بعد أن كانت إقامة الأعراس في قاعات الزفاف عرفا لازما لدى أغلب العائلات الجزائرية من باب التقليد والمفاخرة لاسيما العائلات التي تختار أفخم القاعات ولا يهمها الثمن، مالت الكثير من العائلات في الآونة الأخيرة إلى الاعتماد على سطوح المنازل والفيلات وحتى المستودعات العامة التي اتجه مالكوها إلى كرائها بمبالغ معقولة نوعا ما مقارنة بما تتطلبه قاعة الزفاف، هروبا من تكاليف قاعات الزفاف التي أجمع مسيروها عن عدم نزولها عن 14 مليون سنتيم أو 12 مليون سنتيم في أحسن الأحوال، فإلى جانب التكاليف الباهظة التي يتطلبها العرس، أتت قاعات الزفاف هي الأخرى لتشكِّل عائقاً أمام المقبلين على الزواج. صار هناك إجماعٌ لدى أغلب مالكي قاعات الزفاف على أن لا ينزل مبلغ كراء القاعة عن 7 مليون سنتيم، وإذا أضيفت مأدبة العشاء فإن المبلغ سيُضاعف، ويصل إلى 14 مليون سنتيم وينزل عند البعض إلى 12 مليون سنتيم، تلك المبالغ التي لا تتوافق مع القدرة المادية لأغلب العائلات بالنظر إلى محدودية دخلها، مما شكل عائقا خاصة بالنسبة للعائلات التي تعاني من ضيق السكنات والمجبرة على الاستعانة بتلك القاعات، إلا أن أثمانها حالت دون ذلك. ومالت العديد من العائلات إلى إقامة أعراسها بالسطوح بالنسبة لمن يمتلكون سطوحاً على مستوى العمارات أو الفيلات، أما الفئات الأخرى فوجدت سبيلا في كراء المستودعات الواسعة التي خصصها أصحابها لإقامة الأعراس أو كراء قاعات النوادي التي تكون بمبلغ معقول لا يتعدى 20 ألف دينار التابعة للقطاع العام، والتي يعود تجهيزها وتحسين ديكورها لأصحاب العرس، إلا أن أغلب العائلات تفاعلت معها كون أن غرض وهدف العائلات هو الحصول على رقعة واسعة لاستقبال المدعوين. غير أن فئات أخرى وجدت نفسها مجبرة على الرضوخ لتلك الأسعار بعد أن اشترط أهل العروس إقامة عرس ابنتهم في قاعة فاخرة، كون أن العديد من الناس يرون أن إقامة عرس ابنتهم في المنزل أو في السطح أو أي مكان آخر غير قاعة الحفلات فيه تقليل لشأن الفتاة، وإنقاص من قيمتها أمام قريناتها، مما يتوجب على أهل العريس اختيار إحدى القاعات لإقامة العرس وعدم الدخول في متاهات، وهناك من اختاروا حلا وسطا وهو الاشتراك في دفع مبلغ القاعة وإقامة عرس واحد تفاديا للإسراف والتبذير مرتين، خاصة وأن المبلغ المشترط باهظ على أن تكون الأمسية متبوعة بمأدبة عشاء على شرف المدعوين إلى العرس من أهل العريس والعروس. ولرصد بعض الآراء حول الموضوع المثار لاسيما وأننا على مشارف افتتاح موسم الأفراح التقينا بمن هم بصدد التحضير لإقامة عرس، قالت إحدى الفتيات إن معظم القاعات اتفقت على تعجيز العائلات بتلك المبالغ الخيالية التي لم تعد تنزل عن 7 ملايين سنتيم، وما على الزبون إلا مضاعفة المبلغ المدفوع إن أراد إقامة العشاء بنفس القاعة، وقالت إنها حامت على العديد من القاعات على مستوى العاصمة مؤخرا ووجدتها تجمع على تحديد تلك المبالغ، وهناك من بين القاعات التي زارتها من لا ترقى خدماتها إلى المبلغ المشترط، فالفرصة لا تعوض كون أن أصحاب تلك القاعات ينتهزون موسم الأعراس لازدهار مداخيلهم، فيحققون ما لم يحققوه في الشهور الأخرى تزامنا مع موسم الأعراس. وأضافت أنها قررت الاستعانة بأحد النوادي القريب من بيتهم لإقامة عرسها ودفع ربع ذلك المبلغ، فهي تغتاظ من دفع كل ذلك المبلغ لمجرد الاستفادة من بعض السويعات. الكثير ممن تحدثوا إلينا استاءوا من تلك المبالغ التي أضحت تشترطها بعض القاعات وأضحت تثقل كاهلهم، إضافة إلى أعباء العرس الأخرى، وكثير منهم فضل الاستغناء عنها والعودة إلى عادات الزمن الغابر بإقامة الأعراس فوق السطوح ويرونها أن لها نكهة خاصة، واهتدوا إلى ذلك الحل لإكمال نصف دينهم وطرد صورة الشبح التي لازمت فكرة الزواج لدى العديد من الشباب بالنظر إلى تكاليفه الباهظة التي بدأت بعض الأسر تتخلص منها شيئا فشيئا لتسهيل تلك الخطوة.