نظمت جمعية أبي اليقظان الفتية التابعة لعشيرة البلات بالجزائر العاصمة، نهاية الأسبوع الماضي، احتفالية الذكرى ال38 لرحيل عميد الصحافة الوطنية الشيخ أبي اليقظان ابراهيم بن عيسى الذي ناضل بقلمه السيال بتأسيس ثماني جرائد وقام بمصادرتها الإستعمار الفرنسي ،وكما يعتبر أول جزائري أسس المطبعة العربية وهي مطبعة حديثة آنذاك سنة1931 وهذا رغم الصعوبات التي اعترضته طيلة حياته في عمله الصحفي. ولم تبق كتابات عميد الصحافة الجزائرية تنشر فقط في جرائده الثمانية بل نشرث في العديد من الجرائد والمجلات منها الفاروق والإقدام بالجزائر،المنبر والإرادة بتونس،والمنهاج بالقاهرة.حيث تم تقديم مداخلات حول هذه الشخصية عشية الإحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير من طرف عدة دكاترة حضروا هذا اللقاء. الدكتور بوحجام يغوص في أعماق فكر أبي اليقظان أوضح الدكتور محمد ناصر بوحجام المشرف العام على هذا البرنامج الثقافي أن الشيخ أبي اليقظان كانت رسالته عالمية أكثر من أن تكون محلية واستشهد قوله بما قاله عميد الصحافة الوطنية قائلا:"رسالتي إنسانية ليست يقظانية أو مذهبية" وكما أشار الدكتور إلى أن حياته وعمله الصحفي على وجه الخصوص مبني على عدة ابتلاءات تعترض نضاله وكفاحه الإعلامي والسياسي ماتركه نلمس الألم في مقالاته ومن أقواله "الألم يحرك العزائم"،مضيفا الدكتور بوحجام أن فكرالشيخ أبواليقظان يشتمل على عدة ميزات ساهمت في بناء شخصيته والتأثير على المجتمع الجزائري وهي الإعتزاز بالشخصية،الشجاعة في اتخاذ المواقف، النظرة الشاملة في البناء، والصبر في الشدائد. ابتلاءات الشيخ أبي اليقظان وصبره وفي كلمته نوه الدكتور محمد ناصر أن الشيخ أبي اليقظان مدة85 سنة نموذج للمؤمن المبتلى الصابر وتنوعت ابتلاءاته بين النفس والإخوان والجسم ومسائل الصحافة حيث عرف ب"التيس النطوح" دليل على صبره الشديد أمام العراقيل والصعوبات التي تلاحقه،وذكر الدكتور بعض من هذه الإبتلاءات لعميد الصحافة الوطنية إذ وفي بداية مشواره الإعلامي اصطدم بصعوبات في الطبع والنشر والتوزيع مع قلة الإمكانيات بالإضافة إلى التحقيقات التي يخضع إليها كل حين من طرف البوليس الفرنسي وعلاوة على هذا الصحافة العميلة التي لاحقت صحافته فلقبته بأسوأ الألقاب وحاولت تشويه سمعته أمام المجتمع الجزائري والإسلامي لكنها لم تستطع ذلك، ويعرف عند الشيخ أبي اليقظان اهتمامه الشديد بتطوير التعليم بوادي ميزاب لكنه اصطدم بعاصفة قوية من المعارضة لأفكاره،حيث دخل رائد الصحافة الوطنية ميادين مختلفة للعمل قصد سد حاجياته فباع ثيابه وتاجر بالتمر وجلس في الأسواق لبيع الحطب. كفاح الشيخ أبي اليقظان ضد الاستعمار الصليبي أكد الدكتور الحاج موسى على أن كفاح الشيخ أبي اليقظان تنوع بين الثقافي والصحفي والسياسي فأبرز كفاحه ضد الغزو الثقافي الإستعماري وهذا بمحاربته الجهل واهتمامه الشديد بالتربية والتعليم لما له من تأثير وأهمية في كل وقت وخاصة الفترة الإستعمارية،وكما قاد الشيخ أبي اليقظان أول البعثتين للطلبة الميزابيتين إلى تونس،حيث أشار ذات الدكتور أن أبي اليقظان نوه من خلال كتاباته الصحفية عن خطر المدارس الإستعمارية الفرنسية وماتبثه من سموم وتحاول طمس الإسلام والعروبة وتمجيد أوروبا ومبادئ علمائها،وكما حذر عن الإنسلاخ من الجنسية الإسلامية والدخول في الجنسية الفرنسية بمعنى الإعتراف بفساد الشريعة الإسلامية وعدم الإلتزام بها،والإعتراف بصلاحية التشريع الفرنسي الوضعي والإلتزام بأحكامه عليه وعلى ذريته من بعده.أماعن كفاحه الصحفي يضيف نفس المتحدث أن الشيخ أبي اليقظان بدأ جهاد الكلمة من تونس وإصدار كتاب"إرشاد الحائرين" حيث أشار إلى أن جرائد الشيخ أبي اليقظان عرفت الصراحة والنقد والثبات فأثارت سخط السلطات الفرنسية في الجزائر ومن أبرز المواضيع التي تناولها أبو اليقظان في جرائده صرخته الداوية للعلم ونقد بعض الأغنياء الذين بطرتهم النعمة فتعدوا حدود ما أنزل الله، وكما تطرق إلى مسائل الإقتصاد كالتجارة مثلا ومعالجة بعض القضايا العلمية، بالإضافة إلى إبراز قيمة هذا الوطن العزيز وانتقاد سلوكات الإدارة والوقوف على الأخلاق السامية وغيرها من المواضيع التي تركت أثرا بالغا في نفوس القراء. أما فيما يخص كفاحه السياسي فقام بترسيخ التوحيد والثبات على المبدأ ومقاومة التنصير وفضح مخططات اليهود. لتبقى مثل هذه الشخصيات التي صنعت تاريخ الجزائر ببطولاتها مسؤولية على شباب اليوم في الإقتداء منها وجعلها مرجعيات في حياتهم في ظل العولمة التي تحاول طمس آثار العلماء والمثقفين ويكون حينئذ الشباب المسلم يفتقد إلى قاعدة يبني عليها آراءه ويؤسس من خلالها لمستقبله، ويرجع بعض المختصين جهل أغلبية الشباب لهؤلاء الرجال المناضلين لأجل الإسلام والوطن والعروبة إلى المناهج التربوية محملين المسؤولية الكاملة على عاتق المنظومة التربوية في الجزائر. أصداء من الاحتفالية - سرد الأستاذ حدبون صالح مشهدا تاريخيا حضره رفقة الشيخ أبي اليقظان ومفدي زكريا وهذا الأخير في زيارة خاصة للمحتفى به وهو طريح الفراش فسأله مفدي عن مرضه فأجابه أبواليقظان بأن الله أعطى له الكثير وأخذ منه القليل،فقال له مفدي زكريا ماذا أعطاك؟؟قال عقلي في رأسي وإيمان في قلبي ويدي اليمنى تكتب. - نوه الدكتور أحمد بيوض لأهمية الندوة حول صحافة أبي اليقظان خاصة في وقت يشهد إهمال الشباب لمرجعيات أمته ومثل هذه الشخصيات والمحطات التي مروا منها. - وعد الدكتور محمد صالح ناصر الجمهور بنشر وثائق ورسائل أبي اليقظان على موقع الكتروني خاص لتعم الفائدة و تكريس نضال مثل هذه الشخصيات الجزائرية. - طالب الدكتور أحمد بيوض من الدكتور محمد ناصر بوحجام عن البحث والدراسة في موضوع مفهوم حرية الصحافة وأخلاقياتها عند أبي اليقظان. - أشار رئيس جمعية أبي اليقظان الفتية بالعاصمة على أن هذه الإحتفالية عمل تحضيري للذكرى الأربعين من وفاة عميد الصحافة الجزائرية.