رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: مجزرة بيت لاهيا إمعان في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني ونتيجة للفيتو الأمريكي    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    أيام إعلامية حول الإثراء غير المشروع لدى الموظف العمومي والتصريح بالممتلكات وتقييم مخاطر الفساد    توقرت: 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    منظمة التعاون الإسلامي: "الفيتو" الأمريكي يشكل تحديا لإرادة المجتمع الدولي وإمعانا في حماية الاحتلال    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    فلسطين: غزة أصبحت "مقبرة" للأطفال    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    يد بيد لبناء مستقبل أفضل لإفريقيا    التزام عميق للجزائر بالمواثيق الدولية للتكفّل بحقوق الطفل    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بحث المسائل المرتبطة بالعلاقات بين البلدين    حج 2025 : رئيس الجمهورية يقرر تخصيص حصة إضافية ب2000 دفتر حج للأشخاص المسنين    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    الجزائرية للطرق السيّارة تعلن عن أشغال صيانة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يثمن الالتزام العميق للجزائر بالمواثيق الدولية التي تكفل حقوق الطفل    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الجزائر تشارك في اجتماع دعم الشعب الصحراوي بالبرتغال    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    تكوين المحامين المتربصين في الدفع بعدم الدستورية    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    رئيس الجمهورية يشرف على مراسم أداء المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية اليمين    سعيدة..انطلاق تهيئة وإعادة تأهيل العيادة المتعددة الخدمات بسيدي أحمد    أمن دائرة بابار توقيف 03 أشخاص تورطوا في سرقة    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    فايد يرافع من أجل معطيات دقيقة وشفافة    حقائب وزارية إضافية.. وكفاءات جديدة    القضية الفلسطينية هي القضية الأم في العالم العربي والإسلامي    تفكيك شبكة إجرامية تنشط عبر عدد من الولايات    انطلاق فعاليات الأسبوع العالمي للمقاولاتية بولايات الوسط    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



“سيدي الرئيس، مستشفياتنا مريضة وهي بحاجة إلى جراحة استعجالية”
“الفجر” تجوب المستشفيات العاصمية وتنقل أنين المرضى إلى القاضي الأول للبلاد
نشر في الفجر يوم 29 - 03 - 2010

صطفى باشا واجهة للرداءة الطبية في عهد الجزائر المستقلة - السكانير وضبظ مواعيد العمليات ب “المعريفة” وسيارة الإسعاف لنقل كل شيء إلا المرضى - أبركان : إصلاح الصحة هو عقلانية التسيير وترشيد الاستغلال - قسنطيني : القطاع الصحي بالجزائر في وضع خطير - خياطي : كارثية المستشفيات دليل على فشل الخارطة الصحية
رغم الملايير التي تضخها الدولة لتأسيس منظومة طبية حديثة تستجيب لاحتياجات مواطنيها، إلا أن قاصدي المؤسسات الصحية لم يلمسوا أي أثر يرفع من مستوى التكفل الصحي، لاسيما بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، الذي تحول إلى عنوان لرداءة الخدمات الصحية، تتحكم فيه البيروقراطية واللامسؤولية والترويج للقطاع الخاص بجل أقسامه، وهو حال معظم المستشفيات العاصمية، كزميرلي شرق العاصمة، ومايو بغربها، ما جعل المواطنين ينددون بصوت عال عبر منبر “الفجر” ويصرخون “سيدي الرئيس، مستشفياتنا مريضة بحاجة إلى عملية جراحية استعجالية “، إنها ذات الصرخة التي نطقت بها لجنة قسنطيني.
إذا كان لإطارات الصحة ومديري المؤسسات الاستشفائية وزارة بأكملها تدافع عن مصالحهم، وإذا كان للأطباء ومستخدمي سلك الصحة نقابات يستعرضون من خلالها عضلاتهم وينقلون عبرها انشغالاتهم بلغة الاضراب والوعيد والتهديد، وإذا كان للطبقات الميسورة فرصة التطبيب بالعيادات الأجنبية والخاصة، فإن المرضى البسطاء لا يجدون أية وسيلة أو قناة لنقل معاناتهم اليومية مع المؤسسات الصحية باختلاف تخصصاتها، خاصة أمام موجة الاضطرابات التي تجتاح القطاع في المدة الأخيرة، وكان ضحيتها الأول والأخير المواطن البسيط.
ومن هنا، جاءت فكرة هذا الاستطلاع الذي أرادت من خلاله “الفجر “ الوقوف على واقع القطاع ونتائج إصلاحاته، ونقل انشغالات الفئات المغبونة بكل أمانة وصدق إلى الجهات الوصية، خاصة وأن قاصدي المستشفيات لم يلمسوا أثرا لتطوير المنظومة الصحية، التي التهمت ملايير الدولارات من خزينة الدولة في قوانين المالية للسنوات الأخيرة، لعدة عوامل، أهمها سيطرة البيروقراطية بمختلف المصالح الصحية، البزنسة على حساب صحة المرضى، ضف إلى ذلك ضعف التسيير وانعدام المراقبة وإسناد مسؤوليات لأشخاص ليسوا أهلا لها.

مصلحة الأشعة تتعطل يوميا في أكبر قسم لجراحة العظام
البداية كانت بمستشفى سليم زميرلي بشرق العاصمة، وهو أحد أكبر المستشفيات الوطنية المتخصصة في جراحة وطب العظام. دخلنا المستشفى في صباح يوم ممطر، توجهنا مباشرة إلى مصلحة الاستعجالات التي كانت تعج بالمرضى، أغلبهم من أصحاب إصابات الكسور وضحايا إرهاب الطرقات، تقابلها قاعة كبيرة لأصحاب المواعيد والمراقبة الدورية ونزع الجبس ..الخ، أول ما استفسرنا عنه هو سبب هذا الاكتظاظ، هل هو يومي وإن كان له علاقة بالإضراب الذي يشنه موظفو القطاع، غير أن عون أمن الاستقبال قال: “المشهد روتيني والسبب أن كل الحالات المستعصية للكسور تحول إلى زميرلي، ضف الى ذلك أغلب الضحايا هم من حوادث المرور وما أكثرها يوميا تحول الى هذه المصلحة”.
وبينما كنا بالمصلحة، كان عدد الوافدين يتزايد بين الحين والآخر وسط صراخ الأطفال والنساء من هول الحوادث التي يتعرضون لها في غياب أدنى شروط الاستقبال، كالمقاعد وأسرة المرضى المتحركة، باستثناء واحدة تقليدية لا تستجيب لإصابات مثل الكسور في مناطق حساسة.
وما زاد من تذمر المرضى، هو شلل المصلحة، في وقت كانت تشير عقارب الساعة الى حدود العاشرة ونصف صباحا بسبب تأخر التحاق الأخصائي بمكتبه، وكانت مجمل إجابات أصحاب المآزر البيضاء والبذلات الزرقاء لا تخرج عن نطاق “خطيني، الأطباء المكلفون بالفحوصات لم يلتحقوا بمناصبهم بعد، استفسروا عند رئيس المصلحة ...الخ “، هذا الأخير الذي لم يظهر له أثر.
وحسب تصريحات العديد ممن كانوا بعين المكان ل “الفجر” فإن هذا المشهد يتكرر يوميا دون محاولات تحسين الأوضاع رغم الشكاوى التي تتهاطل يوميا على إدارة المستشفى، حيث قال عبد القادر، 39 سنة، أصيب بحادث مهني في ورشة نجارة بالكاليتوس جعله يتردد يوميا على فحوصات المراقبة الطبية بنفس المصلحة: “هذه الفوضى هي بسبب الأعطاب المتكررة لجهاز الأشعة، ضف الى ذلك تماطل الطاقم الطبي، وأمام هذا الوضع لا يجد المكلفون أمامهم سوى تحويل المرضى إلى مصالح أشعة الخواص بالقبة وبئر مراد رايس وبسعر لا يقل عن دج”.
وحسب شهادات العديد من المرضى، فإن إدارة المستشفى لا توفر حتى سيارة إسعاف لنقل الحالات الاستعجالية إلى مصالح الأشعة، مكتفية بتوجيه المريض نحو مكان ركن أصحاب سيارات “الكلونديستان” بموقف المستشفى، وهو ما وقفنا عليه مع شخص أخر يعاني إصابة خطيرة في ساقه، حين أمره الممرضون بالإسراع إلى عيادة الخواص لإجراء الفحوصات والأشعة لدى الخواص قبل تضييع الوقت، وما يزيد الوضع تأزما للحالات الاستعجالية امتناع سيارات الحماية المدنية عن انتظار المريض أو التكفل بنقله إلى مصالح أخرى، وهو ما وقفنا عليه بنفس المستشفى، حيث دخل شاب في نزاع مع فرقة الحماية المدنية رفضت تحويل والدته الى مستشفى بارني بحسين داي.
مصطفى باشا .. الكارثة الكبرى والمعاناة تبدأ من المدخل
مستشفى مصطفى باشا الجامعي، الذي كان يضرب به المثل الأعلى في مستوى التكفل الصحي على المستوى الإفريقي بعد الاستقلال وبإمكانيات بسيطة موروثة عن العهد الاستعماري، يزداد حاله الكارثي من يوم لآخر، حسب ما أفاد به العديد من المرضى وبعض منتسبيه من العمال خلال جولة استطلاعية قادتنا تحت “قبعة الجواسيس” لأن مهمة الإعلامي داخل هذه المؤسسة مرفوضة، وإذا انكشف أمره فإنه يضيع ساعات أمام الإدارة العامة لطلب رخصة المدير العام، وهو ما حدث تماما صائفة 2007 لما كنت في نفس المهمة إثر موجة حر كانت تجتاح العاصمة.
وكان أول مشهد كاف للوقوف على نمط التسيير الكارثي لأكبر مجمع صحي بالجزائر امتلاء المواقف المخصصة للسيارات من قبل أشخاص لا هم من المرضى ولا هم من الفريق العامل بالمستشفى، ما يتسبب في عراك وحرب كلامية يومية بين حاملي الحالات الاستعجالية وأعوان الأمن الداخلي، بالإضافة الى رجال الشرطة، كما يتسبب في انسداد الحركة المرورية بداخله، وحسب ما كان يتلفظ به شرطي فإن “الوضعية تتحملها الإدارة التي رخصت لمن هب ودب، خاصة تجار البازار المحاذي للمستشفى، باستعمال الموقف وتتركنا نحن نواجه الغليان والسب والشتم من ذوي المرضى”، وما إن يسلك حامل المريض من المدخل حتى يدخل في متاهات أخرى نترك لكم اكتشافها رويدا رويدا...
سيارات الإسعاف لنقل الأغراض الشخصية إلا المرضى
البداية كانت بمصلحة الاستعجالات، التي كانت هي الأخرى تكتظ عن آخرها، أول ما رصد هو لجوء إدارة المستشفى الى توظيف أعوان لا يحسنون التعامل مع المرضى ولو بالكلمة الطيبة، وهو ما حدث مع مرافق مريض كان في أوج هيجانه بسبب امتناع إدارة المستشفى عن توفير سيارة إسعاف ترجع مريضه إلى أحد بلدية احمر الأعين بتيبازة، علما أنه يعاني داءي السكري والقلب، حسب ما كان يردده أثناء إلحاحه وتوسله، إلا أنه لم يوفق في طلبه وهدده الأعوان بمناداة الشرطة، وكأنه لص أو مجرم، وكانت الصورة المأساوية كافية لإثارة فضول البحث عن الأغراض التي تستعمل فيها سيارات الإسعاف التي تدعمت بها المستشفى مؤخرا، والتي كانت تجوب بهو المستشفى، ليجيبنا مصدر من مصلحة الجراحة العامة، طلب عدم الكشف عن هويته وإلا يواجه متاعب مهنية، قال وهو يقسم بأغلظ الإيمان:
“مستشفى باشا تدعم بعدد لابأس به من سيارات الإسعاف مؤخرا، وهي مجهزة داخليا بأحدث التقنيات، استعملت مرارا وتكرارا في أغراض شخصية لا علاقة بمهامها، كنقل مرضى من أقارب مسؤولي الإدارة بين ولاية وأخرى، كما استعملت في جنائزهم أيضا، اسألوا السائقين يؤكدون لكم ذلك”، والأكثر من ذلك، حسب نفس المصدر، هو لجوء بعض المسؤولين بالمستشفى إلى الترويج لمؤسسات النقل الصحي التي يملكها الخواص بالعاصمة وسط المرضى من خلال توزيع بطاقات المعلومات إلى جانب التشهير بالعيادات الخاصة، لاسيما تلك التي يديرها أصدقاؤهم، وهي المهمة التي تطرح أكثر من علامة استفهام وشكوك، هذا الوضع يؤدي إلى قضاء العديد من المواطنين، لاسيما أولئك الوافدين من خارج العاصمة لياليهم في العراء، وما يستاء له، حسب شهادات أحدهم من بلدية الشبلي، تعرضهم للطرد حتى من قاعات الانتظار في ساعات متأخرة من الليل.
ولأن قسم الاستعجالات من الأقسام الهامة في أي مستشفى، فقد سمحت لنا جولة أخرى بنفس المستشفى في حدود الساعة العاشرة ليلا بالوقوف على حجم المعاناة، حيث كان القسم مهملا، تحيط به الأوساخ وبقايا وسائل الجراحة وقطرات الدم في الأرض دون أدنى مبالاة، ولا يحمل قسم استعجالات باشا من المصلحة سوى الاسم، حسب تعبير العديد من المواطنين، حيث أوضح كمال، الذي كان برفقة ابنته المصابة بحمى: “وجود طبيب واحد مناوب لمئات الحالات الاستجالية”، وعن نوعية التكفل أضاف “صراحة، لقد فحص الطفلة أطباء طلبة والطبيب المناوب كأنه يتصدق علينا”.
ومن النقاط السوداء التي تحسب على استعجالات باشا الجامعي، هو غياب أو تغيب أدنى الوسائل، كأكياس طرح البول - أكرمكم الله - وهو ما وقفنا عليه مع حالة الشيخ قويدر، 71 سنة، جيء به من الحميز لمعاناته في المسالك البولية، حيث تفاجأ مرافقوه بانعدام الكيس، ودون حياء دلوهم على الصيدلي المناوب بشارع حسيبة بن بوعلي.. حقنة “التيتانوس” هي الأخرى لا توفرها المصلحة، حيث طلب من شاب لا يتجاوز 22 سنة إحضارها، ولما استفسر عن الأمر، رد عليه الممرض مزمجرا وأمام الحضور “تحب اشكي اشكي أحنا ماعندنا مانديرولك”.
الصيدلية المركزية توفر كل كبيرة وصغيرة لمستشفى باشا ولكن.. ؟
قال مصدر من الصيدلية المركزية للمستشفيات، رفض الكشف عن اسمه ل “الفجر”: “مستشفى باشا الجامعي يحظى بالأولوية في التزود بالأدوية المختلفة، كما ونوعا، لكل مصالحه وأقسامه، لاسيما مصلحة الاستعجالات”، وذهب محدثنا الى أبعد من ذلك عندما قال “أتحدى أي مسؤول في هذا المستشفى أن يكون يفتقد للأدوية والعتاد شبه الطبي الضروري”، كما لم ينف نفس المصدر لجوء بعض موظفي هذه الأقسام الى سرقة هذه الأدوية وبيعها للعيادات الخاصة، خاصة وسائل الجراحة والمحاليل المختلفة والقفازات الجراحية، مستدلا على ذلك بما عالجته العدالة مؤخرا مع موظف من مستشفى القبة بالعاصمة، ويبقى الوضع مستمرا على حاله في ظل استمرار التعمد في تغييب الرقابة.
السكانير لأصحاب “الكتاف” وتذبذب في برمجة العمليات
يعتبر مستشفى مصطفى باشا من المؤسسات الصحية القليلة المجهزة بجهاز أشعة “سكانير”، لكن وجوده كعدمه، حسب تعبير العديد من طالبي خدماته، لاسيما أولئك الذين يقصدون إجراء تحاليل بناء على رسائل من مختلف المستشفيات. وحسب شهادة بوعلام.ز، 51 سنة، فإنه يتردد يوميا على مدار أسبوع كامل على أمل إجراء أشعة لزوجته، لكنه لم يتمكن من ذلك، وكانت إجابات القائمين على المصلحة تصب في أنه موقف يعود لخلل تقني، ليتساءل بكل براءة “هل الخلل التقني يحدث لما يتعلق الأمر بي ولمثلي الذين ليس لهم معارف داخل إمبراطورية مصطفى باشا؟”، مضيفا أنه شاهد اليوم عددا من الأشخاص أجروا الأشعة وبوساطة من معارفهم بالمستشفى، وهو ما أقرت به موظفة بالمصلحة، التي قالت “العديد من الأخصائيين الخواص يلجأون الى هذه المصلحة لإجراء أشعة سكانير على مرضاهم وبوساطة من بعض زملائهم المسؤولين بالمصلحة، لكن لمن تقرأ زبورك يادواد، أتدري أن الإدارة لا تجهل مثل هذه الأمور؟”.
ومن النقاط السوداء بالمستشفى التلاعب بمواعيد العمليات الجراحية دون الظفر بتاريخ محدد يخضع له المريض لعملية جراحية، ليدخل في دوامة الذهاب والمجيء، وهو ما حدث لبلقاسم، الذي يعاني من “كيست”، روى لنا معاناته التي بدأت في ديسمبر الماضي عندما قرر طبيبه إجراء تدخل جراحي عاجل، ولكن منذ ذلك التاريخ أصبح المتحدث يأتي أسبوعيا إلى المستشفى من منطقة عين بسام بالبويرة، على أن يعود دون إجراء العملية بسبب تبريرات مختلفة، منها انشغال الطبيب بمهمة خارج الوطن، انعدام سرير، حالات مستعصية أولية...الخ، فيما برر الكثير من أقارب المرضى المصابين بالحنجرة والكبد الذي تحدثت إليهم “الفجر” بمستشفى باشا، أن الإدارة ترفض إجراء عمليات جراحية لذويهم بحجة غياب احتياطي الدم الخاص بزمرهم في بنك المستشفى، لاسيما زمرة “أو”.
وحسب تصريحات مصادر عليمة ل “الفجر”، فإن احتياطي دم المستشفى الذي يجمع عبر تبرعات المواطنين هو الآخر طالته البزنسة، الانتهازية، والمحسوبية، مؤكدين تسجيل العديد من التدخلات لتحويل أكياس الدم إلى مستشفيات أخرى ولفائدة مرضى بعيادات خاصة أيضا وبعلم المسؤول الأول عن إدارة المستشفى، ما يطرح أكثر من سؤال حول مصير احتاطي الدم الذي تجمع من تبرعات الجزائريين.
السرطان ينخر والبيروقراطية تأتي على ماتبقى من صبر بباشا
كانت الساعة تشير تماما إلى التاسعة والنصف صباحا في يوم موال بمصلحة مكافحة السرطان بمستشفى باشا الجامعي، حين دخلت “الفجر” للوقوف على سير المصلحة، أول ما يمكن استخلاصه هو أن السرطان أصبح يحتل صدارة الأمراض المزمنة بالجزائر، لاسيما لدى فئتي الأطفال والنساء، من خلال الآلاف من الوجوه التي كانت تصطف في طابور بالمصلحة، وهي الوجوه التي رسمت عليها كل ملامح المعاناة .. دقت الساعة العاشرة ولم يشرع بعد في استقبال المرضى، اقتربنا من سيدة جاءت من ولاية المدية برفقة ابنتها المصابة بورم سرطاني في الدماغ، فقالت “منذ السادسة صباحا وأنا هنا ولم نجد من يوجهنا أو يرشدنا “، وما هي إلا لحظات حتى شرعت مكاتب التحاليل والفحوصات في استقبال المرضى لكن بمعايير لا أخلاقية تتحكم فيها البيروقراطية والتدخلات الشخصية... وبينما كان الجميع ينتظر دوره، جاءت شابة من الوجوه التلفزيونية الرمضانية برفقة ممرضين، لم تنتظر كغيرها من البشر حتى أدخلت لمكتب التحليلات، لتعطي إشارة اندلاع فوضى ومناوشات كلامية ليجيب الممرض المرافق إنه “يطبق حرفيا توصيات المدير”.
سيدة أخرى من مليانة بولاية عين الدفلى، قالت والدموع تملأ عينيها “ابنتي ابتليت بداء السرطان ومنذ 4 أشهر وأنا آتي من مليانة الى العاصمة دون أن أجري “الشيميو” هذا هو حال من ليس له وسطاء بهذه المصلحة”، مضيفة “هؤلاء وأمثالهم هم من ينتقصون منا حب بلدنا، ولم يبق أمام رئيس الجمهورية سوى التدخل العاجل لإجراء عملية استعجالية للمؤسسات الصحية نفسها التي تعاني ورما سرطانيا خبيثا”. ورغم أننا لم نتمكن من دخول مصلحة الاستشفاء الداخلي للسرطان، إلا أن الأصداء التي وصلتنا توحي بسوء حال القاعات، لاسيما بالطابق الأخير، حسب تصريح أحد الممرضين بالمصلحة، فيما قال محمد، الذي تقبع زوجته بنفس المصلحة، إن القاعات المخصصة تعرف العديد من النقائص خاصة ماتعلق بالنظافة والتهوية، إضافة الى الاكتظاظ، ولأن القائمين على المستشفى لا يهمهم سوى إرضاء مسؤوليهم ولو بالكذب والنفاق، روى لنا ولي أحد النزلاء أنه لم ينس سهر المدير على طلاء المصلحة وتوسله للمرضى بعدم إحراجه أمام وزير الصحة في أحد زياراته الأخيرة للمصلحة التي تزامنت ومناسبة العيد.
هذه هي الرداءة التي آل اليها مستشفى مصطفى باشا التي وقفنا عندها وسمعنا عنها طيلة 4 أيام بتجولنا بمختلف أروقته، وما خفي منها قد يكون أكبر وأعظم.
مستشفى مايو بباب الوادي لا يقل سوءا
مستشفى لامين دباغين بباب الوادي، “مايو “ سابقا، هو الآخر أوضاعه ومستوى التكفل بأقسامه لا تقل سوءا عن سابقيه، لاسيما بقسم الاستعجالات واستعجالات العيون والجراحة العامة، ويكفي أنك تدخل استعجالات المستشفى لتعرف مدى تطور الجريمة بالشارع الجزائري وأحيائه الشعبية من خلال صور توافد ضحايا الاعتداءات خاصة بالأسلحة البيضاء، محاولات الانتحار والاعتداءات على الأصول تحت تأثير المخدرات.
ويبقى الأمن داخل هذه المصلحة هاجس الطاقم العامل بها، لاسيما من قبل الطبيبات والممرضات، لاسيما وأن الكل يتذكر مأساة الصيف الماضي عندما وقعت معارك بالأسلحة البيضاء بداخله. وإذا كانت مصلحة الاستعجالات العامة قد عرف بعض التحسينات، فإن المواطن لايزال يعيش جحيما بمصلحة استعجالات طب العيون كانعدام الأطباء دون أي تحرك من قبل الوصاية، وفي هذا الصدد وقفت “الفجر “ بذات المكان على شبه جريمة عندما جيء بطفل لا يتجاوز عمره 11 سنة في حالة مستعجلة جراء إصابة كادت تفقأ عينه، وأمام هذه الحالة كانت المصلحة دون طبيب، قيل حسب العاملين بها بأنه الأخصائي الوحيد على مستوى المصلحة، ويشرف حاليا على حصة تطبيقية مع الأطباء الجامعيين، وما يتذمر له قاصدو المصلحة، حسب ما وقفنا عنه، لجوء الممرضين الى تقدير الإصابة، وفي هذا الصدد قال أحدهم لطالب فحص بكل وقاحة “حالتك ليست استعجالية وعليك بزيارة عيادة خاصة”.
وما وقفنا عليه بالمستشفى أيضا لجوء الادارة الى غلق جميع دورات المياه في وجه قاصدي مختلف المصالح بسبب لجوء بعض الإطارات للاستنجاد بمنظفات المستشفى لخدمة منازلهم أو مكاتبهم خارج المستشفى، حسب ما أدلى به مصدر موثوق من المستشفى.
قسم الجراحة العامة بالمستشفى، وحسب الشهادات التي وقفنا عليها بعين المكان، يعرف هو الآخر تذبذبا في برمجة العمليات الجراحية، ما جعل البعض منهم يتنازل عنها نهائيا، وهو حال عبد العزيز، الذي قال إنه مل الذهاب والمجيء منذ 7 أشهر دون أن تجرى له العملية المقررة على مستوى البطن بعد فشل الأولى بنفس المستشفى. ومن النقائص التي يعاني منها نزلاء الجراحة العامة، خاصة أولئك التي تبعد مقرات عائلاتهم عن المستشفى، سوء الوجبات الصحية، المتمثلة في خضر مسلوقة، حسب تعبير أحدهم، بالإضافة إلى إلزام النزلاء بإحضار أفرشتهم الخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.