لأول مرة، وهو في أغلال السجن الاحتياطي، اعترف جمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، بأنه كان يسعى لتولي رئاسة مصر، ولكنه زعم أن ذلك سيحدث "كمواطن عادي وليس كابن الرئيس"، غير أنه تراجع عندما لاحظ أن الشعب لا يريده خلال مظاهرات ثورة 25 يناير التي كان من شعاراتها رفض توريث الحكم. وفي تفاصيل التحقيقات مع جمال وشقيقه الأكبر علاء في الاتهامات الموجهة لهما بالفساد وبالتحريض على قتل المتظاهرين والتي نشرتها صحيفة "المصري اليوم"، قال جمال إنه خلال المظاهرات تحدث مع والده، وطالبه بالخروج إلى المواطنين والتحدث معهم، وأبلغه بأنه لا يريد أن يحكم مصر طالما الشعب لا يريده: "صحيح كنت أنوى ترشح نفسي للانتخابات، لكن كمواطن عادى، وليس لأني ابن الرئيس، ومن حقي كمواطن أن أترشح والقرار الأخير كان سيكون للشعب". وكان حديث توريث الحكم من حسني مبارك، الذي حكم مصر لمدة 30 عاما، إلى ابنه جمال ملء السمع والبصر في مصر ما قبل ثورة 25 يناير، خاصة مع تعيين الابن أمينا عاما للجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم، التي يقال إنها كانت الغرفة الحقيقية التي تخرج منها القرارات في كل شئون مصر، ومن داخلها يتم اختيار الوزراء والمسؤولين في المناصب الهامة. نفي تورط الأب وأضاف جمال أنه كان قريباً جداً من أبيه وقت الأزمة، وأن اجتماعات كانت تدور يومياً حول الأحداث، ونفى إصدار الرئيس السابق أي أوامر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وعلى العكس - حسبما قال جمال- فإن مبارك كان دائماً يطلب وزير الداخلية، حبيب العادلي، ضبط النفس وعدم استخدام القوة مع المتظاهرين. وقال جمال إن أباه كان يتلقى تقارير كل 5 دقائق تقريباً عن الأحداث، وأنه تحدث مع أعضاء فى القوات المسلحة وطلب منهم النزول إلى الشارع لحماية المواطنين، وأن أباه كان يجتمع مع زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وآخرين، وتناقش معهم حول قرار التنحي، وأنه كان يصر على ترك الحكم إلا أنه كان يخشى تحوُّل البلاد إلى الفوضى. وسألته النيابة عن التحريات التى تقول إنه أعطى تعليمات لرجل الأعمال المقرب منه أحمد عز، أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني، ورجل الأعمال المحبوس، إبراهيم كامل، بضرورة تشكيل جماعة من أنصار الحزب الوطني الحاكم وقتها، وتجميعهم للخروج فى مظاهرات لتأييد الرئيس السابق، كما واجهته النيابة بما جاء فى التحريات بشأن طلبه من حبيب العادلى أن ينهى تلك المظاهرات بأي شكل من الأشكال، حتى لو اضطر إلى إطلاق الرصاص عليهم، فرد جمال بقوله: "إن هذا الكلام ليس له أى أساس من الصحة، ولا يوجد أى دليل عليه". عمولات وشراكات وإلى جانب التحقيق في التهمة الخاصة بالاشتراك في جرائم قتل المتظاهرين، فإن التحقيقات شملت قائمة اتهامات أخرى تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ، ومنها الحصول على عمولات من وراء تصدير الغاز إلى إسرائيل بثمن بخس، وغيره من صفقات، وتدخله هو وأخيه في برنامج سداد ديون مصر، والدخول في شراكات إجبارية في بعض التوكيلات التابعة لشركات أجنبية في مصر. وفيما يتعلق بالحصول على عمولات جراء إتمام بعض الصفقات، مثل تصدير الغاز لإسرائيل رد جمال بأن صفقة تصدير الغاز لإسرائيل كانت ضمن اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل، وبنودها كانت "واضحة": "لم أكن موجوداً فى مصر وقت توقيعها، كما أن تلك الصفقة يسأل عنها وزير البترول". وأضاف جمال: "ليس صحيحاً ما يتردد بشأن تدخلي لإقناع والدي بما اقترحه رجل الأعمال الهارب حسين سالم بشأن الإبقاء على السعر المتفق عليه وعدم زيادته مقابل حصول سالم على عمولات من وراء ذلك". كما نفى جمال أنه أجبر أى رجل أعمال على دخوله كشريك فى التوكيلات التى حصلوا عليها لشركات أجنبية فى مصر، وقال إن رجال الأعمال موجودون، وبعضهم داخل السجن الآن، ويمكن سؤالهم عن ذلك. أما علاء مبارك فأكد على موافقته على كل ما قاله جمال فى التحقيقات، غير أنه نفى علمه بما كان يدور داخل قصر الرئاسة بشأن التعامل مع المتظاهرين، ونفى استغلال سلطات والده مقابل الحصول على منافع شخصية بالمخالفة للقانون، وقال إنه لا يوجد دليل مادى واحد ضده فى كل تلك الوقائع المنسوبة إليه. وكان المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام، قرر فى 13 أفريل الجاري حبس الرئيس السابق ونجليه جمال وعلاء احتياطياً على ذمة التحقيقات لمدة 15 يوماً، تم تجديدها لاحقا، وتم نقل جمال وعلاء إلى سجن مزرعة طرة في القاهرة، بينما وضع الرئيس السابق - الذي قرر النائب العام الأحد الماضي، تجديد حبسه كذلك 15 يوماً - تحت الحراسة فى مستشفى شرم الشيخ الدولي، بسبب حالته الصحية. كما قرر النائب العام إحالة مبارك ونجليه للتحقيق أمام جهاز الكسب غير المشروع فى اتهامات تتعلق باستغلال النفوذ وتضخم الثروة، وأفاد مصدر قضائى بأن التحقيقات مع مبارك وابنيه لاتزال مستمرة ولم تنته بعد.