحقت مجتمعنا وأفرزتها تلك الوسيلة أوصلتنا إلى تلك الأمور الخطيرة التي شتت أسرا وفككت عائلات بأكملها. وهي الواقعة نفسها التي حدثت مؤخرا بإحدى الولايات حيث ربطت فتاة علاقة رومانسية عبر الهاتف مع أبيها بعد أن شكلت رقما عشوائيا لم تكن تدري انه رقم أبيها ودامت العلاقة لمدة ثلاثة أشهر أغرقته خلال كامل المدة بالمكالمات المشبوهة التي لا تليق حتى بين امرأة وزوجها، بحيث ملأها الكلام الماجن واستمرت تلك العلاقة بعيدا عن أعين العائلة التي تحرم الهاتف المحمول على الإناث، وبقي الحال على ذلك إلى أن جاء ذلك اليوم الموعود الذي صمم فيه العاشق على رؤية عشيقته، فما كان عليها إلا استعمال الحيلة وأخبرت عائلتها أنها سوف تذهب إلى الحمام برفقة الجارة التي يضعون فيها الثقة، وبعد وصولها إلى مكان اللقاء لم تصدق ما رأته عيناها؛ فالعاشق الولهان هو أبوها الذي غزا الشيب شعره ولم تتمالك نفسها فأغمي عليها، أما هو ففر مسرعا إلى البيت وأطلق يمين الطلاق على أمها ووضعها في مرتبة المذنبة كونها لم تكن يقِظة وغفلت عن ابنتها التي امتلكت تلك الوسيلة المحظورة على كامل بنات العشيرة، وبذلك عاقب أمها قبل أن يعاقب نفسه وتظاهر بالحفاظ على العفة والشرف باتجاه الآخرين وألغاهما عن نفسه وتشتت العائلة وفكك التحامها بفعل تلك الآفات التي لحقت الهاتف النقال.