مساهمة: الشيخ أبو إسماعيل خليفة الصحة عافاني الله وإياكم من أجلّ نعم الله على عباده وأجزل عطاياه وأوفر منحه بل العافية المطلقة من أجلّ النعم على الإطلاق فحقيقٌ بمن رزق حظا من التوفيق مراعاتها وشكرها والعمل على حفظها ووقايتها وعدم الإقدام على أيّ سلوك أو تصرّف يؤدي إلى التفريط فيها أو تبديلها أو تغييرها. قال تعالى: وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد . إبراهيم: 7. وللأسف تتوالى على البشر في هذه الأزمنة المتأخرة أمراض وأوبئة من حيث لم يكونوا يحتسبون يخشون فتكها ويحاذرون ضررها. وهنا دقّت وزراة الصحة الجزائرية ناقوس الخطر في خبر قال فيه مدير الوقاية في وزارة الصحة الجزائرية جمال فورار في مؤتمر صحافي يوم الخميس 24082018: أن شخصا يبلغ من العمر 46 سنة توفي في ولاية البليدة بعد إصابته بوباء الكوليرا. ولقد سجّلت السلطات الصحية حتى الآن إصابة 41 شخصا بالوباء بعد فحص 88 حالة تم نقلها إلى المستشفيات . وكشف ذات المصدر أن خريطة الوباء تشمل 4 حالات في العاصمة الجزائر و20 حالة في ولاية البليدة إضافة إلى 6 حالات في ولاية البويرة و11 حالة في ولاية تيبازة وعلى إثر هذا أعلنت وزارة الصحة الجزائرية أنها وضعت المستشفيات في حالة طوارئ تحسبا لاستقبال حالات إضافية من المصابين . ويذكر المختصون في علم الأوبئة أن مرض الكوليرا هو مرض خطير وأعراضه تتمثل في الإسهال المتكرر لأكثر من 20 مرة في اليوم إضافة إلى التقيؤ بصفة مستمرة والإلتهاب المعوي الحاد. نسأل لله العافية للجميع.. أيها الكرام: والإسلام ربط الأسباب بمسبباتها وناط النتائج بمقدماتها وليس في الوجود شيء أعزّ من الصحة ولا أدلّ على ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقد سأله العباس بن عبد المطلب قال: قلت يا رسول الله: علمني شيئا أسأل الله عزّ وجل؟ قال: سل الله العافية فمكثت أياما ثم جئت فقلت يا رسول الله: علمني شيئا أسأله الله عز وجل؟ فقال يا عباس يا عمّ رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة . رواه الترمذي. وعليه..فعلى المفتقر إلى الصحة أن يسعى وراءها بكل ما أوتي من قوة وعلم وعلى المتمتّع بها أن يحتفظ بها كل الإحتفاظ وأن يباعد بنفسه عن الأمراض المعدية عملا بقوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة . وشرّ المهلكات أمراضٌ تتفشّى وعدوى تنتشر. وفي هذا الشأن شدّد المدير العام لمعهد باستور البروفيسور حرّاث على ضرورة التزام المواطنين بتدابير الوقاية تجنبا لانتشار وباء الكوليرا كما أكد على ضرورة تجنّب استهلاك مياه الآبار والصهاريج والخزانات مطمئنا سكان المناطق المعنية بسلامة مياه الشرب الموزعة من قبل المؤسسة الجزائرية للمياه (سيال). وأكّد في ذات السياق على ضرورة حرص المواطنين وخاصة سكان المناطق المعنية بالوباء على تعقيم الخضر و الفواكه إلى جانب الحرص على تنظيف الأيدي بالمعقمات أكثر من مرة في اليوم الواحد تفاديا لانتقال الوباء على اعتبار أن النسبة الأكبر لأسباب انتقال العدوى تكون عن طريق ملامسة الأيدي. أيها الأحبة: والإسلام يعترف بالأسباب المادية المعتادة للأمراض وفقا لسنن الله الجارية في الخلق فهو يقرّ العدوى بوصفها سببا من أسباب نقل المرض قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: فرّ من المجذوم فرارك من الأسد . بل إن من روائع ما جاء به الإسلام وسبق به فكرة العزل والحجر الصحي في حالة انتشار الأمراض المعدية. وفي هذا الشأن وردت أحاديث كثيرة.. فالواجب على الجميع محاربة هذه الأمراض والأوبئة المهلكة بكل الوسائل التي يرشدهم إليها الموثوق بهم من إجراءات الوقاية لأنه إذا كانت الكوليرا قدرا من الله للمعرّضين للإصابة والعدوى من جراء المحيط أو طبيعة العمل أو إهمال شروط الوقاية فالوقاية والتداوي قدرٌ مثلها. واسمعوا إلى هذه المحاورة الممتعة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الصحابي الجليل أبي خزامة قال قلت: يا رسول الله أرأيت رقىً نسترقي بها ودواءً نتداوى به وتُقاة وقايةً نتقيها هل تردّ من قدر الله شيئا؟. قال صلى الله عليه وسلم: هي من قدر الله . رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم. فالله.. الله.. في صحتكم فلا تهملوها وفي صحة الناس فاحفظوها وفي نصائح أهل الذكر والمتخصصين فنفذوها. فقد جعل الله لكل شيء سببا ولكل داء دواء. جاء في الحديث: ما أنزل الله داءً إلا أنزل شفاء . رواه البخاري ومسلم. هذا.. وبكلمات الله التامات نعوذ من شر ما خلق وبرأ. ونسأله العافية من كل بلية والشكر على العافية والشفاء لجميع مرضى المسلمين ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله.