كلّما تعقّدت وتشابكت خيوط الأزمة اللّيبية المتعدّدة الجوانب كلّما بدت بعض خيوط مستقبل هذا البلد الشقيق الذي يعيش محنة أليمة نخشى أن يكون ما سيعقبها أكثر إيلاما بالنّظر إلى السيناريوهات التي تفرضها الأحداث الحالية· وفي ظلّ تمسّك كلّ طرف من الأطراف الثلاثة لمعادلة الأزمة اللّيبية القذافي و"النّاتو" والمجلس الانتقالي بموقفه واستماتته في الدفاع عنه، فإن ليبيا تبدو أمام احتمالين لمستقبل لا يبدو مشرقا· ويلاحظ، للأسف الشديد، أن الشعب اللّيبي الشقيق يبدو خارج معادلة الأزمة تماما، فهو إمّا ضحّية لما يحدث يدفع الثمن عاجلا وآجلا وإمّا متفرّج على ما يحدث ينتظر ما ستؤول إليه الوقائع المرّة التي يشهدها بلده· وأمّا الاحتمالان المرشّحان بقوّة للاستئثار بالمشهد اللّيبي مستقبلا فهما: إمّا بقاء القذافي في الحكم ونجاحه في الصمود لمدّة طويلة جدّا، وهو احتمال نعتقد أنه لا يخدم مصلحة الشعب الليبي لأنه يواصل منح مبرّرات التدخّل الأجنبي للطامعين في ثروات ليبيا، وفي هذه الحالة سيكون طبيعيا استمرار الكرّ والفرّ بين كتائب القذافي وكتائب المجلس الانتقالي، وكذا استمرار غارات ما يسمّى بالتحالف الغربي التي لا تفرّق بين مدني ومسلّح·· فكلّ ما على الأرض اللّيبية هدف ل "النّاتو"، سواء كان نفطا أو آلية عسكرية أو شخصا يتحرّك· والاحتمال الثاني المتمثّل في تنحّي أو مقتل القذافي لا يتيح مستقبلا أفضل للشعب اللّيبي، حيث يضعه على أعتاب وضع مماثل لوضع العراق اليوم، على أن تؤدّي فرنسا في ليبيا دور أمريكا في العراق ويؤدّي عبد الجليل ومن معه في ليبيا دور المالكي ومن معه في العراق·· لك اللّه يا ليبيا·· ولك اللّه يا شعب ليبيا، فما بيد العرب والمسلمين حيلة غير "التيليكوموند" لتعقّب الأخبار عبر فضائيات التضليل والتهويل·