طالما شاهدنا في الشوارع أولياء سامحهم الله وهم يجرُّون فلذات أكبادهم وينهرونهم وعادة ما يكون هؤلاء الأبناء من ذوي الإعاقات الحسية والحركية الذين يتعذر عليهم التنقل والمشي بصفة طبيعية مما يزيد من معاناتهم وهم يتعرضون إلى تلك المواقف المخجلة، والتي يتجسد فيها عجزهم أمام أقرانهم، ما يحرجهم ويجعلهم في مواقف لا يُحسدون عليها، ولطالما شهدت طرقاتنا وشوارعنا تلك السيناريوهات، وتلحق تلك المعاملة السيئة بهؤلاء المغلوبين على أمرهم من البيوت إلى الشوارع في طريقهم إلى الطبيب أو المدرسة أو أي مكان آخر. وتعد العينات التي جرت وقائعها على مستوى الأرصفة والطرقات أكبر شاهد على ذلك، بحيث تتم معاملة هؤلاء المعاقين الصغار أسوأ معاملة من طرف أبائهم وأمهاتهم، وكأن لذلك المعاق دخلاً في الحالة التي هو عليها وليست بمشيئة القدر، فنجدهم يصرخون في وجوههم ويجرونهم بأقصى قوة. وإن كانت تلك هي المعاملة التي يحظون بها خارج المنزل وأمام الأغراب، فيا ترى ما هي المعاملة التي تلحق بهؤلاء الأبرياء في المنازل؟ وما كشفه الواقع هو أن أغلبية هؤلاء لا يحظون بمعاملة حسنة، أضف إلى ذلك الظروف المزرية التي يعيشونها في ظل عدم توفر الإمكانيات التي تخفف عنهم كربهم كالكراسي المتحركة مثلا إلى غيرها من اللوازم التي هم في حاجة ماسة لها، وفوق كل ذلك تزيد تلك المعاملات غير اللائقة التي تلحقهم من طرف أقرب الناس إليهم حالتهم سوءاً على سوء. ذلك ما اصطدم به أغلبية الناس على مستوى الشوارع كونها تشهد يوميا مثل تلك السيناريوهات العجيبة والغريبة التي يتلقاها بعض المعاقين، لاسيما الصغار منهم من طرف ذويهم، ذلك ما عايشناه مؤخرا على مستوى مقاطعة المرادية، حيث كانت إحدى الأمهات تجر ابنها الذي لا يتعدى سنه 7 سنوات، والذي كان يعاني من إعاقة حركية في أطرافه السفلى أعجزته عن المشي بصورة طبيعية، وكان يعاني كثيرا وهو يمشي، وما زاد من معاناته هو المعاملة السيئة من أمه والتي كانت تطالبه بأن يقوِّم مشيه، وكأن الأمر بيده أمام الملأ مما جعل الكل ينظرون إليها نظرة استغراب وتعجبوا للموقف خاصة بعد أن تأكدوا أن الطفل يعاني من إعاقة حركية على مستوى الرجلين، وكان يحاول المشي بصعوبة كبيرة وتهامسوا على تلك الأم التي لم ترحم فلذة كبدها وهو على تلك الوضعية المحرجة التي لا يد له فيها. وما هو جارٍ في الشوارع ما هو إلا القليل من الكثير في ظل المعاملة السيئة التي يقابل بها أغلبية هؤلاء المعاقين من طرف أهاليهم بعد أن شكلوا عالة لهم ورأوا أنهم في موقع الضحية والمعاق المسكين في خانة المتهمين، لاسيما وأن وضعيته أجبرتهم على تحمل مسؤوليته والتكفل به والتي يرونها عبئا ثقيلا زاد من معاناتهم، ضاربين معاناة الطفل المعاق عرض الحائط خاصة وأن معاناته مضاعفة، فهو يعاني من الإعاقة ومن المعاملة السيئة التي تلحقه من أغلب أفراد العائلة بدءا من الوالدين وإلى غاية الإخوة والأخوات، كون أن الكل يثقلون بتحمل عبئه دون أدنى مراعاة لمشاعر الإنسانية أو حتى علاقة الدم القوية التي تربطهم بالمعاق. وما لمسناه من واقعنا أن هناك حتى من يستعملون التعنيف مع تلك الفئات خاصة أولئك الذين يعانون من إعاقات ذهنية، ولحق الأمر ببعضهم حتى إلى ضرب المتميزين منهم بسلوكات عدوانية ضربا مبرحا لتأديبهم متناسين أنهم في مواجهة أبناء فاقدين للإدراك والتمييز.