قرارات قاتلة في اشهر قليلة ** عشية الذكرى الخامسة والعشرين لتوقيع اتفاقات أوسلو وبعد عامين على انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة أعلنت وزارة خارجيتها عن قرار جديد ضمن مساعيها لتصفية القضية الفلسطينية وتطبيق الرؤية الصهيونية بالكامل في ظل رفض فلسطيني رسمي وشعبي وصمت عربي وتلعثم دولي. ق.د/وكالات كرر مستشار الأمن القومي جون بولتون وفي معرض تبرير القرار الأمريكي إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن كيل الاتهامات للفلسطينيين وجدد هجومه على محكمة الجنايات الدولية مستخدما التهديد والوعيد. بالتزامن وفي بيان رسمي لها أعلنت الخارجية الأمريكية إغلاق الممثلية الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن بعد نحو ثلاثة عقود على افتتاحها. رسميا زعمت الخارجية الأمريكية في بيانها أن واشنطن سمحت لمنظمة التحرير الفلسطينية بالقيام بنشاطات بهدف التوصل إلى سلام دائم بين دولة الاحتلال والفلسطينيين ولكنها لم تقم بخطوات للدفع ببدء مفاوضات مباشرة وذات أهمية مع الاحتلال . في معرض تبيان ذرائعها للانحياز الأمريكي العدواني على الشعب الفلسطيني وقيادته أشارت الخارجية الأمريكية أيضا إلى أن قيادة منظمة التحرير شجبت خطة السلام الأمريكية (صفقة القرن) قبل الاطلاع عليها ورفضت التعاون مع الحكومة الأمريكية فيما يتعلق بجهود السلام. كما نوهت إلى أن القرار المذكور يتماشى مع الإدارة الأمريكية ومخاوف الكونغرس من المحاولة الفلسطينية لتعجيل التحقيق مع دولة الاحتلال في المحكمة الجنائية الدولية. ووصف مستشار الأمن القومي في البيت الابيض جون بولتون هذه المحكمة المكلفة خاصة بمحاكمة المسؤولين عن جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية بأنها غير فعالة وعديمة المسؤولية وحتى خطيرة . وقال في مداخلة ألقاها أمام منظمة فدراليست سوسايتي المحافظة في واشنطن في كلامه عن المحكمة الجنائية الدولية في حال استهدفتنا هذه المحكمة أو استهدفت دولة الاحتلال أو حلفاء آخرين لنا لن نقف مكتوفي الأيدي معلنا عن سلسلة من الاجراءات المحتملة من بينها عقوبات تستهدف العاملين في المحكمة. وتابع بولتون سنمنع هؤلاء القضاة والمدعين العامين من دخول الولاياتالمتحدة. سنستهدف أملاكهم بعقوبات في إطار النظام المالي الأمريكي وسنطلق ملاحقات بحقهم عبر نظامنا القضائي . وبقرارها هذا تصعد الولاياتالمتحدة بقيادة ترامب الانحياز الفاضح لجانب الاحتلال والمتمثل بثمانية قرارات خطيرة أبرزها نقل السفارة للقدس المحتلة الاعتراف بها عاصمة للاحتلال تجفيف وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ووقف المساعدات الأمريكية لمستشفيات الشطر الشرقي من القدسالمحتلة. ومع ذلك ادعت الخارجية الأمريكية أن الولاياتالمتحدة تواصل الاعتقاد بأن المفاوضات المباشرة بين الطرفين هي الطريق الوحيد لتحقيق تقدم . وجاء رد السلطة الفلسطينية على لسان رئيسها محمود عباس الذي قال إن القرار الأمريكي لن يؤثر بشيء على الموقف الفلسطيني. يشار أن الرئيس عباس كان قد استدعى السفير الفلسطيني في واشنطن حسام زملط لرام الله قبل عدة شهور احتجاجا على تبني الرئيس ترامب مواقف صهيونية في مسألتي القدس واللاجئين. كما اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. صائب عريقات أن قرار الولاياتالمتحدة بإغلاق مكتبها في واشنطن هجمة جديدة على العدالة الدولية لافتا إلى أن السلطة ستواصل مسارها في الجنائية الدولية لمواجهة السياسات الأمريكية. كما وصف عريقات هذه الخطوة بالهجمة الأمريكية التصعيدية المدروسة التي ستترتب عليها عواقب سياسية وخيمة في تخريب النظام الدولي برمته من أجل حماية منظومة الاحتلال وجرائمه . عريقات الذي عقد في رام الله أمس الثلاثاء مؤتمرا صحافيا حول العدوان الأمريكي الجديد قال في تصريح صحافي لقد تم إعلامنا رسميا بأن الإدارة الأمريكية ستقوم بإغلاق سفارتنا في واشنطن عقابا على مواصلة العمل مع المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم الحرب وستقوم بإنزال علم فلسطين في واشنطن العاصمة مما يعني أكثر بكثير من صفعة جديدة من إدارة ترامب ضد السلام والعدالة . ونوه عريقات أن الإدارة الأمريكية لا تكتفي بذلك بل تقوم أيضا بابتزاز المحكمة الجنائية الدولية أيضا مضيفا: بإمكان الإدارة الأمريكية القيام باتخاذ قرارات متفردة وأحادية خدمة لليمين الصهيوني المتطرف وبإمكانها إغلاق سفارتنا في واشنطن وقطع الأموال عن الشعب الفلسطيني ووقف المساعدات بما فيها التعليم والصحة لكنها لا يمكن أن تبتز إرادة شعبنا ومواصلة مسارنا القانوني والسياسي وخاصة في المحكمة الجنائية الدولية. وخلص عريقات للقول مرة أخرى لن نستسلم للتهديدات والبلطجة الأمريكية وسنواصل نضالنا المشروع من أجل الحرية والاستقلال مما يتطلب من المجتمع الدولي التحرك فورا للرد على هذه الهجمات الأمريكية ضد شعبنا. وهذا ما أكد عليه رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج في أريحا فور وصوله من رحلة استشفاء في الولاياتالمتحدة فقال إن ذلك لن يؤثر على موقف الجانب الفلسطيني. وتأتي هذه القرارات المتتالية إثر رفض الفلسطينيين ل صفقة القرن التي لم يعلن مضمونها بعد لكن تسريبات كثيرة أكدت أنها تمس مسّا خطيرا بالحقوق الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بمدينة القدس وملفي اللاجئين والاستيطان. إسرائيل التي سبق وهللت لقرارات وضغوط أمريكية سابقة حول اللاجئين والقدس ما زالت رسميا تلتزم الصمت لكن أوساطا غير حكومية تحذر من خطوات ترامب وتعتبرها محاولة لتدمير ما يسمى ب عملية السلام في الشرق الأوسط. من هذه الأوساط حزب ميرتس المعارض الذي حذر من محاولة إتمام صفقة أمريكية بعقلية رجل الأعمال الرئيس وشخوص إدارته المتحمسين للاستيطان وللاحتلال وممارساته بحيث تكون ترجمة لمطالب دولة الاحتلال وحماية لمصالحها. الجامعة العربية: هذا القرار تصفية للقضية الفلسطينية من جهتها استنكرت الجامعة العربية أمس الثلاثاء قرار الإدارة الأمريكية إغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن معتبرة أنه يأتي في إطار هدف تصفية القضية الفلسطينية وإفراغها من مضمونها. وعن القرار الأمريكي قالت الجامعة العربية في بيان لها إنه حلقة في سلسلة ممتدة من الإجراءات والسياسات الأمريكية المُجحفة بحق الفلسطينيين والتي تهدف إلى تصفية قضيتهم وإفراغها من مضمونها . وأضافت: الإدارة الأمريكية الحالية منذ إعلانها الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال في ديسمبر تعمل بشكل كامل لأجندة الاحتلال وتابعت أن جميع الإجراءات الأخيرة مثل قطع التمويل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ووقف المساعدات المقدمة إلى الجانب الفلسطيني تهدف إلى تطويع الإرادة الفلسطينية وهو توجهٌ يعكس قراءةً خاطئةً . واعتبرت الجامعة العربية أن الانتقادات التي توجه للفلسطينيين بالتعنت والتصلب أو رفض المبادرات والحلول المعروضة عليهم ليس لها أي أساس منطقي إذ لم يُعرض على الجانب الفلسطيني إلى الآن أي اقتراحات ذات معالم محددة أو خطط للحل يُمكن النقاش حولها قبولا أو رفضا . كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلنت نوفمبر 2017 قرارها بإغلاق مكاتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن بعد أن طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بفتح تحقيق جنائي ضد دولة الاحتلال لكن وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت لاحقا أنها ستسمح لبعثة المنظمة بمواصلة العمل ضمن مهلة 90 يوما يتم تمديدها قبل أن اتخاذ قرار بإغلاقها . ويرفض عباس التعاطي مع إدارة ترامب منذ قرارها باعتبار القدس عاصمة موحدة للاحتلال ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس كما أعلن مرارًا رفض صفقة القرن الأمريكية التي يقول إنها تسقط القدس واللاجئين وتبقي المستوطنات الإسرائيلية وتعطي دولة الاحتلال هيمنة أمنية . وترفض دولة الاحتلال وقف الاستيطان والقبول بحدود ما قبل حرب جوان 1967 أساسا لحل الدولتين ما أدى إلى توقف مفاوضات السلام منذ افريل 2014.