أكدت وثيقة أعدها جيش الاحتلال على أن السلطات الإسرائيلية سلبت مكانة الإقامة من 140 ألف فلسطيني ومنعت عودتهم إلى الضفة الغربية بين السنوات 1967 – 1994. وكشفت صحيفة (هآرتس) أمس الأربعاء عن الوثيقة التي أعدها مكتب المستشار القانوني لقيادة الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية وتبين منها أن السلطات الإسرائيلية سلبت مكانة الإقامة من 140 فلسطيني بادعاء تواجدهم خارج البلاد لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة. وأضافت الصحيفة أن هؤلاء المواطنين الفلسطينيين فقدوا إقامتهم إلا في حال مددوا صلاحية "بطاقة المغادر" التي حصلوا عليها. وأوضحت الصحيفة أنه تم إعداد الوثيقة بناء على طلب "مركز الدفاع عن الفرد" الحقوقي الإسرائيلي الذي طلب الحصول على المعطيات بموجب قانون حرية المعلومات. وتبين من الوثيقة أنه حتى توقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر العام 1993 كانت الأنظمة الإسرائيلية تلزم سكان الضفة الذين يسافرون إلى خارج البلاد عبر الأردن بإيداع بطاقات هويتهم في معبر الحدود وكانوا يحصلون بالمقابل على "بطاقة مغادر" الذي تسري صلاحيته لمدة ثلاث سنوات وبالإمكان تمديد صلاحيته ثلاث مرات لمدة عام كل مرة. ووفقا للأنظمة التي وضعتها إسرائيل فإنه في حال عدم عودة المواطن الفلسطيني بعد نصف عام من انتهاء صلاحية "بطاقة المغادر" فإن مراقبة الحدود ترسل بطاقة هويته إلى دائرة تسجيل السكان في وزارة الداخلية الإسرائيلية أو دائرة تسجيل السكان المسؤولة عن الضفة. وكان يتمُّ تسجيل أي مواطن فلسطيني لم يعد إلى الضفة بعد ثلاث سنوات ونصف السنة ولم يمدد صلاحية "بطاقة المغادر" على أنه "توقف عن كونه مقيماً". وتوفرت أمام الفلسطيني الذي مكث خارج البلاد لمدة ثلاث سنوات إمكانيتين للعودة إلى الضفة، وقضت الإمكانية الأولى بتمديد "بطاقة المغادر" خلال مدة أقصاها نصف سنة من انتهاء صلاحية البطاقة والإمكانية الثانية هي تقديم طلب إلى "لجنة المتأخرين" لتجديد البطاقة. لكن الوثيقة التي أعدها جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يوجد فيها أي ذكر لإجراء تحذيري أو بلاغ مبكر يتم إرساله للفلسطينيين لتحذيرهم من أن صلاحية "بطاقة المغادر" على وشك الانتهاء والعواقب المترتبة عن ذلك. ونقلت (هآرتس) عن مصادر في "مركز الدفاع عن الفرد" قولها إن المركز كان على علم بوجد هذا النظام لكن تفاصيله وعدد الفلسطينيين الذين سلبت مكانة إقامتهم لم تكن معروفة لدى المركز الحقوقي. وقال أحد الضباط الإسرائيليين الذين تولوا قيادة "الإدارة المدنية" للضفة التابعة للجيش الإسرائيلي خلال سنوات التسعين للصحيفة إنه فوجئ عندما سمع من (هآرتس) عن وجود نظام كهذا. وقال منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بين السنوات 1991- 1995 اللواء في الاحتياط داني روتشيلد إنه سمع للمرة الأولى بشأن هذا النظام من (هآرتس). وشدد روتشيلد على أنه "إذا لم يتم إعلامي بهذا النظام فإنه بالإمكان أن نفهم من ذلك أنه لم يتم إعلام سكان المناطق الفلسطينية بوجوده". وأشارت الصحيفة إلى أنه بموجب معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية فإنه كان عدد سكان الضفة الغربية مليون و50 ألفا في العام 1994 وهذا يعني أن عدد الفلسطينيين الذين يحملون بطاقات هوية كان سيزداد بنسبة 14% لولا نظام إبعاد الفلسطينيين الذين سلبت إقامتهم. ويذكر أن الفلسطينيين الذين هاجروا من الضفة بعد إقامة السلطة الفلسطينية حافظوا على إقامتهم فيها حتى لو لم يعودوا إليها حتى اليوم. وبين الطلاب الذين فقدوا إقامتهم بالضفة طلاب جامعيين أنهوا دراستهم خارج البلاد ورجال أعمال وعمال عملوا في دول الخليج وأقاموا عائلات في الخارج ولذلك فإن عدد الفلسطينيين ونسلهم الذين تم سلب إقامتهم ومنعهم من العودة إلى الضفة يصل اليوم إلى مئات الآلاف. وأشارت (هآرتس) إلى أن قسما من الذين فقدوا إقامتهم قد توفوا إذ أن المعطيات الإسرائيلية تفيد بأنه 30 ألفا من الذين سلبت إقامتهم تجاوزا الآن سن المائة عام، كما أن بضعة آلاف منهم عادوا إلى الضفة بعد إقامة السلطة الفلسطينية كونهم يعملون في أجهزة الأمن الفلسطينية وعائلاتهم. ويبلغ عدد المسجلين اليوم على أنهم "توقف عن كونه مقيم" 130 ألفا وفقا للسجلات الإسرائيلية. وبين الذين تضرروا من النظام الإسرائيلي شقيق كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الذي خرج للدراسة في الولاياتالمتحدة ولم يعد حتى اليوم.