للمساهمة في ترقية السياحة المحلية عين تكرية .. موقع أثري في حاجة إلى تثمين بتيسمسيلت يعتبر موقع عين تكرية المتواجد بإقليم بلدية خميستي بولاية تيسمسيلت من بين أهم وأبرز الأماكن الأثرية التي تزخر بها المنطقة غير أنه يظل في حاجة ماسّة إلى تثمين حتى يساهم في ترقية السياحة الثقافية بالجهة. يوسف. ت يبقى موقع عين تكرية الذي يبعد عن مدينة خميستي ب1 كلم ويتواجد بوسط منطقة غابية بالقرب من الطريق الوطني رقم 14 الرابط بين بلديتي خميستي وتيسمسيلت غير مستغل من الناحيتين العلمية والسياحية فضلا على العوامل الطبيعية التي أثرت عليه بشكل سلبي كما أن هذا الموقع الأثري قد صنّف سنة 2010 ضمن حظيرة الممتلكات الثقافية الوطنية إلا أنه لم يخضع منذ ذلك الحين إلى تثمين حقيقي واستغلال من شأنه ترقية السياحة الثقافية بالولاية. ويرجع بناء هذا الموقع الأثري الذي أطلق عليه الرومان كلمناطة إلى أواخر القرن الثاني وبداية القرن الثالث ميلادي حيث يعد من بين المعسكرات والحصون التي أنشئت من طرف الجيش الروماني وذلك لتضييق الخناق على المقاومة المورية بالمنطقة التي كانت تتخذ من جبال ومرتفعات الونشريس حصونا لها حسب المختص في علم الآثار والمهتم بتاريخ المواقع الأثرية بالولاية عبد القادر دحدوح. وقد كان الموقع يحتوي بالإضافة إلى المنشآت المعمارية العسكرية هياكل مدنية أخرى كالحمامات وقبور جنائزية لكنها اندثرت إلى جانب مهم منها حيث استعملت حجارتها في بناء مدينة بورباكي (خميستي حاليا) في العهد الاستعماري كما يحتوي ذات الموقع حاليا على بقايا المعبد الذي يعد معلما جنائزيا كانت تقدم فيه القرابين للآلهة حسب المعتقدات الدينية آنذاك. وقد بقي من ذلك المعبد عمود لازال قائما إلى يومنا هذا في مكانه الأصلي. كما يحتوي الموقع كذلك على مقبرة تضم 40 قبرا فضلا على بقايا حجرية مختلفة لأعمدة وأفاريز وغيرها وقطع فخارية مختلفة الأشكال والأحجام والأغراض. وأبرز دحدوح أن عدد من الباحثين الأثريين قد عثروا على كتابات أثرية لاتينية يجهل موضع وجودها مع المؤكد أنها نقلت من مكانها في عهد الاستعمار الفرنسي إلى المتاحف الفرنسية داعيا إلى نفض الغبار عن هذا الموقع الأثري الهام من خلال تجسيد مخطط لتثمينه على المدى المتوسط وذلك عن طريق إطلاق حفريات بداخله بهدف معرفة أبرز المكتشفات الأثرية التي يزخر بها كاشفا ذات المختص أنه قد قام خلال السنوات الماضية بدراسة عملية ميدانية لعديد المواقع الأثرية بولاية تيسمسيلت ومن ضمنها موقع عين تكرية الذي بينت الدراسة بأن أهم معالمه الأثرية مردومة في باطن الأرض لذلك فإنه يستدعي مخططا للتثمين والحماية.
مساعي لتثمين الموقع الأثري عين تكرية ومن جهتها تسعى المديرية الولائية للثقافة في الوقت الراهن إلى تثمين هذا الموقع الأثري وحمايته من كل المخاطر التي قد تهدده منها الطبيعية والبشرية حسبما أفاد به مدير ذات الهيئة محمد داهل الذي كشف أن مديريته وبالتعاون مع مصالح بلدية خميستي قد سطرت برنامجا لتثمين هذا المكان الأثري والذي ستشرف على تجسيده قبل نهاية السنة الجارية حيث يشمل إطلاق أشغال تهيئة واسعة لهذا الوقع من خلال انجاز سياج لحمايته ومسالك للزوار فضلا على توفير ألواح توجيهية وتعريفية للهياكل والمنشآت التي يتوفر عليها كما يتضمن ذات البرنامج كذلك إطلاق عملية واسعة للحفريات على مستوى هذا الموقع وذلك بإشراك عدد من المختصين في علم الآثار من عدة جامعات من الوطن بما يساهم في نفض الغبار عنه واستغلاله من الناحية العلمية فضلا على ترقية السياحة الثقافية بالجهة. وسيتم بالمناسبة تنظيم زيارات بيداغوجية دورية إلى ذات الموقع لفائدة تلاميذ المؤسسات التربوية والمنخرطين بالمرافق الشبانية والطلبة الجامعيين وكذا الباحثين في علم الآثار والتي سيتم خلالها تقديم شروحات حول هذا المكان الأثري كما ستبرمج أيضا لقاءات وأيام دراسية علمية ستسلط الضوء على هذا الموقع الأثري لاسيما من الناحية الأكاديمية من تأطير أساتذة وباحثين من مختلف جامعات الوطن. وتهدف ذات المديرية من وراء هذا البرنامج إلى تحويل هذا الموقع إلى أهم المزارات الأثرية السياحية بالمنطقة. كما يندرج ضمن الاستراتيجية الجديدة المنتهجة من قبل وزارة الثقافة الرامية إلى استغلال وتثمين فعلي وناجع للمواقع الأثرية المصنفة ضمن حظيرة الممتلكات الوطنية.