رغم الإصلاحات الأخيرة الشاملة على مستوى القطاع الصحي ومزاعم بتطوير الخدمات الطبية وتحسين ظروف استقبال المرضى النزلاء بالمستشفيات، إلا أن التصرفات اللاأخلاقية واللاإنسانية لازلت تصنع الحدث بكامل مستشفياتنا. بداية من مصلحة الاستعجالات تبدأ الأقنعة وراء المآزر المزيفة تتكشف وتسقط جميع مصطلحات ملائكة الرحمة في لحظات دون البحث عن حقيقة الأمور، وبمجرد دخولنا إلى المستشفى على الساعة الثانية عشر ليلا بدأت المشاكل والمعاناة التي يعيشها المرضى خاصة بقسم الاستعجالات تتكشف شيئا فشيئا أبرزها الحقرة والذل والمهانة والتسيب وغياب المراقبة وغيرها من المشاكل التي تظهر جليا، وفي كل مرة نقف على هذه الممارسات التي لا تمت بصلة للمعاملة الإنسانية الطيبة أبطالها ملائكةالرحمة، ممرضات أو عاملات نظافة أو حتى أعوان أمن، تنقلت »أخبار اليوم« إلى مصلحة الاستعجالات ووقفت على مدى تدني مستوى الخدمات بهذه المصلحة الطبية والجراحية لمستشفى مصطفى باشا بالعاصمة جراء الفوضى والنقص الفادح للعناية بالمرضى وانتهاج سياسة المهانة والحقرة من طرف الأطباء والممرضين، خصوصا في الفترات الليلية أين تعرف هذه المصلحة توافدا كبيرا للمرضى الذين يجبرون على الانتظار لساعات من أجل أن يحظى العليل بمعاينة من طرف الطبيب رغم حالته الاستعجالية والتي لا يمكنه الانتظار لوقت طويل يصارع الآلام، إلا أنه يبقى ملقى بين زوايا أجنحة هذه المصلحة الشبح، حسب تعبير بعض المرضى النزلاء على المصلحة المذكورة. ووسط هذا التسيب والإهمال رفع هؤلاء المرضى شكاويهم عبر »أخبار اليوم« إلى مديرية الصحة للولاية وهذا بعد زيارة هذه الأخيرة للمصلحة، والتقت هؤلاء الذين أكدوا لنا في حديثهم أنهم مجبرون في غالب الأحيان على الذهاب إلى العيادات الخاصة لتفادي اللامبالاة والإهمال والتسيب الذي يعد السائد بهذه المصلحة، وأعرب هؤلاء المواطنون الذين تحدثوا معنا عن استيائهم الشديد من عدم توفير هذه المصلحة لأدنى الشروط الضرورية للعناية الطبية، وحسب هؤلاء فإن التحاق المريض بذات المصلحة يزيد من معاناته وتأزم حالته الصحية والنفسية جراء عدم تلقيه أي عناية أو اهتمام من طرف القائمين بذات الرواق، وما زاد من امتعاض هؤلاء هو النقص الفادح الذي تعرفه المصلحة في خدمات الإسعاف أين يجد المواطنون أنفسهم مجبرين على تدبر أمرهم لنقل مرضاهم، بعد أن يتم فحص المريض ويتم إرساله إلى مصلحة الكلى على سبيل المثال أو مصلحة أخرى، فأهل المريض عليهم تدبر أمر هذا الأخير وتوفير وسيلة نقل تابعة لهم، وإن بادرت بالسؤال عن سيارة إسعاف يكون الرد أنها معطلة أو في مهمة رغم أن هذا من مهام عمال المصلحة، غير مبالين بتأزم حالة المريض بعد نقله في سيارة غير مجهزة لإسعافه في حدوث أية مضاعفات، يحدث هذا في غياب الرقابة التامة للمسؤولين والطاقم الإداري. وأثناء تواجدنا بالمصلحة شد انتباهنا بعض المواطنين الذين كانوا يتألمون بشدة والطبيبة المداومة تتبادل رنات الموسيقى أو الفيديوهات مع صديقاتها دون أن تعير هؤلاء المرضى أي اهتمام بما يصارعونه من أوجاع وأنين من شدة الألم، إلا أنهم لا يجدون سبيلا سوى الانتظار أمام باب غرفة الطبيبة التي من المفروض أن تكون حملا وديعا في الرأفة على هؤلاء المرضى، وبعد انتظار طويل تمكنا من الدخول إلى قاعة الفحص الطبي أين تفاجأنا بوجود طبيبة رفقة إحدى الممرضات يعبثن بالهواتف النقالة دون إعارة المريض الذي كنا برفقته أي اهتمام، ثم قامت بالنهوض من الكرسي بتماطل بعد سؤال المريض عن حالته الصحية وهل لديه مرض معين يعالج عليه من قبل وبعد معرفة أسباب الوجع ودوافعه أرسلته مباشرة إلى مصلحة الكلى دون معاينته. وأمام هذه الممارسات والتسيب الذي يعاني منه نزلاء قسم مصلحة الاستعجالات بمستشفى مصطفى باشا ناشد هؤلاء المواطنون الجهات الوصية على رأسها وزير الصحة بالنظر إلى انشغالاتهم والحد من معاناتهم بتسليط المراقبة على عمال المصلحة الذين يعبثون بأعصاب المرضى ويضربون معاناتهم وآلامهم عرض الحائط، وتحسين أوضاع المستشفى سيما ما يتعلق بالخدمات وتوفير طاقم طبي كفؤ خصوصا بالنسبة للمداومين ليلا الذي يؤدون مهامهم بضمير مهني حي.