فجأةً ودون سابق إنذار تَخرُج من أطفالنا ألفاظ تُشعِرنا بالخجل أمام أهلنا وأقاربنا ومجتمعنا وتُزمْجِر الأم ويغضب الأب ويتم معاقبة الطفل على هذا اللفظ البذيء ويحتار الأبوان:من أين اكتسب هذا الطفل هذه الألفاظ؟! وكيف نتعامل معه حين يقولها؟! خاصةً إن أصرَّ على قولها عنادًا للأهل. هي مشكلة سلوكية لدى أبنائنا يشتكي منها الكثير من الآباء ويُحمِّلون المدرسة أو المجتمع أو الإعلام أو غيرها سببَ تداوُلِ هذه الألفاظ بين أبنائهم. نتساءل أين يكتسب الأطفال هذه الألفاظ؟ وما التعامل الأنسب حينما يَتَحَدَّث طفل بلفظ بذيء؟وما سُبلُ الوقاية لئلا يكتسب أطفالنا هذه الألفاظ؟. البيئة لها دور يؤكد المختصون أن للبيئة دورًا في اكتساب الأطفال هذه الألفاظَ النابيَةَ فلا شك أن الأسرة تُعتَبر المؤثرَ الأول في حياة الطفل فمنها يتعلم اللغة ويتشرَّب القيم الثقافية والاجتماعية وعندما يصبح الطفل في المراحل الأولى من الاعتماد على الذات بعد أن يستطيع المشيَ والتَّواصُل اللغوي مع دائرة أوسع من الأسرة يبدأ باكتساب عادات سلوكية جديدة قد تكون دخيلة على الأسرة ويبدأ بتقليد الألفاظ والكلمات التي يرددها الآخرون بشكل أعمى دون وعي بمعانيها. وتشكِّل الألفاظ النابية أحدَ مكتسبات الطفل من بيئته المحيطة لكنَّها من الأمور السلبية المؤرِّقة للأسرة والتي تَستَهجن بدورها هذه الألفاظَ مُحاوِلةً تخليصَه منها وتُعتَبر القدوةُ السيئة بالأسرة والمخالطةُ الفاسدة في الشارع والمدرسة ووسائلِ الإعلام - أهمَّ مصادرِ اكتساب هذه الألفاظ. وقد بينت إحدى الدراسات الأوروبية: أن 80 من الأطفال في سنِّ المدرسة يتعرضون للألفاظ السيئة من زملائهم كالسخرية بشكل مباشر والإهانات الكلامية أو التهديد بالضرب . تعامل الأهل مع الألفاظ البذيئة وليس أحرَجَ على الأبوين وأحزَن على قلبَيْهما من أن يتلفَّظ ابنُهما بألفاظ بذيئة أمامهما أو أمام الغرباء فيشعُرانِ بالحرج وتكون ردَّةُ فعلهم الغضبَ ولكن: ماذا بمقدور الوالدين أن يعملوا في هذه الحالة؟ في البدء لا بد من معرفة الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك حيث إنَّه يُمثِّل نصف العلاج: - فإن كان من الأسرة فعلى الوالدين أن يكونا قدوة حسنة فالأسرة هي المؤثر الأول. - إذا كان مصدر الكلام البذيء هو أحدَ الأقران ولأوَّل مرَّة فيُعْزل عنه فترةً مؤقَّتة وفي نفس الوقت يُغَذَّى الطفل بالكلام الطيب كبديل عن هذه الألفاظ ويُحذَّر من الكلام السيئ حتى يَترُكه وإذا عاد للاختلاط فإنه سيكون موجِّهًا ومُرشِدًا للطفل الآخر. - أمَّا إذا كانت الكلمات البذيئة قد تأصَّلت عند الطفل فيُسْتَخدم معه أساليب الثواب والعقاب. - إحلال السلوك القويم محلَّ السلوك المرفوض ويكون ذلك بالبحث عن مصدر وجود الألفاظ البذيئة في قاموس الطفل إذ إن الطفل جهازُ محاكاة للبيئة المحيطة فهذه الألفاظ التي يقذفها هي محاكاة لما قد سمعه من بيئته المحيطة: الأسرة الجيران الأقران الحضانة. - الإدراك أن طبيعة تغيير أيِّ سلوك هي طبيعة تدريجيَّة فلا نتوقع أن يتخلَّص الطفل من هذه الألفاظ بسرعة لكن المهمَّ التدخلُ بشكل سريع عند ظهور هذا السلوك قبل تفاقُمِه إضافة إلى التحلِّي بالصبر والهدوء في علاج الأمر. - مكافأة الطفل بالمدح والتَّشْجِيع عند تعبيره عن غضبه بالطريقة السويَّة. - إن لم يستَجِب الطفل بعد 4 أو 5 مرَّات من التنبيه فلا بد من المعاقبة بالحرمان من شيء يحبُّه. - تعليم الطفل نوعَ الكلام الذي تحبُّه كأب وتقدره ويُعجِبُك سَمَاعه على لسانه أبْدِ إعجابَك به كلما سَمِعْتَه منه وعبِّر عن ذلك الإعجاب بمثل: يُعجِبُني كلامُك الهادئ هذا .هَذَا جَمِيلٌ منك . تجنَّبْ كَلِمَات مثل:أنت غبِيٌّ كسلانُ ولا تصلح لشيء .كلمات السبِّ واللَّعن. - مناداته بأسماء الحيوانات حتى لو كانت على سبيل الفكاهة فيوجد بلغتنا العربية آلافُ الكلمات الإيجابية التي يمكن استخدامها كبديل. على الآباء وفي اللحظات التي تحدث فيها هذه الألفاظ عَلَى الوالدَينِ أن تكون رُدُودُ فعلِهما كما يلي: - عدم الضحك من الكلام الذي أطلقه الطفل فالضحك يدفعه إلى التكرار لأن التهريج في هذا العمر يريحه كما أن الحشمة لا تعنيه. - قد يكون التجاهُل في البدء خيرَ علاج خصوصًا لأطفال من (2 إلى 4) سنوات إذا لم تؤثر هذه الألفاظ على الآخرين ولم تجرح مشاعِرَهم إذ قد يكون الطفل ممن يُحبُّون استثارة الوالدين ولَفْتَ أنظارهم فيفرح بذلك ويصرُّ على هذه الكلمات عند غضبهم وكأنه حقق هدَفَه - قد يطلب من الطفل أحيانًا غسل فمِه بالماء والصابون بَعْدَ التلفُّظ بالكلمات النابية تَعبِيرًا عن تنظيف لِسَانه من هذه الألفاظ. -إظهَار رَفْض الوالدين واستيائهما لهذا السلوك وذمّه علنيًّا وَقَد تكون إيماءَةٌ بسيطة من الأب أو تعابير وجه الأم - كفيلةً بالتعبير عن الغضب لهذا السلوك.